كان الناس يتساءلون أين اختفى اللواء محسن الفنجرى الذى أدى التحية لشهداء الثورة فى ميدان التحرير يوم 12 فبراير الماضى، ومنذ ذلك اليوم مرت خمسة أشهر بالتمام والكمال والجماهير تستدعى هذه الصورة الخالدة، وتبدى دهشتها من توارى هذا الوجه السمح عن الأنظار.
وبالأمس عاد اللواء الفنجرى للظهور، لكنه بدا هذه المرة متجهما ومتحدثا بخشونة عبر بيان مقتضب للمجلس الأعلى للقوات المسلحة تعليقا على تصاعد حدة الغضب الشعبى فى كافة ميادين مصر ضد الطريقة التى تدار بها المرحلة الحالية.
واختيار الفنجرى لإلقاء هذا البيان (الغاضب) فى حد ذاته يحمل أكثر من إشارة ورسالة، فإذا كان الوجه الذى انحفرت ملامحه فى ذاكرة الناس باعتباره الأقرب إلى روح الثورة يتحدث بهذه النبرة الغاضبة التى يشتم منها رائحة تهديد ووعيد للثوار والمعتصمين، فإن على من يهمه الأمر أن يعى ويستوعب رد المجلس العسكرى على التحركات والمطالب الجماهيرية المتصاعدة منذ ما قبل مليونية 8 يوليو، على طريقة «اللبيب بالإشارة يفهم».
هذا على مستوى الشكل، أما فى الموضوع فإن أخطر ما ورد فى بيان الفنجرى تلك العبارة التى قال فيها «إن القوات المسلحة تدعو المواطنين الشرفاء للوقوف ضد كل المظاهر التى تعيق عودة الحياة الطبيعية لأبناء شعبنا العظيم والتصدى للشائعات المضللة».
ولو وضعت هذه العبارة بجوار ما تشتغل عليه وسائل الإعلام الحكومية، وبعض التى تسمى خاصة ومستقلة لكنها للحكومية أقرب، ستدرك أننا بصدد لعبة خطرة تقوم على الوقيعة والفتنة بين الكتلة الصامتة من الشعب من جانب، وبين الثوار من جانب آخر، وربما تتجاوز ذلك إلى التحريض على المعتصمين فى الميادين ومحاولة تصويرهم وكأنهم مجموعة من المشاغبين الذين يهددون مصالح الوطن العليا.
لقد أدهشنى فى معظم برامج التوك شو عشية بيان الفنجرى أن اتصالا واحدا يتكرر من المشاهدين يبدأ بعبارة «أنا من المشاركين فى الثورة طوال الفترة من 28 يناير إلى 11 فبراير لكنى ضد ما يحدث فى الميدان الآن لأنه بلطجة» تستوى فى ذلك «أم أحمد اللى اتصلت عملت مداخلة مع حضرتك قبل التنحى» أو «الأستاذ على اللى كلمت حضرتك من السويس بعد موقعة الجمل».
إن محاولة تشويه نبل الاعتصام القائم فى الميدان بالقاهرة والإسكندرية والسويس، واللعب على دغدغة مشاعر ما تعرف بالكتلة الصامتة لن يجدى نفعا، فضلا عنه تصرف يفتقد إلى الأخلاقية والمهنية أيضا أن يفترض أن الآلاف المعتصمين من أجل استكمال الثورة مقطوعو الصلة بالشعب المصرى، فكل واحد من هؤلاء المعتصمين النبلاء سفير لأسرة مصرية يجلس باقى أفرادها فى المنزل مرددين الشعارات والمطالب ذاتها التى يرفعها الذين خرجوا إلى الميادين، ومن ثم فإن التحريض على هؤلاء واستعداء الشعب عليهم مسألة محفوفة بمخاطر عديدة لن يتحملها «الوطن» إذا وقعت لا قدر الله.
لقد قابلت النبيلة الدكتورة رضوى عاشور وزوجها الشاعر الرائع مريد البرغوثى وسط مخيمات المعتصمين فى ميدان التحرير مساء أول أمس، كما رأيت وجوها محترمة من مثقفى ومبدعى مصر يقاسمون الثوار الفكرة وشربة الماء واللقمة، وحين عدت إلى المنزل وجدت بعض برامج المساء تروج لفكرة أن المعتصمين «بلتجية ووجوه غريبة غير اللى شفناها أيام الثورة يا مدام».. والله عيب.
13/07/2011
وائل قنديل : الفنجرى من تحية الشهداء لإهانة الثوار
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)

ADDS'(9)
ADDS'(3)
-
اخر الموضوعات
وزير الدفاع الإسرائيلي : "سنفعل بطهران ما فعلناه بحزب الله وحماس و الاسد"..
(08 May 2025)(0 comments)عدد اليهود في إسرائيل 7.2 مليون و عدد المسلمين حول العالم 2 مليار مسلم ( لكنهم كثاء السيل )
(09 May 2025)(0 comments)التفاصيل الكاملة حدشوت إسرائيل خمسة جنود قتلوا في معارك ضد حماس هذا الأسبوع.
(09 May 2025)(0 comments)حد شوت العبري - كاميرات حماس ومتفجراتها ومقاتليهـــــــا بانتظار جنــــــــــودنا في كل مكان بقطاع غزة
(09 May 2025)(0 comments)فخري الفقي : مش معقول في دولة بالكرم الحاتمي زينا كده بتدي دعم في البنزين وأنبوبة البوتجاز والسولار... واللي بيستفيد منه كل المصريين والضيوف بتوعنا
(08 May 2025)(0 comments)ميدل إيست آي: الأردن يتربح نحو 400 ألف دولار عن كل عملية إسقاط مساعدات جوية في غزة
(08 May 2025)(0 comments)استحمار العرب قبل زيارة ترامب للخليج
(08 May 2025)(0 comments)"هذا أبعد من عين الشمس هذا المستحيل بذاته" السيد عبد الملك الحوثي : رداً على ادعاءات ترامب باستسلام الحوثيين والطلب من ترامب بوقف الحرب
(08 May 2025)(0 comments)الجندى الصهيونى المجرم الون سكاجيو الذى قتل الصحفية الشهيدة شيرين ابو عقلة فى مايو 2022 لقى حتفه فى معارك قطاع غزة
(08 May 2025)(0 comments)ترامب: أُحترم وعود الحوثيين، وقد أظهروا شجاعة كبيرة رغم الضربات القوية التي تلقوها.
(08 May 2025)(0 comments)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى