- أنا صحافي مصري ولدت عام 1956 م في مدينة السويس، بدأت ممارسة الصحافة عام 1985 كمراسل صحافي، قمت بتغطية الحرب في يوغسلافيا السابقة،وكرواتيا والبوسنة والهرسك والشيشان.
عام 1997 ، ومع بدء إرسال قناة الجزيرة، بدأت في إنتاج برنامج «نقطة ساخنة » وإخراج بعض حلقاته،
الذي تجولت من خلاله راصداً بعين تسجيلية استكشافية مناطق الأزمات في مختلف أنحاء العالم،
بلغت حلقات البرنامج أربعًا وأربعين حلقة شملت أكثر من خمسين دولة.
ثم بدأت في إعداد وتقديم برنامج «يحكى أن: الذي يعيد سرد واقعة حدثت على لسان أبطالها، موثقة وبالاستعانة بطريقة إعادة
تمثيل الحادثة .
مستقر في دبي بدءًا من عام 2000 ، وأسست شركة «هوت سبوت فيلمز » للإنتاج التلفزيوني المتخصصة في إنتاج
وتسويق البرامج والأفلام الوثائقية .
* ما هي المسافة بين العمل مراسلاً صحافيًّا لجريدة، والعمل معدًّا للبرامج الوثائقية على الفضائيات؟
- المسافة كبيرة جدًّا بين ما هو مكتوب وما هو مرئي، وفي كل يجد المرء ما يستمتع به، ففي العمل كمراسل، أنت تستمع بتبليغ الخبر وبصياغة العبارة، وتعمل تحت ضغط الوقت، ويجب أن تكون مستعدًّا 24 ساعة، وهو محصلةجهدك أنت وحدك .
أما العمل في البرامج والأفلام الوثائقية، فثمة مصدر آخر للاستمتاع، وهو العمل الجماعي، فهناك فريق ضخم عليك أن تتناغم معه ويتناغم معك، والعمل الذي سينتج هو محصلة جهود مشتركة، وفي «الوثائقي » أنت تتأمل، لست معنيًّا بخبر، بل بقصة كاملة يجب أن تنجح في عرضها وأن تتسلح بكل الأدوات الفنية التي تساعدك في إيصال رسالتك .
* هل يمكن أن نطلق عليك وصف «المراسل الحربي ؟ »
- في الحقيقة، لا أهتم كثيرًا بمسألة «العناوين » أوالتصنيفات، لكني مهموم ما إذا كانت رسائلي وصلت أم لا، فقد كنت معنيًّا بإجلاء الصورة،
منحازًا إلى ما أراه حقا، مراهنًا على موضوعيتي .
* لماذا لم تشغل فلسطين حيزًا في أفلامك .. أليست على قائمة الحكايا؟
- هي أم الحكايا، وهي حلمي الذي أتمنى أن أنجزه قبل أن أموت، بل إني واثق من ذلك، حتى إنني في لحظات الخوف من الموت لأي سبب
أتذكر أنني لم أزر فلسطين بعد، ولعلي أزعم أن ما من حكاية ذكرتها، إلا وكانت عيني على فلسطين، بعد الثورة المصرية، تغيرت الأوضاع إيجابيًّا،
ولعلنا الآن نستطيع أن نجتاز الطريق إلى غزة ولا نجد من يوقفنا في مطار القاهرة .
* قد يتسم الفيلم الوثائقي للوهلة الأولى بالملل والطول والجمود؟ كيف حولته إلى فيلم أقرب إلى السينما من حيث السيناريو والإخراج؟
- عندما أبدأ في العمل، أضع المشاهد أمامي، وأبذل كل ما وفي وسعي لأن أحتفظ به كل ثانية، أحارب هذا «الريموت كونترول » اللعين القادر على إلغائي في أي لحظة، وأعتقد أن المتعة يجب أن تتوافر في كل عمل وثائقي، وأستخدم كل الوسائل والأدوات الفنية لتطويع الفكرة وعرضها بشكل
غير ممل والانتصار على «الريموت كنترول .»
* كيف ولدت فكرة برنامجي «نقطة ساخنة » و «يحكى أن ؟ » وما سبب توقفهما؟
- فيما يخص «نقطة ساخنة » ، فقد عملت طويلاً في إعداد التقارير التلفزيونية من مناطق الحرب ومناطق الأزمات
لكن شعرت أن الخبر لا يشرح للناس حقيقة الأمر، كما أن هناك أمورًا تجري خلف الستار لا تهتم بها ماكينة الأخبار المهمومة بالحدث الآني، وهو بالغ الأهمية، لذلك،حلمت وفكرت في برنامج يعنى بشرح جوانب مجهولة من قضايا ربما معروفة، أو بتسليط الضوء على قضايا مجهولة تمامًا .
أما «يحكى أن » ، فله قصة أخرى، فعبر سفري المتعدد، وانشغالي بموضوعات «نقطة ساخنة » ، وجدت قصصًا ثرية لا يسمح لها وقت البرنامج، فحلمت بأن أسردها بشكل فني وأدبي، على طريقة «أبو زيد الهلالي ». فالحكاية والأسلوب القصصي هما الأقرب للناس .
أما عن انقطاعهما، فهناك مجموعة من الأسباب، فقد انشغلت بما تنتجه شركتي، وشاب نفسي بعض الملل، كما أنني كنت بحاجة لراحة ذهنية،
كنت أحتاج لأن أبتعد بعض الشيء، وأسأل نفسي : هل من جدوى لما أفعل، هل هناك من متلقٍ ! الآن أجدني في تحدٍ جديد، فالعالم العربي يعيش ربيعه، وأفكر فيما يمكن أن أفعله الآن .
* يقول البعض إن انقطاعك هو نتيجة خلاف مع سياسة » الجزيرة ». كيف تعلق؟
« - الجزيرة » منبر إعلامي محترم، له أخطاؤه التي يقع فيها كطبيعة العمل البشري، وأدين له بتمكيني من التعبير بأشكال مختلفة لكنني لست موظفًا فيها، وبالتالي، لا أنتظر أن أتفق مع سياسة الجزيرة اتفاقا كاملاً حتى تكون بيننا فرص للعمل .
* تخطى «يحكى أن » حدود الوطن العربي إلى دول بعيدة عن المشاهد جغرافيًّا وثقافيًّا وسياسيًّا . ألم تكن لديك مخاوف بأن يبتعد المشاهد عن المتابعة؟
- عندما أسافر إلى أقصى الدنيا، أظل عربيًّا مهمومًا بقضاياي العربية، ومن ثم، فإن أي عمل أنجزه يستهدف العربي . التشابه بين البشر كبير، والظالم هو الظالم وإن تغيراسمه وعنوانه، والمظلوم هو المظلوم، وبالتالي كان مقصدي سرد قصص مشابهة . أنجزت حلقة عن الثورة البرتقالية في
أوكرانيا، وسميتها «الميدان » ، وها هي تتكرر بعد عدة سنوات ولكن بمذاق مصري وفي ميدان التحرير .
* كيف تصف مصر بعد الثورة بكلمات قصيرة؟
- هي بحق مصر الجديدة، لذلك قلت إن الطريق نحو فلسطين قد اقترب .
* تعدّ حاليًّا «نقطة ساخنة » ، وهذه المرة من القاهرة . كيف جرى العمل؟
- في هذه الحلقة، حطمت القواعد الصارمة التي أتبعها،فلم أعطِ نفسي الوقت الكافي للبحث والإعداد، كنت تواقا لفعل أي شيء من مصر بعد الثورة، هذه أول حلقة لي أصورها في مصر، لقد أنجزت حلقة من التبت وقابلت الدالاي لاما، لكني لم أنجز من قبل حلقة من مصر ولم ألتق حتى بوزير ها أنذا الآن أفعل، وأكتشف مصر من جديد بعد 25 عامًا من الابتعاد، وأكتشف شعبي من جديد .
اكتشفت الشباب وأنا أدعي أنني قريب منهم . اكتشفت كيف يفكرون . الثورة أثرت على طريقة تفكيري في تربيتي لأولادي، أدركت أن عليّ أن أستوعب هؤلاء الشباب، وإلا لن يكون لي مكان بينهم أو بجانبهم، ليس عليك أن تتكلم
باللغة العربية الفصحى خطبة عصماء مقطب الوجه لتكون ثائرًا . كن في داخلك مبدئيًّا ولا تبحث عن الصورة .
كن طبيعيًّا ولا تكن زعيمًا . هؤلاء الشباب على وعي غريب،لم أفهم كيف تحصلوا عليه، بنصرهم وضعونا في مأزق حقيقي، لقد بتنا في مرحلة ما بعد الأحلام، «هذه اللحظة »التي تحدث عنها القائل الشهير «هرمنا » ، هذه اللحظة مرت، ماذا نفعل الآن، ليس إلا أن نكون شبابًا حتى وإن كنا قد هرمنا .
* إلى أي مدى عانى أسعد طه من «مقص الرقيب » ؟ ومتى شعر أسعد طه بتضييق الخناق عليه كصحافي؟
- تجربتي مع الجزيرة إيجابية للغاية، بوسعي القول إن مقص الرقيب لم ينل أيًّا من أعمالي، أما الشعور بتضييق الخناق أثناء العمل في الميدان، فيقع بين حين وآخر، وقد ازداد بصورة صارخة بعد أحداث سبتمبر . هويتك الصحافية لاتحميك من الشبهات، فأنت في النهاية عربي .
* يعتقد البعض أن الشروع في تأسيس شركة للإنتاج يعني الاتجاه نحو الإعلام التجاري . ما رأيك؟
- تقصدين الإعلام الهزلي، لأن التكسب من وراء الإعلام ليس تهمة، وعلى كل حال، فإن العبرة بما تنتجه هذه الشركة، وليس في كونها شركة، لقد أسست شركتي قبل أكثر من عشر سنوات، وأعتز بما أنتجته، بالطبع هناك أخطاء، لكني أحاول أن يكون إنتاجي عملاً جادًّا يحمل قيمة ما، وأقصد بالعمل الجاد العمل الذي يستهدف قيمًا نبيلة .
* كيف يفصل أسعد طه بين التزام الموضوعية والقيم الأخلاقية؟
- أنا أزعم التزامي الموضوعية ما استطعت، لكن هذا لا يمنعني من التعبير عن انحيازي لهذا الطرف أو ذاك، وهو انحياز مبني على قيم أخلاقية وليس على ميول أو عواطف .
* يقال إن قدرًا كبيرًا من روعة أسعد طه كمقدم في سحر صوته . ما رأيك؟
- أحمد الله عز وجل على ما رزقني من نعم، لكني أعتز بما أختاره، لم أختر صوتي، لكني اخترت ما عبرت عنه في حكاياتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى