قمة التدليس أن يروجوا أن الدعوة إلى إفطار جماعى فى ميدان التحرير يوم الجمعة صدرت من الصوفية للرد على السلفية.
تلك هى بذرة الكذب التى طرحت أكاذيب أخرى، وانبنت عليها مواقف، واستخدمت لتشويه نبل الدعوة، فقرروا أنها تكرس الطائفية، وتوسع الشقاق، على الرغم من أن مرددى هذه الآراء يعلمون جيدا أن هذه الفكرة كانت سابقة على مليونية 29 يوليو التى جرى الحشد لها على نحو طائفى غير مسبوق، وجاءت أبعد ما تكون عن روح الثورة، وأقرب ما تكون إلى استعراض عضلات طائفى من مريدى المجلس العسكرى.
والثابت والمعلن أن فكرة الذهاب إلى ميدان التحرير انطلقت من مجموعة من رموز القوى الوطنية قبل أكثر من ثلاثة أسابيع، وكان اختيار جمعة 12 رمضان لكونها الموعد المناسب ليحتفل فيه المصريون جميعا بذكرى انتصارهم العظيم على عدوهم الدائم فى العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر 1973، أى أنها فى البدء كانت مليونية الاحتفال بذكرى العبور من خلال احتشاد كل شرائح وفئات الشعب المصرى فى ميدان الثورة تجسيدا لمعان عظيمة، وتأكيدا على مطالب وأهداف مشروعة لثورتهم لم تتحقق بعد.
وقد كنت شاهدا على النقاش حول هذه الدعوة النبيلة فى لقاء ضم مجموعة من النشطاء والمثقفين المحترمين فى منتصف شهر يوليو الماضى تقريبا وقبل أن يفكر أحد فى مليونية 29 يوليو، حيث جرى اختيار الموعد الأقرب للعاشر من رمضان، لكى يلتقى المصريون مرة أخرى كما فعلوا طوال أيام الثورة فى الميدان، وتم التواصل مع كل القوى السياسية والمجتمعية لدعوتها لهذه المناسبة دونما إقصاء وفرز طائفى.
غير أن الذين أرادوها طائفية دينية فى 29 يوليو ينشطون الآن فى تشويه الدعوة ومحاولة إيهام الجميع بأنها مليونية صوفية ضد السلفية، مدنية ضد الإسلامية، إلى آخر هذه الثنائيات المصطنعة، على الرغم من أن الصوفيين عرضت عليهم الفكرة والدعوة مثل غيرهم من فئات المجتمع فوافقوا.
وأستغرب كثيرا أن يبدى المجلس العسكرى تبرما أو ممانعة لاحتفالية بذكرى انتصار عظيم للعسكرية المصرية، فى الوقت الذى رحب فيه، أو على الأقل سكت على مليونية تهتف لأسامة بن لادن وترفع أعلام السعودية وترفض الدولة المدنية.
لقد كان المشهد فى 29 يوليو مناقضا تماما لخطاب المجلس العسكرى المعلن والذى شدد فيه على تمسكه بمدنية الدولة، شارحا معنى «مدنية» بأنها لا دينية ولا عسكرية، فى حين أخذت المظاهرة صبغة دينية عسكرية واضحة.
وأزعم أن بعض الذين يقاومون هذه المظاهرة، بزعم أنها ضد التوافق، وبادعاء أنها «طائفية» إنما يفعلون ذلك امتثالا لرغبة أولئك الذين قرروا أن يقيموا جدارا عازلا بين الثوار وميدان التحرير.
ولعل التلويح باستخدام قانون تجريم التظاهر والاعتصام فى وجه دعوة حضارية نبيلة كهذه ما يؤكد أن المسألة كلها تتعلق بما أسميته «التحرير فوبيا»..
فلتذهبوا للاحتفال بذكرى العبور، ولتعبروا عن مطالبكم وتهتفوا كما تشاءون يوم الجمعة قبل أن توضع لوحة «ممنوع الاقتراب أو التصوير» على مداخل الميدان، ويصبح الوقوف على أرض التحرير مساسا بأمن مصر القومى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى