بالطبع تذكرونها، لكن ليس المهم أن نذكرها نحن، بل أن يتذكرها أولو الأمر الذين لم يعد أحد منهم يخرج علينا ليحدثنا عن أخبارها، وإلى أين وصلت جهود، لن أقول إستردادها، بل التأكد أصلا من وجودها أو حتى التوصل إلى الصندوق الأسود الذى سيمكننا من معرفة حجم ماتم إخفاؤه منها خلال فترة الـ 18 يوما الأولى من الثورة ثم خلال فترة حكم أحمد شفيق ومحمود وجدى ووصولا إلى يوم الحادى والعشرين من مارس الذى صدر فيه قرار الإتحاد الأوروبى بتجميد أموال مبارك ورجاله.
دعنى أذكرك أننى نشرت فى يوم 2 يونيو الماضى تصريحا قاله لى مساعد النائب العام المستشار هشام الدرندلى يؤكد أن الولايات المتحدة لم تقم بتجميد أموال مبارك وأذنابه، ولم أقرأ منذ تلك اللحظة مايفيد أن المجلس العسكرى أو حكومة الدكتور شرف قد مارست ضغوطا جادة على الولايات المتحدة لتجميد أموال مبارك وأذنابه أو حتى للحصول على تفسير لعدم تجميد تلك الأموال التى اعترفت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون بوجودها فى زيارتها الأولى لمصر وكان ذلك فى لقاء مع عدد من الناشطين السياسيين نشر تفاصيله الدكتور حسن نافعة، بالطبع لا نتوقع من بعض منظمات المجتمع المدنى التى تلقت من الأمريكان 165 مليون دولار أن تمارس هذا الضغط فهى مهتمة بالأخذ أكثر من إهتمامها بالإسترداد، لذلك يظل أملنا الوحيد فى حكومة مدنية منتخبة يمكن أن تفتح تحقيقات واسعة نعرف من خلالها أولا بأول من المسؤول عن تأخر طلبات تجميد أموال مبارك وأسرته وأتب
اعه والتى لم تصدر إلا فى الأيام الأخيرة من شهر فبراير ليحصل هؤلاء على مهلة أكثر من عشرة أيام داخل مصر وأكثر من أربعين يوما خارجها وأكثر من ستة أشهر فى الولايات المتحدة وهو مايمكنهم من إخفاء كنوز قارون لو أرادوا؟، ومن هو المسؤول عن هروب حسين سالم ويوسف بطرس غالى خارج مصر فى توقيت حساس مثل الذى سافرا فيه؟، وغيرها من الأسئلة الشائكة التى أؤمن يقينا أننا سنعرف إجابات حاسمة قاطعة لها لو تمكنا من عبور هذه الفترة الإنتقالية على خير، لأن السلطة المدنية المنتخبة (رئيسا وحكومة ومجالس نيابية) ستتفانى من أجل إثبات جدارتها بثقة الشعب، وقد علمنا التاريخ سواء كان تاريخ مصر خلال الفترة الليبرالية الشكلية أو خلال عهود ملوك ثورة يوليو أن جهاز الدولة المصرية العتيق أيا كان حجم فساده وتعقيده يتجاوب إلى حد كبير مع رأس السلطة، ويقوم بتطويع نفسه لخدمة مطالبه وأهداف، ولذلك يحدونى الأمل أن تقوم السلطة المدنية المنتخبة أيا كانت هويتها بتشكيل جهاز متخصص فى التحقيق فى كل الممارسات المالية التى جرت طيلة عهد مبارك، على أن يعمل هذا الجهاز بطريقة مختلفة تعتمد على التعاون مع التروس الصغيرة فى الدولة والتى تعرف الكثير ويمكن أن تقدم الكثير لو تمت معاملتها بطريقة ذكية تجمع بين الترغيب والترهيب.
هذا المدخل إقترحته رسالة فى غاية الأهمية وصلتنى من قارئ كريم سقط منى إسمه سهوا بعد أن نقلت محتوى رسالته وأرجو أن يعيد إرسال إسمه لكى أنسب له الفضل كاملا فيما ورد فى رسالته من إجراءات تبدو بسيطة جدا وبديهية لكن لا أحد فينا يعلم ما إذا كان قد تم إتخاذها أو العمل بها، لماذا لأننا لا نملك جهة مدنية نستطيع محاسبتها ومراقبتها، بل نعيش ونحن نرفع شعار (ياخفى الألطاف نجنا مما نخاف). فى رسالته يقترح القارئ الكريم تشكيل لجنة من خبراء محاسبات وخبراء بنكيين وخبراء فى الأجهزة الرقابية يقومون بعدة إجراءات منها: وضع اليد على المستندات المالية الخاصة بالإيرادات والمتحصلات التى دخلت خزينة الرئاسة منذ 30 عاما سواء كانت من مصادر مصرية أو تحويلات خارجية فى شكل منح. ويطلب من كافة الهيئات التى تحول المبالغ إلى خزينة الرئاسة أن تقدم بيانات مالية بكافة المبالغ المحولة إلى الرئاسة خلال السنوات الماضية مع إستدعاء المسؤولين عن حسابات الخزينة فى هذه الوزارات للإفادة بشهاداتهم عن المبالغ النقدية المحولة للرئاسة مقابل مكافآت مالية لهم للإرشاد. وكذلك إستدعاء من كانوا يعملون فى الإدارات المالية فى رئاسة الدولة ويُطلب منهم الكشف عن كافة البيانات المالية التى يعرفونها على أن تخصص منح مالية مجزية لكل من يقدم معلومات جديدة. تطلب اللجنة من كافة البنوك العاملة فى الدولة التى قامت بمسك حسابات لاى من المشتبه فيهم أو تعاملت معهم ماليا أن تزودها بكافة الإيداعات النقدية أو التحويلات الواردة على كل حساب وكافة تفاصيل التحويلات خلال السنوات الماضية. ويطلب من البنك المركزى تزويد اللجنة بأية مبالغ تم تحويلها إلى الخارج بناء على تعليمات الرئاسة أو الرئيس أو المخول بالتوقيع عن حسابات الرئاسة طيلة سنوات الرئاسة. تطلب اللجنة من وزارة التعاون الدولى كشفا بكافة مبالغ المنح والهبات التى دخلت مصر من واقع الإتفاقيات طيلة السنوات الماضية والجهات التى تم صرفها فيها ولصالح من صرفت أو حولت. تطلب بيانا من البنك المركزى بكميات المعادن النفيسة المشتراة بإسم مصر من ذهب وفضة وبلاتين وغيره وكيفية التصرف فيها وهل تم تحويل جزء منها لحساب الرئاسة ولمن سلمت أو حولت وفى أى بنك حفظت، وتستدعى المحافظين السابقين للبنك المركزى للإدلاء بمعلوماتهم خلال فترة إدارتهم للبنك المركزى. من المعروف أن جميع البنوك لديها سجلاتها وعند إتلاف المستندات بعد فترة فإن كل بنك لديه نظام ميكروفيلم وأنظمة أخرى لحفظ المستندات للرجوع إليها عند الحاجة أو عند رفع قضايا على البنوك ولا يستطيع أى بنك إنكار ذلك. يتم إستدعاء المستشارين القانونيين الذين عملوا فى الرئاسة ويطلب منهم تقديم صور عن عقود شركات الإفشور التى أسست فى العالم لصالح الرئاسة أو لصالح الرئاسة شخصيا ومكان تواجدها وأسماء البنوك التى كانت تدير هذه الشركات فى الخارج وبيان الممتلكات فى هذه الشركات وتحركاتها بالإضافة إلى الحذف والتصرف فيها بالبيع ولمن بيعت أو تم التنازل عنها”.
وهنا تحضرنى حكمة ليست صينية تقول «إذا فشلت فى معرفة أين خبأت الخراتيت أموالها، لماذا لا تجرب حظك مع الثعالب الصغيرة التى ساعدت فى إخفائها أو حتى مع الفئران التى شاهدت ماحدث».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى