آخر المواضيع

آخر الأخبار

05‏/08‏/2011

إبراهيم عيسى يكتب : ثمن المشهد التاريخي

440

لكنني أخشى أن ندفع ثمن نجاحنا فى محاكمة فرعون..

هو مشهد جلل، وسيظل ثابتا فى كتب التاريخ، حتى تقوم الساعة فى أى ساعة، أن يحاكم الشعب المصرى رئيسه على ظلم ارتكبه، واستبداد مارسه، وفساد عاشه، وإفساد عاثه، فهذا حدث مذهل يتوقف فيه الزمن عن الدوران، ليعطى الدرس والعظة والعبرة والحكمة. هو يوم القيامة السياسى؛ يفخر هذا الشعب أنه الذى فعلها وأجلس مبارك فى قفص (بالمناسبة هذه الأقفاص غير الآدمية واللا إنسانية، التى يغيب عنها الحد الأدنى من احترام كرامة الإنسان، وتصل بالمتهم إلى حدود التعامل معه كحيوان متوحش، وليس إنسانا متهما، قد تثبت براءته، وهى اختراع عصر مبارك، حيث لم تكن الأقفاص فى المحاكم بهذا الشكل المتدنى البشع إلا فى عهده، وها هو ذا ووزير داخليته الأثير، وولداه يقفون داخل ذات الأقفاص، التى أتمنى أن تتخلص مصر الثورة منها تماما، وتتحول إلى أسوار عادية للاحتجاز، وليست أقفاصا فى غابة أو سيرك)، لكننى أخشى أن ندفع ثمن وقوف مبارك فى هذه المحكمة غاليا.

يمكن لمديرى ومدبرى شؤون البلاد الآن تمرير قوانين سيئة، وقرارات ليست محل إجماع، أو المداراة على فشل حكومى سقيم وتقصير رسمى بائس، بأن يردوا على أى نقد أو هجوم أو رفض بالقول: ماذا تريدون منا؟ ألم نحاكم لكم حسنى مبارك وأجلسناه أمامكم فى قفص؟ عايزين إيه تانى؟

قد يتم إسكات الشعب المصرى كله بتلك الصورة التى شفناها أمس، وهذا خطر حقيقى يجب التنبه له والتحذير منه!

مثول مبارك أمام المحكمة أمر طبيعى بعد ثورة وليس منحة أو تنازلا من أحد، سواء جهة أو مؤسسة لصالح الشعب، يمكن أن يقايضوا الشعب بها فيما بعد، حتى لو كانت مقايضة عاطفية، بأن تضع مثلا فوق رصيد المحبة ولاء وتفويضا أو توكيلا بالتصرف، وها نحن هنا قاعدون!

ثم أخاف على الشعب المصرى أن يقع فى حبائل التشفى والشماتة برؤية الحاكم محكوما. العواطف السيئة السلبية خطر على قيم المجتمع، والرغبة فى الانتقام والشغف البشرى الردىء بالثأر، يجعل الأمم تغرق فى ماضيها، وتتعطل فى خطواتها، وتتعثر فى مستقبلها.

انضباط العواطف والاعتدال فى المشاعر تجاه مشاهد محاكمة مبارك مسألة أساسية، كى نتمكن أن نبنى مستقبلنا على العدل، وعلى الاستقامة الأخلاقية، وعلى الرحمة، حتى بظالمينا ونحن نحاكمهم، والرفق حتى بخصومنا ونحن ننتصر عليهم!

ونفس التخوف من الشماتة يساوى التخوف من التعاطف البرىء الطيب المفهوم، لكنه قد يتحول إلى تفريط فى الحقوق، وتنازل عن العدل، وتهافت فى الدفاع عن الوطن والمواطن، طبعا المشهد مؤثر وإنسانى للغاية، والرئيس السابق فى حالة ضعف وهشاشة، وما يشبه المذلة بعد عز وقلة الحيلة، بعد سطوة القوة، ولا يجب أن نلوم أنفسنا لو ضعفنا عاطفيا تجاه المشهد ورقت قلوبنا، لكن لا يجب بالقطع أن تجرنا عواطف الشفقة إلى جريمة التفريط فى الحقوق، التسامح مهم وقيمة نبيلة، لكن ليس مسموحا به فى حقوق الأوطان التى قد تعفو وتسامح بعد المحاكمة، لكن ليس قبلها قطعا. لا يمكن أن نسمح لدموع الشفقة أن تتجاهل دماء الشهداء.

الوطن يحاكم ويحكم..

وقد يقسو وقد يعفو..

لكننا فى النهاية كنا نتمنى أن نحاكم مبارك خلال حكمه أمام مجلس شعب، يحاسب ويحقق ويسائل رئيسا، أو نحاكم رئيسا فى صندوق الانتخابات، فنسحب منه شرعيته بأصواتنا الحرة. لو كانت مصر بلدا ديمقراطيا، ما وصل رئيسها أبدا إلى قفص الاتهام أو باب السجن، لأن الدولة الديمقراطية يصبح من الصعب جدا على رئيسها أن يتورط، والشعب يتواطأ، أو أن يرتكب جرائم، بينما الناس تتفرج أو تسكت!

الدول الخرساء هى التى عندما تتكلم تصرخ..

والشعوب الخاضعة هى التى عندما تثور لا تغفر أبدا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى