رئيس المجلس التنفيذى للمجلس الانتقالى الليبي: عدم العثور على القذافي أكبر خطر أمني يواجهنا
أجرى الحوار: محمد أمين المصري - أسماء الحسينى
كشف الدكتور محمود جبريل رئيس المجلس التنفيذى للمجلس الوطنى الانتقالى فى حواره معنا عن عدد من الأمور المهمة حول الوضع فى ليبيا، من بينها أن الثورة الليبية مازالت تواجه صعوبات كبيرة، أخطرها عدم العثور على القذافى حتى الآن، كما تناول رؤيته للعلاقة مع مصر، كما تطرق إلى رؤيته الاستراتيجية لمستقبل "المثلث الجديد" تونس وليبيا ومصر، وفيما يلي نص الحوار.
- ما أولوياتكم فى المرحلة الحالية؟
أعتقد أن معمر القذافى قدم طيلة الـ42 عاما الماضية، صورة سيئة للغاية للشخصية الليبية، وسيكون هناك دور حقيقي لأى نظام مقبل أن يقدم الشخصية الليبية من جديد وأن يعيد بناء هذه العلاقات بما يمكن أن يسهم فى مستقبل مشرق للشعب الليبى.
- هل طمس القذافى الشخصية الليبية برأي؟
نعم.. إلى حد كبير نجح القذافى فى اختصار ليبيا في نفسه، سكانها وتقاليدها وتاريخها وجغراف
يتها وشخصيتها، وكان لسان حاله "أنا الدولة " كما كان يقول قيصر.
- وهل يمثل عدم العثور على القذافى حتى الآن هاجسا لكم؟
نعم، يمثل هاجسا من ناحية أن هذا الرجل لن يتورع عن القيام بأى فعل لتدمير ما تبقى من مقدرات ليبيا، وقد قام يوم الجمعة الماضى بقصف 4 طائرات مدنية على مدرج مطار طرابلس، وكان يقصف مصافى النفط وحقول البترول، وقطع أخيرا المياه عن طرابلس، وهى تعيش الآن بدون مياه، وضرب المدنيين فى مصراتة والجبل الغربى بقنابل اليورانيوم فى الشهور الثلاثة الأخيرة، وهى قنابل محرمة دوليًا لأن الآثار الصحية لهذه القنابل تمتد لعشرات السنين، وعندما وصل لمؤشرات تدل على هزيمته عسكريًا بدأ يلجأ لاستخدام أنواع من الأسلحة محرمة دوليًا .
- إلى أى شىء كان يهدف؟
كان يريد أن يصل أى نظام مقبل فى ليبيا إلى مرحلة يكون فيها غير قادر على بناء البلاد، وبالتالى يندم الليبيون على أيام معمر القذافى .
- هل وصلتم إلى المرحلة الحاسمة فى المواجهات مع كتائب القذافى؟.. وهل تمثل سرت وسبها وباقى مدن الجنوب الليبى عقبات كبيرة أمامكم؟
المعركة الأخيرة للثوار تتكون من مرحلتين، المرحلة الأولى استكمال تحرير باقى الأراضى الليبية.. وهناك الآن مفاوضات مع الزعماء والقيادات الاجتماعية لهذه المدن لإعطاء ولائها للمجلس الإنتقالى وتسليم سلاحها، من أجل حقن الدماء، ونحن الآن فى المرحلة الاولي وهى مرحلة التفاوض، وأرجو أن نصل إلى حل سلمى بحيث يستكمل تحرير كامل التراب الليبى.
أما المرحلة الثانية فى معركتنا الأخيرة، هى معركة ضمان أمن وإستقرار ليبيا، خاصة وهناك أسلحة فى الشوارع لابد من تجميعها، وتشكيلات لابد إدماجها فى جيش وطنى وجهاز شرطة ، وسنشرع فى إجراءات تأسيس جيش وطنى وشرطة مدنية جديدة، والكل يعلم الحالة المزرية التى كان عليها الجيش الليبى منذ ألثمانينات، فكل كتائبه كانت لحماية النظام فقط، فهو ألغى الأمن والجيش وأنشأ القذافى مايسمى بالشعب المسلح الذى يحمى نفسه بنفسه، فقد كان يخشى الجيش ويخشى من أى إنقلاب ضده، وبالتالى قام بحل المؤسسة العسكرية والجيش، ولهذا يتعين علينا بناء جيش وطنى، احترافى مؤهل يمتلك أساليب العصر والتقنية اللازمة بمايتناسب مع حجم السكان، وبما يتناسب مع نظرتنا للأمن القومى، والأمن والاستقرار بالنسبة لنا أولوية مطلقة، ولابد بعدهما من البدء فيما يعرف بإجراءات العدل الإنتقالى، فلابد من أن تبدأ المحاكم فى العمل لإرجاع الحقوق للناس، وإلا سيكون هناك انفلات أمنى، لأن ليبيا على مدى 42 سنة كانت هناك ثغرات كثيرة جدا، هناك أناس صودرت أموالهم أواغتصبت وأناس انتهكت أعراضهم وآخرين شنقوا أو سجنوا ظلما، وكل هذه ثغرات معلقة، وأنا فى الحقيقة فخور جدا بأنه بسقوط طرابلس لم تتحول إلى غابة بشكل فورى، فالثوار أثبتوا أنهم على قدر عال من المسئولية، فنحن قبل معركة تحرير طرابلس بيوم كنا نتلقى إتصالات من كل دول العالم، والليبيون فى كل مكان وغيرهم فى غاية الفزع والرعب لايعرفون ماذا سيحدث، يخشون أن تحدث مأساة حقيقية بسقوط النظام، وأن يتحول الليبيون إلى تقتيل بعضهم بعضا، خصوصًا أن التشكيلات كثيرة جدا ومسلحة، وكان هناك مرتزقة، ولايزال هناك الكثير من القناصة، فالحمد لله أن الليبيين أثبتوا أنهم على درجة كبيرة جدا من الوعى والالتزام والمسئولية، ولم يحدث إلا حوادث بسيطة جدا، وتعرضت سفارة أو سفارتان للاعتداء، بسبب نظرة الليبيين لسياسات هاتين الدولتين .
أبطال الثورة
- وماذا عن الهاجس الاقتصادى؟
نحن نبدأ الآن فى إجراءات تشكيل الحكومة الانتقالية، وهذه الحكومة ستكون مثل "سيارة بدون بنزين"، وستكون حكومة فاقدة الفاعلية، إن لم نحصل على الأموال الليبية المجمدة فى أسرع وقت ممكن للبدء فى تقديم الخدمات للناس، وهذا الأمر مهم للغاية، وهذا لسبب بسيط، لأن الثوار الذين كانوا يحاربون سيعودون، وستكون لديهم توقعات مرتفعة، ومنهم من لم يحصل على مرتبه من 6 أشهر، والعاطل عن العمل الذى يتوقع أن يجد وظيفة بمجرد رجوعه، وكل منهم يبحث عن إعتراف رسمى من المجتمع بأنه بطل، وإذا لم يحدث ذلك ستكون مشكلة كبيرة، تخيل لو أن هذا الموضوع حدث مع أبطال حرب أكتوبر، لشعروا بجحود ونكران للجميل، وهذا سيدخل الثوار العائدين فى مشكلات نفسية، إذ كيف ينسى المجتمع مافعلوه وماقدموه، وعملية إعادة تأهيل المنتصر تكاد تكون أكثر صعوبة من تأهيل الخاسر، فالخاسر طرقه معروفة، لكن المنتصر لكى تعيد تأهيله ليعود مواطنا طبيعيا مرة أخرى أمر صعب لأنه سيعود بتوقعات كبيرة جدا .
-وماذا عن بقية المواطنين الليبيين؟
أحوالهم كانت صعبة للغاية طيلة الأشهر الماضية ولازالت، لايوجد طعام، والدمار الشامل الذى حل بهم، لم يكن هناك تعليم العام الماضى، والصحة وحالة المصابين، ومن فقدوا أطرافهم، وهناك أيضا توقعات كبيرة منهم جميعا، والقذافى انتهى، ولابد أن ندخل فى مرحلة اسمها إدارة التوقعات، أى كيف تدير هذه التوقعات، ولن تنجح فى ذلك ما لم تكن لديك الموارد الكافية، فالحصول بسرعة فلكية على هذه الأموال، يعتبر بالنسبة لنا أمرا ذا أولوية قصوى، وإذا لم يحدث ذلك سيفقد المجلس الإنتقالى شرعيته .
الخوف من البيروقراطية الدولة
- لكن المؤتمرات والإجتماعات العديدة التى تعقد من أجل ليبيا فى عدد من العواصم الإقليمية والدولية قررت الدفع بعدد من المليارات الليبية المجمدة للمجلس الإنتقالى؟
الكلام شىء، والتنفيذ شىء آخر، فرئيس الوزراء الإيطالى بيرلسكونى قال، سنفرج فورًا عن 350 مليون يورو، وتركيا أعطت قرضا بـ200 مليون، وقدمت مائة أخرى منحة، والولايات المتحدة قدمت مقترحا للجنة العقوبات بمجلس الأمن بمليار ونصف المليار دولار، وتم الموافقة عليها، لكن لتنفيذ ذلك والحصول على الأموال المطلوبة ندخل فى دائرة بيروقراطية ومجموعة من الخطوات الطويلة، لأن الدول الأوروبية ترى أنه يجب تنفيذ القانون بحذافيره بغض النظر عن الأزمة التى نعانى منها، وأنا أخشى من عامل الوقت، والمجلس الوطنى الإنتقالى أسس شرعيته فى الستة أشهر الماضية على حقيقة واحدة، وهى نضاله ضد حكم القذافى، والآن إنتهى هذا الحكم، فعلى أى شىء يؤسس شرعيته، إن لم يكن قادرًا على قدرته على توصيل الخدمات للناس، ولوفشل ذلك سيفقد شرعيته بالكامل، و سيقع ما يخشى منه الغرب والعالم كله، وهو حدوث عملية فراغ سياسى وحدوث فوضى حقيقية، الدول الغربية تحذرنا دائما من عدم الإستقرار والانفلات، وبرغم ذلك قد تساهم هى بشكل مباشر وواضح فى إحداث هذا الإنفلات، وينبغى على كل الدول التى جمدت الأصول الليبية أن تعى أن كل يوم تأخير فى الإفراج عنها يعنى فقدان المجلس الوطنى الإنتقالى لشرعيته، وإذا إنهارت هذه الشرعية ستتحول العملية إلى عدم استقرار .
-هل أبلغتم ذلك للغرب بشكل واضح؟
نعم فى جولتى الأوروبية الأخيرة كنت أصرخ وأحذر بشكل واضح لتحذير هذه الدول لكى تنتبه أن كل يوم تأخير لهذه الأموال هو تدمير لشرعية المجلس الوطنى الإنتقالى، وأنه من الممكن إذا تأخروا فى الإفراج عن الأموال أن تكون الساعة التى سيفرجون فيها عنها لن يجدوا المجلس الوطنى الانتقالى .
الكعكة الليبية
- تتسابق الآن جميع الأطراف على الفوز بالاستثمار في الكعكة الليبية بعد الثورة..هل ستكون الأولوية للدول الغربية ؟
فترة الـ42 عاما الماضية كان فيها نوع من الإدارة الخاضعة للأهواء الشخصية للبلد، وحالات الفساد وصلت إلى مستويات قياسية لم تشهدها ليبيا ولا المنطقة فى السابق، وآن الأوان أن تختلف هذه الأوضاع، وليبيا مليئة بالكفاءات، وهذه ليست مبالغة، كفاءات بعضها مهاجر وبعضها داخل ليبيا، وإذا تكلمت عن الكفاءات المهاجرة، فى بريطانيا وحدها 2700 طبيب ليبى، وأعداد كبيرة جدًا من هذه الكفاءات فى مختلف التخصصات فى كل الدول الأوروبية والولايات المتحدة وكندا وغيرها، وهى كفاءات مؤهلة تأهيلا عاليا جدا، من منظور "رب ضارة نافعة "، فهؤلاء الليبيين لم يطيقوا حكم القذافى فخرجوا من ليبيا، ونجحوا فى الخارج رغم ظروفهم الصعبة، وأصبحوا يتبوأون مراكز قيادية فى مؤسسات عالمية، سأضرب لكم مثلا الخطوط القطرية يوجد فيها أكثر من 45 طيار، منهم 38 طيارا من الليبيين، وأعداد كبيرة من الطيارين الليبيين توجد أيضا فى الطيران الإماراتى والعمانى والباكستانى والمغربى، ومثلهم مهندسو البترول وغيرها من التخصصات المهمة، وكل هؤلاء فروا و"طفشوا" من ليبيا بسبب سياسات القذافى الطاردة للعقول الليبية، ولدينا قيادات ليبية فى البنك الدولى وصندوق النقد الدولى وفى العديد من المؤسسات الدولية، وهؤلاء حينما ستتاح لهم الفرصة سيعودون ليضعوا خبراتهم فى خدمة البلد، أى أننا فى ليبيا نملك العنصر البشرى المؤهل والموارد المالية، وماينقصنا هو الرؤية التنموية الحقيقية والإرادة السياسية الصلبة لإستكمال أضلاع المثلث لإحداث تنمية حقيقية تعوض الـ42 عاما الماضية، وإلا سيكون دم الشهداء قد ضاع هدرا، وبلا ثمن أو فائدة .
مصر تحمي ثورتنا
- قابلت المشير طنطاوى ووزير الخارجية محمد كامل عمرو.. كيف سيكون شكل التعاون مع مصر فى المرحلة المقبلة؟
قابلت المشير طنطاوى لأؤكد بضعة أمور، أولها أن العلاقة بين مصر وليبيا ليست علاقة اختيار، بل هى علاقة ضرورة حتمتها قوانين الجغرافيا والتاريخ والعلاقات الإجتماعية، فلا يوجد ليبى أو مصرى له الخيرة من أمره فى أن يكون هناك علاقة بين البلدين أو لا تكون، وبالتالى الأمن القومى لأى من البلدين هو الأمن القومى المتكامل للبلدين، وثانيًا نحن فى ليبيا نريد من مصر أن تدخل فى الفترة القليلة المقبلة، وأن تدخل على المشهدين السياسى والإقتصادى فى ليبيا وتتواجد بقوة، واليوم نتكلم عن قوات شرطة دولية لحفظ الأمن فى شوارع طرابلس ومراكز الشرطة وتدريب الشرطة الليبية، لوحدث هذا الأمر فمن المفروض أن تكون مصر والدول العربية هى العمود الفقرى لهذه القوات، ولا يكون "الخواجات" موجودين، وأقول أنه كلما كان هناك تواجد عربى وإسلامى قوى، سنكون نحن كليبيين يكون لدينا قوة تفاوضية أكبر، خلافا للأمر حينما نترك وحدنا، ثم يأتى بعد ذلك من العرب والمسلمين يلوموننا، ونحن نطلب منهم ألا يتركونا، لأنه من الخطأ تفاوضيا أن تترك ليبيا وحدها فى هذه الظروف .
- كيف كان تقييمكم للموقف المصري تجاه الثورة الليبية؟
نعلم أن مصر كانت تمر بظروف عدم استقرار، لذلك كان هناك نوع من التروى فى مساندة ليبيا على المستوى الرسمى، أما شباب الثورة المصرية فقد كانوا قلبًا وقالبًا مع الثوار الليبيين، ومع تقديرنا لظروف مصر، فإننى أرى أنه لاقدر الله وفشلت الثورة الليبية، فإن الثورة المصرية كانت ستفشل وكذلك الثورة التونسية، وهذا أمر مؤكد تماما، فليبيا كانت تعد دوما منطقة عازلة ما بين كتلتين سكانيتين، هكذا رأتها الدول الغربية والولايات المتحدة، وكانوا يعتبرون أن التيارات الإسلامية قوية جدًا فى مصر، وقوية جدًا فى الجزائر، وكان فائدة القذافى بالنسبة للغرب أنه منطقة عازلة حتى لاتلتقى الكتلتان .
- وهل مازال الغرب يخشى العناصر والتيار الإسلامى المتشدد داخل الثورة الليبية؟
الغرب اليوم يخشى من فشل أو انحراف الثورة عن مسارها، ودخول تيارات متطرفة إليها، ويري أن هذا سيضر بالدول الثلاث، وسيعمل على تلاحم التيارات الإسلامية فى كل من مصر والجزائر، وسيكون بمثابة جسر بينهما .
خلايا للقاعدة
- القذافى كان يهدد الغرب بأن البديل له فى حال سقوط حكمه هو"القاعدة".. هل لها تواجد فعلى فى ليبيا؟
وجود خلايا لتنظيم القاعدة فى ليبيا غير صحيح، الحقيقة أنه يوجد أفراد من الجماعة الليبية المقاتلة، وهؤلاء كانوا فى أفغانستان، ودخلوا السجون الليبية عقب عودتهم من هناك، وبعض الشخصيات الليبية قامت بجهود للمصالحة مع نظام القذافى الذى قام بالإفراج عنهم، عند قيام الثورة إنضموا إليها وقاتلوا النظام، وهؤلاء لهم الحق فى المشاركة فى الثورة وإسقاط النظام، لكن بعد سقوط النظام من المفترض أن يتم تجميع كل هذه الأسلحة فى جيش وطنى وجهاز شرطة .
- أشد ما يخشى على الثورة الليبية منه الآن هى أن يتحول التباين الموجود داخل فصائلها وتياراتها إلى خلافات عميقة أو صراعات تتسبب فى فشلها؟
التباين مطلوب، ويكون فيه غنى، ولا خوف طالما وجدت معايير لإدارة هذا الخلاف فلن تكون هناك مشكلة ، وما الفاشية والديكتاتورية إلا الرأى الواحد، والتباين مطلوب طالما هو فى إطار المصلحة، وطالما نحتكم فى النهاية إلى الأغلبية، والجميع يمتثل لذلك، واليوم لابد أن نتفق على بناء مؤسسات سياسية بناء على أسس ديمقراطية، ودستور، ودولة مدنية، والمساواة بين الرجل والمرأة، ومراعاة لحقوق الإنسان .
- ألن تكون هناك صعوبة فى تحقيق ذلك؟
بالطبع، وربما نتخبط بعض الشىء، ومتوقع أن نخطىء، ونقع ثم ننهض، ثم نقع مرة أخرى وننهض ثانية، وطالما أن هناك قناعة بالطريق الذى نسير فيه، والذى أسميناه "خارطة الطريق" سنصل فى النهاية .
- كان مقتل القائد العسكرى للثورة عبد الفتاح يونس أكبر ضربة وجهت لمصداقية المجلس الانتقالى .. إلى أين وصلت التحقيقات بشأنها؟
التحقيق الإدارى انتهى، وما يهمنا هو التحقيق الجنائى، حيث تم القبض على القاتل، وهناك شريكين معه فى الجريمة، ومازال البحث جار عنهما، ولذا لم يستكمل التحقيق بعد، لأننا نريد أن نعرف هل تصرف هؤلاء الثلاثة بدافع فردى، للإنتقام من عبد الفتاح يونس، أم تصرفوا كجزء من منظمة ويمثلون تنظيمًا، ومن بالتالى من يقف وراء هذا التنظيم، وهذا هو المهم فى هذه القضية، وما وعدنا به أصدقاءنا وشعبنا أن نعلن نتائج هذا التحقيق بشفافية على الرأى العام بمجرد صدوره، أيا كان من يقف وراء مقتل عبد الفتاح يونس .
- كيف تقيمون مباحثاتكم مع د. عصام شرف رئيس مجلس الوزراء؟
النقطة التى أثرتها اليوم مع رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف وسأثيرها مع الإخوة فى تونس، هو أننى وجهت نداء حارًا لإقامة حوار بين شباب الثورة فى الدول الثلاث، وهو أمر أراه فى منتهى الأهمية، فالأجسام التى تحكم فى الدول الثلاث هى أجسام إنتقالية تحكم بصورة مؤقتة، ودورنا الحقيقى أن نسعى من الآن لحوار بين هؤلاء الشباب من الثورات الثلاث، لتشجيعهم على خلق قيادات خاصة بهم، وعلى تأسيس تنظيمات تتكلم باسمهم، حتى نقطع الطريق على كل التيارات الأخرى التى تريد أن تصعد على أكتافهم، ولخلق لغة ورؤية مشتركة بينهم، وهم الذين سيحكمون بلدانهم فى المستقبل .
وفى ليبيا كنا محظوظين أن أنشأنا من البداية المجلس الوطنى الإنتقالى فقاد حركة الثورة، وفى مصر الشباب هم الذين إنتفضوا لكن لم يكن هناك مجلسا يتكلم بإسم هؤلاء الشباب، والوضع فى تونس كان مشابها لمصر، ولذا الشباب لا يجدون مايعبر عنهم فى مصر إلا ميدان التحرير أو الشارع، ولايجدون للأسف أجسادا قيادية تعبر عنهم، وبالتالى حتى المجلس العسكرى فى مصر أو الحكومة لا تجد جهة واحدة تعبر عن مصالح الشباب، وطالما الشباب هم أصحاب الثورة، لكن سياسيًا هم غير ممثلين، فإن هذه الفراغات تملؤها القوى الأخرى، ومع احترامى لهذه القوى الأخرى فإنها تتواجد فى الساحة منذ أكثر من قرن من الزمان، من قبل الحرب العالمية الثانية، ولو كانت تستطيع أن تقدم شيئا لفعلت، لكنها تعانى إفلاسًا مركبا مطلقا، فقضيتنا قضية معرفية، والأيدولوجيا من وجهة نظرى لن تحلها، فالأيدولوجيا تحل قضية كيف توزع الثروة، لكن كيف تصنع الثورة هو سؤال معرفى، ولذا أرى أنا مانحتاجه هو المعرفة أولا وثانيًا وثالثًا، وأعتقد أن الشباب أكثر دراية بخطاب العالم الجديد، وأكثر قدرة على التخاطب معه، وأكثر قدرة على إمتلاك مهارات العصر، وبالتالى عندما خرجت بعض الشخصيات تحلل الثورات العربية ومن بينهم الأستاذ محمد حسنين هيكل، مع احترامى لهم رأيت أن تحليلهم لايمت للواقع الجديد بصلة، فهى ظاهرة جديدة تحتاج إلى أدوات جديدة، ولاتصلح معها أدوات الخمسين عاما الماضية، فنحن نحلل ظاهرة جديدة غير مسبوقة، والثورات الجديدة فى العالم العربى اليوم ليست هى ثورة يوليو 1952 أو الانقلاب الذى حدث فى ليبيا أو سوريا، فنحن إزاء نظام قيمى جديد، فشباب ميدان التحرير كانوا على بعد خطوات من السفارة الأمريكية، ولم يذهب إليها أحدهم ولم يذكروها على الإطلاق، خلافا لما كان عليه وضع جيلنا الذى كان يهتف فى السبعينات فى الشوارع ضد الإمبريالية وإسرائيل، وبالتالى فنحن نحتاج إلى أدوات جديدة لفهم هؤلاء الشباب حتى لانظلمهم، وحتى لا ندمر أطهر ظاهرة ونضعها فى إطار نظرية المؤامرة، أو ننسبهم للقاعدة أو أى ظاهرة أخرى كما ذهب بعض الكتاب، وما أحب أن أؤكد عليه أن هذه الظاهرة هى ظاهرة جديدة، وآن الأوان للكتاب والمثقفين والمفكرين فى عالمنا العربى أن يخرجوا خارج الصندوق، وهم ينظرون إلى هذه الظاهرة التى تعد جديدة، والآن الحكم عليها بأدوات مفلسة، سيوصلنا إلى نتائج خاطئة .
- وما رأيكم فى موقف الإتحاد الأفريقى الذى يرفض الإعتراف بكم طالما استمر القتال ويدعو لتشكيل حكومة انتقالية تضم المجلس الإنتقالى ومسئولين سابقين حسبما أعلن الرئيس الجنوب إفريقى جاكوب زوما؟
أولا نحن قدمنا فى مؤتمر مجموعة الاتصال الدولية بالدوحة خريطة طريق، تؤكد بالحرف الواحد أن الحكومة الإنتقالية بعد سقوط النظام سيتم تشكيلها من بعض عناصر من النظام السابق والمجلس الوطنى الانتقالى بشرط أن يكون من سينضمون من النظام السابق من التكنوقراط وألا تكون أيديهم ملوثة بالدماء، وألا يكونوا سرقوا أموال الليبيين أو عذبوهم، وقلنا حتى نضمن الاستقرار يمكن أن يكون هناك ضباط أمن من النظام السابق، وقد حدث ذلك بالفعل فالغرفة الأمنية التى تم تشكيلها أخيرا تتكون من ضباط قدامى من كل الرتب .
- لماذا ؟
لأننا لا نريد أن يتكرر ما حدث فى العراق، وهناك منهجين فى كيفية إعادة الاستقرار، أولهما منهج الاستئصال كما حدث فى العراق، والذى تم بموجبه استئصال كل من كان له صلة بالنظام والذى أدى فى النهاية إلى الفوضى، وهناك منهج الاحتواء وهو أن تحتوى الكادر الموجود حتى تستطيع أن تبنى كوادرك، وما أريد أن أقوله أن خريطة الطريق التى طرحها المجلس الانتقالى أكدت ضرورة إشراك رموز من النظام السابق فى الحكومة الإنتقالية، لكننا فى ذات الوقت نعتبر أن هذا أمرا سياديا لاينبغى أن يتدخل فيه أى أحد، وجنوب إفريقيا هى التى كانت وراء هذا القرار، ولايمكن لأى قوة على وجه الأرض أن تفرض علينا شيئا .
- وماهى دوافع جنوب إفريقيا لذلك؟
دوافعها هى علاقتها الخاصة بالقذافى .
- هل هى الاستثمارات الليبية والمنافع الاقتصادية ؟
لدينا استثمارات فى كل الدول الإفريقية، فى أكثر من 40 دولة إفريقية، ولكن جنوب إفريقيا تتصرف هكذا لأسباب خاصة بها، ولا أريد أن أخوض فيها، ويمكن أن تسأل عنها هى، لكن ما أريد أن أقوله إن هذه سابقة خطيرة فى العلاقات الأفريقية - الإفريقية، ومن المفروض أن يتوقف الاتحاد الإفريقى عند هذا الحد، ولو سمح بهذا الطلب سيكون سابقة خطيرة فى العلاقات الأفريقية، فلا يجوز أن يتم الاشتراط للاعتراف بدولة معينة أن تقوم بتشكيل حكومتها وفقا لرغبة دولة أخرى، حتى عهد الوصاية انتهى .
الأفارقة لم يدعمونا
-هل تطالب الاتحاد الإفريقى بالاعتراف بالثورة التى تعبر عن إرادة الشعب الليبى؟
هذا شىء يعود لهم، والثورة الليبية انتصرت والحمد لله، ولكننا كنا نتمنى أن يكون إخوتنا الأفارقة أول من يمدوا أياديهم لإنقاذ الشعب الليبى وإدانة المذابح التى ارتكبها القذافى بحقه، ولكن هذا لم يحدث للأسف، منذ يوم 17 فبراير و حتى 19 مارس، فمنذ بداية مذابح القذافى إلى أن تدخل التحالف الدولى بقرار من مجلس الأمن كانت الجرائم ترتكب ليل نهار بحق الشعب الليبى والدم يسيل أنهارا فى شوارع ليبيا، ولم يصدر بيان إدانة واحد، كيف نفسر ذلك .
- اتهامكم للقذافى بالإستعانة بمرتزقة من الدول الإفريقية ثم الموقف الإفريقى الأخير تجاهكم.. هل يؤثر ذلك على موقفكم من القارة التى توجه إليها القذافى بقوة؟
للأسف أيضا إنهم لم يدينوا إستعانة القذافى بمرتزقة، وكان من المفترض أن يفعلوا ذلك، لأن هذه سابقة خطيرة تسمم العلاقات الإفريقية.
- ما مدى صحة المعلومات التى تحدثت عن فرار القذافى وعائلته إلى الجزائر؟
ليس لدينا شيئًا مؤكدًا حول ذلك، لكننا نحاول أن نجمع أكبر قدر من المعلومات عن مكان إختفائه، وشكلنا فرقا للاستطلاع وجمع المعلومات.
- وماذا عن العلاقات مع الجزائر؟
فى النهاية العلاقات الليبية - الجزائرية علاقات تاريخية، ومن الضروري تجاوز ما حدث فى الستة أشهر الماضية، ومن أخطأ فيها ومن أصاب وكل هذه القصص، أنا أعتقد أنه من مصلحة الشعبين الجزائرى والليبى أن ننظر للمستقبل، ونبنى علاقة ممتازة بين الشعوب .
- وهل سيسرى ذلك المنهج على الدول الإفريقية المجاورة لكم وغيرها.. هل ستفتحون معها صفحة جديدة؟
سنؤسس علاقاتنا مع جميع الدول على أساس الإحترام والمصالح المتبادلين، وهناك علاقات إستراتيجية مع بعض الدول، لا ينبغي تتحكم فيها نزوات عابرة هنا أو هناك، وهناك دول أخرى بالنسبة لنا هى دول هامشية .
- جماعات حقوق الإنسان ناشدت المجلس الإنتقالى وأيضا ماتبقى من كتائب القذافى الكف عن إنتهاكات وصفوها بالواسعة لحقوق الإنسان.. ماهو موقفكم من ذلك؟
نحن نحقق فى أى إنتهاك لحقوق الإنسان، وشكلنا لجانا من أجل ذلك، وعندما يثبت أن هناك مدانون يقدمون للمحاكمة .
- نعلم أن لك علاقة خاصة جدا بمصر؟
نعم، ففيها تعلمت وعملت بها فترة طويلة جدًا، وتزوجت منها سابقا، فمصر هى جزء من تكوينى بحق .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى