قالت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية إن هناك تناقضا شديدا بين حالة التدهور الحاد للاقتصاد السوري وبين الثبات النسبي لسعر صرف الليرة السورية.
هذا التناقض ولّد توقعات عديدة بين أوساط المراقبين الذين يرون أن ثبات سعر صرف الليرة السورية في ظل الأوضاع التي تعيشها سوريا أمر غير منطقي، ويرجحون أحد أمرين: إما أن تكون إيران قد ضخت في السوق السوري مبالغ نقدية هائلة، أو أن تكون دمشق استنزفت احتياطاتها من العملة الصعبة لتثبيت سعر صرف عملتها.
وتنسب الصحيفة إلى محللين ومتخصصين في الاقتصاد القول إن الاقتصاد السوري بشكل عام وسوق الأسهم وصناعة السياحة الحيوية للبلاد جميعها في حالة انهيار. ويبدو أن سوريا عانت من نزف نقدي شديد مع نقل كميات كبيرة من النقد إلى لبنان.
غير أن الليرة السورية صامدة، وهي محافظة إلى حد ما على نفس سعر الصرف الذي كانت عليه قبل بداية الانتفاضة ضد نظام الرئيس بشار الأسد قبل خمسة أشهر.
تقول الصحيفة إن هذا الوضع غير المنطقي حيّر المختصين، ومن الواضح أن السبب وراءه هو المحافظة على كيان طبقة التجار ورجال الأعمال السوريين لكي يستطيعوا الاستمرار في دعم النظام، الأمر الذي دفع بعض المراقبين للاعتقاد بأن هناك ضخا للنقد في السوق السوري.
وتنقل عن دبلوماسي غربي متابع للاقتصاد ومقره بيروت قوله "لدينا حالة انهيار في الصادرات السورية وحالة انهيار للاستثمار الأجنبي المباشر، وإذا أخذنا في الحسبان عدم انهيار العملة السورية فإنه يعتبر مؤشرا على وجود تدفق للنقد".
غير أن الدبلوماسي الغربي الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه قال إنه لا أحد يعلم من أين يأتي ضخ النقد ولا أحد لديه فكرة عن كمية الضخ.
وعرف عن الاقتصاد السوري الغموض وفقر المؤشرات التي تصدر عنه إلى الخارج، حيث تسيطر الدولة بشكل كبير على كافة مرافقه.
ويعلق اقتصادي رفيع المستوى في أحد المصارف اللبنانية التي لها فروع في سوريا، والذي اشترط هو أيضا عدم كشف اسمه خوفا على سلامة زملائه في سوريا بالقول إن "المشكلة هي: ما هي الأرقام؟ أنا أنظر إلى موازناتهم ولا أستطيع أن أفهم أي شيء منها".
وكان الاقتصاديون قد توقعوا قبل اندلاع الانتفاضة سنة ناجحة للاقتصاد السوري بفضل السياحة المنتعشة والاستثمارات الإيرانية واستثمارات دول الخليج العربي وارتفاع مستوى التبادل التجاري مع تركيا.
غير أن التدهور على المستوى السياسي بدد كل تلك التوقعات، إذ انخفض مؤشر سوق الأسهم السورية الذي يتسم بالمحدودية 41% خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2011.
التوقعات بشأن نمو الناتج المحلي السوري بنسبة تصل إلى 3% رغم ارتباك الاقتصاد العالمي قد تبددت، وحل محلها توقعات بانكماش الاقتصاد بنسبة 5% أو أكثر. أما السياحة التي كانت تدر أربعة مليارات دولار سنويا على سوريا أي 12% من اقتصادها، فقد انهارت.
ولكن رغم ذلك كله، يبدو أن هناك كميات هائلة من النقد قد ضخت في البلاد. واتخذت السلطات السورية خطوات للحد من نزيف العملة الصعبة من جهة ولتنشيط وبث الثقة في الاقتصاد السوري من جهة أخرى، حيث تم رفع نسبة الفائدة على حسابات التوفير وتم تخفيض فوائد القروض، بالإضافة إلى فرض رسوم على سحب الدولار من الحسابات المصرفية.
وكالة الأنباء السورية "سانا" قالت الاثنين الماضي إن السلطات منعت شراء ما يزيد على ثلاثة آلاف دولار باستخدام الليرة السورية.
وتقول الصحيفة إن سوريا قد تكون بدأت باستخدام احتياطاتها البالغة 17 مليار دولار والتي جمعتها على مدى عقود في دعم ثبات السوق وحماية طبقة التجار ورجال الأعمال لضمان دعمهم لقمع النظام للانتفاضة الشعبية أو على الأقل شراء سكوتهم.
يذكر أن سعر صرف الدولار في السوق السوداء السورية اليوم هو 51 ليرة لكل دولار، بينما سعر الصرف الرسمي هو 47 ليرة، أي بفارق يقل عن 10%.
وبالمقارنة مع ليبيا التي تعمها اضطرابات تشبه تلك التي في سوريا من حيث مطالبتها بإسقاط النظام، فإن سعر صرف الدولار في السوق السوداء بلغ ضعف سعر الصرف الرسمي.
المصدر: لوس أنجلوس تايمز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى