- الحلاق صبغ شعره وسوزان حلقت له ذقنه وأربعة من السكرتارية رافقوه للقاهرة
- حارس في القفص: جمال قال لوالده: «ماتخافش أحنا مش هننهار» - هايدي وخديجة زارتاه في المستشفي في العاشرة مساءً وبعدها طارت أدويته إلي مطار شرم الشيخ -طائرته وصلت الماظة في الخامسة فجراً وبقي في الاستراحة ثلاث ساعات ونصف الساعة ليطمئن علي تأمين حياته
ثمة نظم تطمح لكبش الشمس بيدها.. وتهوي القفز علي الحواجز.. وتسكن البرق وتحلم بتغيير الكون.. وثمة نظم منبطحة علي قفاها وتؤثر السلامة كالخراف والأرانب وتسكن السفح ولا تري من الحكم سوي دفتر الشيكات.
طوال ثلاثين سنة من الفساد والضعف نجح مبارك ببراعة يحسد عليها في أن يكون النموذج المثالي للنوع الأخير من النظم السياسية.
لقد وحدت طول مدة حكمه بينه وبين الوطن الذي وضعته الظروف علي عرشه.. فلم يعرف الفرق بين ما هو عام وما هو خاص.. بين ما هو صواب وما هو خطأ.. ما هو له وما هو عليه.
رأيته ذات يوم يقول غاضبا ساخطا مهددا: " سأترك الحكم وشوفوا حيحصل للبلد أيه؟ ".. كان مؤمنا أن مصر بدونه ستموت.. سترحل عن الوجود.. ستختفي من علي ظهر الأرض.. فهو الدولة والدولة هو.. وهي الجملة التي أسقطت الملكية في فرنسا.. وأجهزت عليها قبل أن تولد في مصر.
لا فرق بين لويس فرنسا ومبارك مصر وشاوشيسكو رومانيا وصدام العراق.. كلهم أنهوا زمن الفرح في بلادهم.. وسكبوا الحبر الأسود علي سمائها الزرقاء.. ووضعوا الشمس تحت الإقامة الجبرية.. وقطعوا أعناق المساجد بأمواس الحلاقة.. ونهبوا الروحانيات من الكنائس.. والغوا اللون الأخضر من الحقول والقلوب.. لكن.. ظل البشر هنا وهناك واقفين كالرماح المغروسة في أعماق الأرض.. وعلي هذه الرماح كانت نهايتهم.
لقد وقعت المعجزة بعد سبعة آلاف سنة من الفرعونية الصارمة.. ومثل حاكم مصري أمام محاكمة.. إن هذا المشهد في حد ذاته يكفي كي نشعر بأننا شعب لا يزال علي قيد الحياة.. فبدون الحق في محاسبة الرأس الكبير.. نحن موتي وإن أكلنا وشربنا وصمنا وصلينا وتزوجنا وتناسلنا.
إن صفة التاريخية التي انتهكت من سوء استعمالها في مباريات الكرة ومهرجانات السينما استردت كيانها.. فنحن أمام محاكمة تاريخية بالفعل.. مثل فيها رئيس جمهورية في قفص عادة ما يستقبل اللصوص والقتلة.
لقد احتضن مبارك هايدي وخديجة زوجتا ولديه مساء يوم المحكمة قبل أن يغادر شرم الشيخ.. بعدها طارت حقائب فيها أجهزة وأدوية للقاهرة.. كي تنتظره في مطار الماظة الذي وصله فجر المحاكمة.. بالتحديد في الساعة الخامسة صباحا.. وبقي في الأستراحة ثلاث ساعات ونصف قبل أن تحمله طائرة هيلكوبتر إلي اكاديمية الشرطة التي كانت تحمل اسمه من قبل.
كان برفقته أربعة من سكرتاريته الخاصة هم مصطفي شاهين وإبراهيم فتحي وحسام عيسوي وحسين محمد.. وكلهم يحملون رتبا عسكرية.. ويتقاضون رواتبهم وبدلاتهم من رئاسة الجمهورية.. فنحن أمام رئيس فقد منصبه لكنه لم يفقد مميزاته.. نحن أمام متهم في اي بي.
بدا في صحة جيدة.. وحرص علي صبغ شعره.. وحلق لحيته.. وإن ضعف سمعه.. واهتز صوته.. والغريب أنه وضع ساعة في معصمه علي غير ما ينصح به أطباء القلب.. فالذبذبات التي تخرج منها تزيد من متاعب القلب.
إن صورته التي جاء عليها لم تثر تعاطف الشعب معه.. وكان ذلك متوقعا لو ظهر في المحكمة ضعيفا مهزوزا منكسرا.
لقد سيطرت عليه حالة من السكون تعكس شعورا داخليا بالإنكار.. فهو لا يشعر بالذنب.. ولا تبدو عليه علامات الندم من قتل مئات من المتظاهرين المسالمين.. ونهب المليارات.. وسيادة العشوائيات.. وخيانة النظام الجمهوري سعيا لتوريث ابنه الحكم لتعود مصر ملكية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى