انتبه.. العالم الافتراضى كله «محاصر»، العالم الذى حول الثورة من خيال إلى حقيقة عبر موقعى التواصل الاجتماعى: «تويتر» و«فيس بوك» تحول إلى منصة اتهام.. تماماً كما هو ميدان للبطولة «المزيفة أحياناً»!..
لقد فشل النظام البائد فى محاصرة ما أسميه «الإعلام الشعبى»، ورغم ترسانة القوانين المكبلة للحريات كان كليب واحد للتعذيب على«يوتيوب»، أو جروب لـ«خالد سعيد» على الـ«فيس بوك»، كفيلاً بإشعال الثورة. الآن «تويتة» واحدة لـ«أسماء محفوظ» جعلتها متهمة بالتحريض على العنف أمام القضاء العسكرى!!. وبحسب البيان الأخير لمنظمة «هيومان رايتس ووتش»، فهناك حوالى 12 ألف مدنى تمت إحالتهم للمحاكم العسكرية منذ سقوط نظام «مبارك». هذا بخلاف من يقضون مدة العقوبة الآن فى السجن الحربى بسبب صدور أحكام عسكرية بحقهم!.
ورغم إجماع منظمات حقوق الإنسان ومعظم الكتاب والمفكرين و
السياسيين على رفض المحاكمات العسكرية للمدنيين، فإن المجلس العسكرى الحاكم يصر على التوسع فى تلك المحاكمات!.. بالمخالفة لتأكيده، فى بيانه رقم 68 على «فيس بوك»، على قصر المحاكمات العسكرية على أعمال البلطجة، وجرائم الاغتصاب، وجرائم التعدى على رجال الأمن أثناء تأدية وظيفتهم!.. لا أعرف لمصلحة من إحداث الفرقة والشقاق بين القادة أعضاء المجلس العسكرى والثوار، وتبادل بلاغات السب والقذف بين الجانبين؟.. لمصلحة من يتم نشر مناخ التخوين بين جميع الأطراف السياسية فى وقت نحتاج فيه للتكاتف لا للتناحر؟..
أنا ضد التشكيك فى نوايا المجلس العسكرى، ضد التطاول والتجريح من أجل الشهرة.. لكننى أيضا ضد المحاكم الاستثنائية. لقد رفضنا محاكمة «مبارك» ورموز حكمه أمام محاكم عسكرية لسرعة البت فى الأحكام، وإرضاء أصحاب الدم. رفضنا إنشاء «محكمة الثورة»، رغم أن قانون العقوبات لا يُعاقب على الإفساد السياسى، وحتى قانون «الغدر» لايزال محل مناقشة.. فكيف نقبل تطبيق مواد سيئة السمعة صممها النظام السابق لقطع ألسنة معارضيه (مثل المادة 179)، أو نرتضى للثوار والمتظاهرين ما لم نقبله للديكتاتور وأعوانه؟..
لنحتكم إلى إحدى مواد الإعلان الدستورى الذى نلتزم به جميعاً خلال المرحلة الانتقالية، وأعنى هنا المادة 21 التى تنص على أن: (لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى).. تلك المادة تُفقد المحاكمات العسكرية شرعيتها. فى العهد البائد رفع محامو الجماعات الإسلامية دعاوى تعويض، بسبب الأحكام التى طالت أعضاء الجماعة أمام محاكم عسكرية.. فهل ننتظر دعاوى مماثلة تشوه نقاء الثورة؟.
أعرف شابا فى العشرين من عمره، تعرض لصعق العصى الكهربائية، وتم احتجازه وتهديده، عقب التظاهر أمام السفارة الإسرائيلية.. والنتيجة أنه كفر بالوطن وكف عن الذهاب لميدان التحرير.. واكتأب!. شىء ما بداخله انكسر، لكنه لم يشك إحساسه بالمرارة، فما بالنا بمن يحاكم أمام محكمة عسكرية؟!..
نحن نشعر بالفخر من التزام المجلس العسكرى بعلانية محاكمة «مبارك»، نشعر بأن العملية «نسر» التى قضت على وجود تنظيم «القاعدة» بسيناء هى تميمة الأمان المهداة للشعب المصرى.. لكن مشاعر الفخر والأمان تتبدد كلما تم استدعاء مدنى للمثول أمام القضاء العسكرى! لا أحد يقبل مواجهة «حرية الرأى والتعبير» بإشاعة «الرعب» بيننا. وحتى لا تتحول ثورة «الحرية» إلى ثورة للصم والبكم.. وقبل أن تضيع «العدالة» من وطننا: أوقفوا المحاكم العسكرية للمدنيين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى