مع الاعتصام قلبا وقالبا، مع حق الإضراب عن الطعام، شكلا وموضوعا، لحين تحقيق مطالب الثورة.. مع ميدان التحرير وكل ميادين الثورة، بكل فخر واعتزاز وإجلال لأصغر متظاهر خرج يهتف وينافح عن ثورة يتربص بها كثيرون.
تلك هى قناعتى الراسخة منذ فجر الثورة وإلى أن يشاء الله، وانطلاقا من إدراكى لمكانة الميدان الروحية ودوره المحورى فى إنجاز حلم التغيير والتطهير فى مصر، فإننى استحلف رواد الميدان الأنقياء الرائعين بدماء الشهداء وبتضحيات الجرحى والمصابين أن يبدأوا بتطهير الميدان أولا لكى نستطيع تطهير مصر كلها بعد ذلك.
وأعلم جيدا أن الميدان هو كعبة الثورة وترسانتها البشرية، ولولاه لما حصل المصريون على شىء مما تحقق حتى الآن ــ على قلته ــ وأسلم بأنه يبقى أجمل الأماكن وأرقى البقاع على أرض مصر.. ومن أجل ذلك ينبغى ألا نتركه يئن تحت ضربات المندسين والمشوهين والمتسللين فى أردية الثوار ــ والثورة منهم براء ــ مدفوعين من قبل جهات تناصب الثورة العداء والغل.
إن الميدان الآن آخذ فى التفتت والانشطار، منصته صارت عدة منصات، خفتت أصوات أبنائه الحقيقيين، وارتفعت أصوات دخيلة وغريبة، تردد خطابا يؤذى الثورة ويطعن بهاءها ونقاءها، ويشوه فطرتها السوية.. وهذه الأصوات تتلقفها بوتيكات العداء للثورة وتضخمها وتضيف إليها من عندها، بغية الحط من قدر وقيمة الميدان، وابتذال المطالب الثورية.
لقد صنع الأشرار المتربصون بالثورة أسطورة إغلاق قناة السويس وقطع الطرق، وأرسلوا من يهتف بها فى قلب الميدان، وراح إعلام الحنين إلى ما قبل 25 يناير يتعامل مع الأمر وكأن قناة السويس أغلقت بالفعل، ونشط أراجوزات الحقبة الساقطة فى الكلام عن الخسائر التى تلحق بالاقتصاد المصرى نتيجة إغلاق القناة، وكأن إغلاقها أمر واقع وحقيقة معيشة، وفى هذا الصخب والضجيج لم يشأ أحد من المتربصين أن يستمع إلى صوت الميدان الحقيقى، هم لا يطيقون صوت أذان التحرير، يريدون فقط التقاط الهتافات النشاز، وأصوات القبح الصادرة من جهات لا تدخر جهدا فى إنهاك الثورة وإغراقها فى دوامات من الإسفاف واختراع الأوهام والأكاذيب وإلصاقها بها.
إن أخطر ما يهدد الميدان الآن أن يتحول من منبع للثورة ومجرى لها إلى مرتع لممارسة العادات والمظاهر الثورية، أن يسود الشكل وينسحب الموضوع الأساسى، ومن ثم يصبح فرضا على كل محب للميدان، وكل مؤمن بالثورة، وبجدارة الثورة فى تحقيق أهدافها ومطالبها غير منقوصة أن يعمل على إعادة صياغة وبناء الميدان ليستعيد شخصيته العبقرية، ويسترد وحدته ــ وحدة الهدف وتنوع الرؤى والوسائل ــ وحتى يتحقق ذلك لابد من تنقية الميدان مما علق به من شوائب وطحالب وكائنات طفيلية، أنزلت إليه بواسطة أولئك الذين يكرهون الثورة وترعبهم صورة الميدان وهو يمتلئ بكل الأطياف والتيارات الشريكة فى تحقيق المرحلة الأولى من حلم التغيير.
إن الميدان هو أرضنا العفية، ولكى تبقى عفية يجب ألا ننهكها ونرهقها، فلنحرث ميداننا ونطهره ونمنح تربته فرصة لاستقبال الشمس والهواء كى تتجدد وتستعيد عافيتها وخصوبتها.
من حق الميدان أن يلتقط أنفاسه، حتى نستطيع العودة إليه متراصين متوحدين عندما ينادينا.. وما أكثر ما سوف ينادينا فى الفترة المقبلة.
أقول قولى هذا وأنا معترف ومقر بأننى أصغر من أصغر ثائر سال عرقه ودمه على أرضية الميدان.
20/07/2011
وائل قنديل : من حق الميدان أن يتنفس
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
موضوعات عشوائية
-
ADDS'(9)
ADDS'(3)
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى