فى التحقيقات التى أجرتها النيابة معه فى مستشفى شرم الشيخ، اعترف الرئيس السابق حسنى مبارك بأن رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق إسحق رابين هو صاحب فكرة تصدير الغاز المصرى إلى إسرائيل، وأنه - أى مبارك - هو الذى أمر ببدء التفاوض مع إسرائيل حول تفاصيل هذه الصفقة، مبررا موافقته على الفكرة بوجود بند فى معاهدة السلام يعطى لإسرائيل الحق فى شراء البترول المصرى، من خلال الاشتراك فى المناقصات. ولأن مصر كانت فى حاجة إلى البترول فقد طلب من رابين، وفقا لنص ما جاء فى محضر التحقيق «التنازل عن الكمية اللى بتاخدها إسرائيل فى مقابل لمَّا يظهر الغاز نعوضهم من خلال مناقصات أيضاً». وادعى الرئيس السابق أنه أمر بوقف تنفيذ العقد الأول حين تبين له أن سعر بيع الغاز كان أقل من سعر السوق عند بدء عملية التصدير، وأنه الذى طلب إعادة التفاوض حول السعر الذى تم رفعه من دولار ونصف إلى ثلاثة دولارات.
وعندما واجهه المحقق بما قاله السيد عمر سليمان عن وجود صداقة شخصية تربطه بحسين سالم وأنه هو الذى كلفه بتأسيس شركة شرق البحر المتوسط للغاز، وهى الشركة التى منحت حق احتكار تصدير الغاز، أنكر مبارك وجود أى صلة صداقة تربطه بحسين سالم، وادعى أنه لم يره سوى مرة واحدة فى أمريكا، حين كان نائبا للرئيس، وأن معرفته به لا تتعدى معرفته بأى رجل أعمال آخر.
وعندما سأله المحقق: «وما قولك فيما ورد بتقرير لجنة الخبراء المنتدبة من النيابة العامة من أن الشركة التى يساهم فيها حسين سالم قد حصلت على منفعة دون وجه حق تقدر قيمتها باثنين مليار وثمانمائة وواحد وستين مليوناً وثمانمائة وخمسة وثمانين ألفا ومائتين وخمسين دولاراً أمريكياً عن الفترة بعد صدور قرار مجلس الوزراء فى 18/9/2000، ومبلغ 9 مليارات و475 مليوناً و160 ألفاً و625 دولاراً بعد توقيع الاتفاقية فى 13/6/ 2005؟»، أجاب مبارك: «أنا معرفش وأول مرة أسمع الكلام ده».
لقد فات على المحقق، للأسف الشديد، سؤال مبارك عن دوره فى إبرام مذكرة تفاهم بين مصر وإسرائيل وضعت صفقة الغاز بموجبها تحت مظلة معاهدة السلام المبرمة بين البلدين عام 1979.
وتعكس إجابات مبارك حول هذا الموضوع وغيره أننا إزاء شخص يكذب مثلما يتنفس. فالحقائق المجردة تؤكد: 1- عدم وجود أى التزام دولى يفرض على مصر بيع الغاز لإسرائيل. 2- أن الخزانة العامة المصرية فقدت مليارات الدولارات بسبب هذه الصفقة، وأن مبارك كان على وعى تام بما يقوم به. 3- أن حسين سالم كان - بعلم القاصى والدانى - من أقرب أصدقاء مبارك والمؤتمن على أسراره الخاصة وشريكه من الباطن فى شركة شرق البحر المتوسط للغاز التى حصلت دون وجه حق على مليارات الدولارات. 4- لم يكن مبارك مضطرا لوضع صفقة الغاز مع إسرائيل تحت مظلة معاهدة السلام، ويعد دوره الطوعى فى هذه المسألة تحديدا من قبيل الخيانة العظمى التى تعرض صاحبها لعقوبة الإعدام.
وفى ضوء هذه الحقائق الدامغة لا أظن أن الرأى العام فى مصر سيقبل أو يتفهم أسباب بقاء مبارك فى شرم الشيخ حتى هذه اللحظة، ولابد أن يتساءل عن سر ما يحصل عليه مبارك من تدليل فى المعاملة رغم أنه متهم وسجين. وتلك حقيقة يتعين على المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يدركها وأن يعالجها بحكمة فى أسرع وقت ممكن.
تصحيح: ورد فى «وجهة نظر» الجمعة الماضى تحت عنوان «مصر مبارك بين لفافتين» أن وزن السبيكة الذهبية التى حصل عليها مبارك، وادعى أنه نسيها، بلغ أكثر من ثمانية كيلوجرامات، والصحيح أن وزنها هو خمسة كيلوجرامات ونصف. لذا لزم التنويه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى