لا توجد دولة في العالم يحكمها «مشايخ» ونجحت في تحقيق الرفاهية والحرية لشعبها القهر في إيران والطبقية في السعودية والحرب الأهلية في السودان
لا يزيد حلم الشاب الإيراني عن بنطلون جينز كالح مهلهل تماشيًا مع الموضة لكن ما إن ينجح في تحقيق حلمه الصغير حتي يجد 70 ألف شرطي يتبعون جهاز الأمن الديني يطاردونه ويعتقلونه ويحاكمونه بتهمة التشبه بالكفرة في الغرب
إن ذلك الجهاز القمعي المخيف هو الذي يحدد للرجل لون ثيابه وللمرأة كريم بشرتها وللطفل حليب رضاعته
والأجنبي الذي يُضبط وهو يبيع سجائر أمريكية يُقبض عليه بتهمة نشر الرذيلة وربما اعتبروه جاسوسا
وأنا في طهران دخلت محلاً يبيع الفواكه المجففة والتقت عيني وجه امرأة لم أصادف في حياتي أجمل منها ومن شدة جاذبيتها التصقت عيناي بملامحها لكن ما إن خرجتُ من المكان ناجياً بنفسي من سحرها حتي لحقت بي في عرض الطريق عارضة نفسها مقابل مائة دولار أو كيس من الهيروين أيهما أقرب
وفزعت وقفزت في أول تاكسي توقف فقد تخيلت نفسي متهماً بأكثر الجرائم إثارة في إيران مصاحبة امرأة وتسهيل الإدمان لها والعقوبة تبدأ بالجلد وتنتهي بالرجم بجانب فضيحة مدوية بالزغاريد والصاجات
ودخلت غرفتي في فندق استقلال وأنا ألهث وكأن كل فرق الشرطة الدينية تطاردني وعندما رويت الواقعة لمن لهم خبرة بالثورة الخومينية لم يتعجب أحد منهم فمثل هذا الأمر علي ما يبدو معروف ومعتاد فالنظام المجنون بتخصيب اليورانيوم لتصنيع القنبلة النووية لا يوفر لشعبه حياة كريمة تتوافر فيها الحرية الشخصية فلا يجد الشعب أمامه سوي الغرق في الجنس والمخدرات
إن العربة لو مشت في اتجاه، والخيول مشت في اتجاه معاكس، فإن العربة ستتحطم والخيول ستفر كذلك لو مشي النظام السياسي في طريق والشعب في طريق سنجد طلاقاً بائناً بينهما ولو كان المظهر الخارجي يسوده التدين والاحتشام فكثيرا ما تكون العبادة مجرد قشرة خارجية تغطي ما في النفوس من دعارة
الدولة الدينية ليست جنة الرحمن علي الأرض كما يروج لها المنتفعون بها فالتفسيرات الذاتية للنصوص المقدسة ليس بالضرورة أن تكون شرعية إنها اجتهادات بشرية تخطئ وتصيب، ولو غلفت بالآيات والأحاديث وإلا ما كان علي السطح كل هذه الفرق والتيارات والجماعات الإسلامية المختلفة فهناك من يصر علي استخدام السلاح وهناك من يلبس مسوح الديمقراطية وهناك من يلعب علي الشكل متجاهلا الجوهر وهناك من يعالج النفوس المريضة بالحنان والرحمة ويعطي أكثر من فرصة للرجوع في الخطأ والتوبة عن الذنب فالدين واحد لكن العقول شتي
وليس علي خريطة العالم الآن دولة يحكمها «مشايخ » ونجحت في تحقيق الرفاهية والحرية لشعبها بل علي العكس سنجد القهر في إيران والطبقية في السعودية والموت في أفغانستان والحرب الأهلية والصراعات العرقية والتقسيمات الجغرافية في السودان وكلها دول أساءت إلي الإسلام بتحميله ما لا يحتمل ونسب إليه ما هو منقطع الصلة به
ليس بالمرشدين والمنشدين والملتحين وحدهم تتحق الدولة الديمقراطية الراقية التي نحلم بها ليس بقطع اليد وفرض النقاب وإجبار الناس علي الصلاة سنصل إلي هذه الدولة ليس بوضع آيات الله علي العلم الوطني سنتمتع بخبراتها وحرياتها وأحلامها ومن لم يتعلم من تجارب غيره يستحق العذاب في الدنيا وفي الآخرة فهو لم يستخدم عقله الذي ميزه به الله عن باقي مخلوقاته سيحاسب لأن الله أودع عقله أمانة وهو قد خانها لقد عشت تلك التجربة الإيرانية قبل نحو عشر سنوات في وقت كانت فيه البلاد تحت حكم رجل متفتح هو خاتمي ومن ثم اعتبرت التجربة التي فررت منها حالة فردية عابرة لا تهدد سلامة التجربة الإسلامية في إيران لكن في الأسبوع الماضي نسفت زميلتي مي سمير حساباتي وجاءت تحمل تحقيقاً مصوراً موثقاً نشرته مجلة باري ماتش الفرنسية، وضع إيران في المرتبة الثانية علي قائمة أكثر الدول استهلاكاً للمخدرات أما الدولة الأولي فهي دولة إسلامية أيضا هي أفغانستان
إن فرض المظاهر وحده لا يكفي فالشعوب لا ترقي بالقهر والقهر هو القهر سواء فرضه ديكتاتور سياسي، أو أجبر الناس عليه شيخ لا يكف لسانه عن الكلام في الدين ولا حول ولا قوة إلا بالله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى