إلى الذين لا تفرق معهم دماء الشهداء ولا تضحيات الجرحى كثيراً بقدر ما تفرق معهم مصالحهم الشخصية المشروعة، إلى الذين مازالوا يسألون لماذا قامت الثورة، ومازالوا يعتقدون أن حسنى مبارك خدم مصر وحقق لها الأمن والاستقرار، أهديهم هذه الأرقام المعترف بها من آخر حكومة للرئيس المخلوع مبارك، والتى اخترتها من نشرة مرصد عدالة التنمية الصادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار الصادرة فى ديسمبر ٢٠١٠، لعلهم يراجعون ضمائرهم قليلا، ويدركون أن هذه الثورة يمكن أن تكون طوق النجاة لمصر، لو تكاتفنا جميعاً حولها وقررنا تطهير جميع جيوب الفساد وبناء مصر على مية بيضا لأول مرة فى تاريخها.
شوف ياسيدى، عند رصد مؤشرات التنمية فى مصر فى ٢٠٠٨/٢٠٠٩ تم اكتشاف الآتى: هناك من بين كل ١٠٠ أسرة: ٥٨ أسرة لا يكفى دخلها احتياجاتها - ٣٦ أسرة يرأسها رب أسرة أمى - ٢١ أسرة يرأسها رب أسرة حاصل على تعليم ثانوى - ١٢ أسرة فقط
يرأسها رب أسرة حاصل على تعليم جامعى - ٥٣ أسرة غير متصلة بشبكة عامة للصرف الصحى (فى أزهى عصور البنية التحتية) - ٤٦ أسرة لا تمتلك تليفوناً أرضياً فى حين تمتلك ٦٣% من الأسر تليفوناً محمولاً على الأقل - ٥ أسر فقط تمتلك سيارة خاصة - ١٨ أسرة تمتلك كمبيوتر - ٤ أسر تمتلك مدخرات بنكية أو دفتر توفير أو شهادات استثمار - ١٠ أسر شهدت تغيرا بالزيادة فى حالتها المادية مقارنة بالعام الماضى - ٥٠ أسرة شهدت تغيرا بالنقصان فى حالتها المادية مقارنة بالعام الماضى - هناك فردان فقيران من بين كل خمسة أفراد طبقا لخط الفقر الدولى (٢.٥ دولار فى اليوم) بنسبة ٤١% من السكان - يسكن فى الريف ٥٩% من إجمالى السكان فى مصر بينما يعيش فيه ٧٩% من الفقراء.
يرأسها رب أسرة حاصل على تعليم جامعى - ٥٣ أسرة غير متصلة بشبكة عامة للصرف الصحى (فى أزهى عصور البنية التحتية) - ٤٦ أسرة لا تمتلك تليفوناً أرضياً فى حين تمتلك ٦٣% من الأسر تليفوناً محمولاً على الأقل - ٥ أسر فقط تمتلك سيارة خاصة - ١٨ أسرة تمتلك كمبيوتر - ٤ أسر تمتلك مدخرات بنكية أو دفتر توفير أو شهادات استثمار - ١٠ أسر شهدت تغيرا بالزيادة فى حالتها المادية مقارنة بالعام الماضى - ٥٠ أسرة شهدت تغيرا بالنقصان فى حالتها المادية مقارنة بالعام الماضى - هناك فردان فقيران من بين كل خمسة أفراد طبقا لخط الفقر الدولى (٢.٥ دولار فى اليوم) بنسبة ٤١% من السكان - يسكن فى الريف ٥٩% من إجمالى السكان فى مصر بينما يعيش فيه ٧٩% من الفقراء.
لاحظ أن أحدث رقم تم إعلانه لنسبة السكان تحت خط الفقر طبقا لتقرير أعلنته القوات المسلحة فى ندوة اقتصادية قبل شهر ونصف يقدر أن الفقراء يمثلون سبعين فى المائة من السكان وهو الرقم الذى أفزع الكثيرين، وأثار تساؤلات حول سر إخفاء هذا الرقم ومدى دقة الأرقام السابقة عليه.
- من بين كل مائة فرد أعمارهم عشر سنوات فأكثر هناك ٢٨ فرداً أمياً - ٢٠ فرداً فقط حاصلون على التعليم الأساسى ٢٥ فرداً حاصلاً على التعليم الثانوى، ومن بين كل مائة فرد بشكل عام هناك ١٢ فرداً يعانون مرضاً مزمناً أو أكثر - من بين كل مائة طفل أقل من ١٨ سنة هناك ٤ يعيشون فى مساكن لا يتوفر لهم فيها مرحاض أو يتوفر مرحاض غير متصل بشبكة صرف صحى أو بيارة أو خزان، و٣ لم يذهبوا مطلقا إلى المدرسة، و١٣ يعيشون فى مساكن ذات أرضية ترابية، و٣ يعيشون فى مساكن لا تتوفر لهم فيها سبل للحصول على المياه إلا من مصدر غير محسَّن أو يستغرقون ثلاثين دقيقة أو أكثر لجلب المياه والعودة.
وفى حين حصل فى عام ٢٠٠٩ أغنى ٢٠ فى المائة من الأفراد على ٤١ فى المائة من إجمالى الاستهلاك، لم يحصل أفقر ٢٠ فى المائة إلا على ٩ فى المائة فقط من إجمالى الاستهلاك. وكان نصيب أغنى ٢٠ فى المائة من الأفراد من إجمالى الاستهلاك يفوق نصيب أدنى ٦٠ فى المائة من الأفراد. وفى ظل أزهى عصور الأمومة والطفولة تكشف الأرقام أن هناك ٢١.٢ فى المائة من الأطفال، أى حوالى ٦ ملايين طفل، محرومين فى أحد هذه المجالات: التغذية - مياه شرب نقية - الصرف الصحى - الصحة - المأوى - التعليم والمعرفة. بينما هناك رقم إيجابى هو أن ٩١.٧ فى المائة من الأطفال ما بين ١٢ - ٢٣ شهرا حصلوا على التطعيمات الكاملة، بينما تصل نسبة الأطفال الأقل من ٥ سنوات الذين يعانون من التقزم إلى ١٤%. وفى نفس العمر يتعرض ١٧.٣ فى المائة من الأطفال للحرمان من الغذاء أو الصحة، ويعانى نصف الأطفال فى ريف الوجه القبلى من أحد أبعاد الحرمان المختلفة.
- أما عند دراسة نسبة الأسر الهشَّة أى المعرضة للوقوع فى دائرة الفقر فقد تم اكتشاف أن نصف الأسر فى الحضر وثلثى الأسر فى الريف لا يكفى دخلها للوفاء باحتياجاتها، وأنه من بين كل عشرة عاملين يعمل ثلاثة أفراد أعمالا غير دائمة. وفى حين تصل نسبة البطالة بين الأميين إلى ٠.٥ % فقط، فهى تصل إلى ١١% بين الجامعيين فى عام ٢٠٠٩ فقط. ١٧% فقط من جميع الأفراد فى مصر مشتركون فى التأمينات الاجتماعية - أقل من نصف الأفراد فى مصر (٤٧%) مشتركون فى التأمين الصحى بدون اختلافات فى الحضر والريف.
وطبقا لمؤشرات أكسفورد التى تقوم بقياس معدلات المعاناة من أنواع الحرمان المختلفة وهى كالآتى (الحرمان من شبكة مياه نقية - الحرمان من شبكة صرف صحى عامة أو خاصة - الحرمان من حوائط صحية - الحرمان من عمل دائم - الحرمان من التعليم الأساسى - التكدس أو وجود ٣ أفراد أو أكثر فى الغرفة الواحدة وأخيرا الحرمان من التأمين الاجتماعى) فإن هناك حوالى ٨٤ فى المائة من المصريين الذين يزيد عمرهم على الخمسة عشر عاما يعانون من شكل واحد على الأقل من أشكال الحرمان، وهناك نسبة ٥٦ فى المائة من المصريين فى نفس العمر يعانون من الفقر المطلق الذى يعنى أن الفرد يعانى شكلين على الأقل من أشكال الحرمان، فى حين يوجد ١٦ فى المائة فقط منهم لا يعانون أى شكل من أشكال الحرمان المحددة سلفا، مما يعنى أن سنوات مبارك كانت أزهى عصور الحرمان.
أرجوك الآن أغمض عينيك وتخيل ما الذى كان سيحدث لو استمرت الأحوال فى مصر على ما كانت عليه من فساد وظلم اجتماعى وتصاعد فى نسب الفقر بشكل مخيف؟ ألا يعد كل ما نشهده الآن من انفلات أمنى بسب تراخى جهاز الشرطة فى أداء دوره أرحم بكثير من ثورة جياع مدمرة تكتسح الأخضر واليابس كانت ستحدث لا محالة فى ظل أرقام مفزعة كالتى قرأناها؟
ألا يجعلنا كل هذا نفهم لماذا اندلعت فى كل شبر مصرى صرخات الأنين التى يسمونها المظاهرات الفئوية والتى لن يجدى معها سوى تصحيح سريع لاختلال هيكل الأجور فى مصر وضبط للإنفاق الحكومى وتفعيل للأجهزة الرقابية وضمان استقلاليتها، طيب عندما تضع بجوار كل هذه الأرقام تلك الأرقام التى أعلنها البنك المركزى قبل أيام وقال فيها إن القطاع المصرفى شهد زيادة ملحوظة فى حجم المدخرات عقب قيام ثورة يناير، حيث زادت الإيداعات فى النقد المحلى بزيادة ٤.٧ مليار جنيه لتصبح فى يوم ١٩ مايو الجارى ٩٤٦.٩ مليار جنيه، بينما زادت الإيداعات بالنقد الأجنبى أكثر من ٢٢.٦ مليار جنيه لتصبح فى يوم ١٩ مايو قيمتها ٢٣٨.٦ مليار جنيه، وفى حين توقع البنك المركزى سحب كميات كبيرة من النقد الكاش عقب فتح البنوك فقد شهدت البنوك تفوقاً فى الإيداعات على السحوبات، حيث سجل صافى الإيداعات فى يوم ٦ فبراير - أول يوم عمل للبنوك - إيداع ٣٠٠ مليار و٢٦٢ مليون جنيه بزيادة ١٠ مليارات و٤٤٨ مليون جنيه على المبالغ التى تم سحبها من قبل المتعاملين مع البنوك،
وعندما تعرف بعد كل هذا أن قروض العملاء التى تمنحها البنوك زادت أكثر من ٤.٤ مليار جنيه رغم حالة الكساد التى تسيطر على السوق لتصل إلى ٤٦٠ ملياراً و٦٨٩ مليون جنيه نهاية يوم ١٩ مايو الماضى، فى حين أن حجمها يوم ٢٧ يناير كان ٤٥٦ ملياراً و٢٨٥ مليون جنيه، فإنك إذا كنت تفهم فى الاقتصاد طشاش مثل حالاتى فستدرك أن حوالى نصف الأموال الموجودة لدى البنوك مستقرة دون حراك فى السوق، وأن مصر لا ينتظرها الإفلاس بل ينتظرها مستقبل مشرق لو تم إعلان سياسات تنمية حقيقية وفاعلة فى مجالات صناعية وزراعية تخلق فرص عمل حقيقية بعيدا عن شغل السمسرة والفهلوة الذى لا يخدم إلا فئات معينة ولا يخلق اقتصادا قوى الدعائم، لأن كل هذه الأموال المكدسة فى البنوك سيتم تحريكها وسيكون لدى مصر بعد الثورة وبفضلها فرصة حقيقية لكى تبنى اقتصاداً قوياً على دعائم محترمة عادلة، فقط لو توفرت إرادة سياسية حاسمة تمارس الشفافية فى الحكم ولا توقع الناس فى متاهات الغموض وتجعلهم قلقين من المستقبل، بل مطمئنين إليه فى إطار توافقى لا يخيف أحداً لكى يطمئن آخرين، ولا يتبع سياسات متراخية فى مواجهة الانفلات الأمنى والفتنة الطائفية، والأهم فى أن يرى الناس خططاً واضحة فى مجال العدالة الاجتماعية تقنع كل المصريين، ليس بأن يضحوا من أجل وطنهم، بل أن يكسبوا وطناً تسوده العدالة الاجتماعية التى تجعل الفقير أقل فقراً وأكثر رضاً عن المعيشة، وتجعل الغنىّ أقل غنى ولكن أكثر أماناً وأكثر رضاً عن النفس.
مع خالص الاعتذار لكل خبراء الاقتصاد إذا كنت قد أخطأت فى قراءة أى رقم أو تعسفت فى تحليله فلن يكون ذلك على أى حال مشابهاً لصفاقة جمال مبارك وأحمد عز فى التلاعب بالأرقام من أجل عيون مشروع التوريث، ولعل حسن النية يغفر لى سوء التحليل، أو هكذا أتمنى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى