مبارك استعان بشركة علاقات عامة أمريكية لمساعدته في ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية القادمة
3 شروط فرضتها الولايات المتحدة لاستمرار المعونة:
1 عدم وصول منظمة إسلامية إرهابية للحكم
2 حماية حقوق الأقليات
3 عدم المساس بمعاهدة السلام مع إسرائيل
المدونات الأمريكية اليسارية تتهم المخابرات المركزية بالعبث بالثورات العربية لصالح النظم الديكتاتورية
«تبدو السياسة الأمريكية المضطربة تجاه مصر ما بعد الثورة كعصفورة جائعة تفتش في فضلات الحبوب عن طعام يشبعها»
الوصف ليس من قاموس لغتي الخاصة وإنما تشبيه أدبي وسياسي توصل إليه دون ترتيب الصحفي الأمريكي المتميز بوب وود ورد في حوار تليفوني جري بيني وبينه عن سوء الفهم المتبادل بين القاهرة وواشنطن
بدا واضحا من حجم المعلومات التي أرسلها لي عبر بريدي الإلكتروني أن كثيرا مما ينشر في الصحافة المصرية عن الأزمات الأخيرة بين البلدين لا يكشف الحقيقة ولا يتعامل معها
1
في يونيه الماضي قدمت الإدارة الأمريكية مشروع قرار يحمل رقم «5382» خاص بـ تمويل المساعدات الخارجية في 360 صفحة إلي اللجنة المختصة في مجلس الشيوخ بالكونجرس وبصعوبة جرت الموافقة علي القرار بفارق خمسة أصوات فقط
كان نصيب مصر من القرار ست صفحات وثلاثة شروط إجبارية كي تستمر المعونة الأمريكية بشقيها المدني والعسكري لها
الشرط الأول الحرص علي حقوق الإنسان وتوفير الديمقراطية وحماية حقوق الأقليات وعدم المساس بها ونسيان اضطهادها
الشرط الثاني الالتزام بمعاهدة السلام مع إسرائيل والحرص عليها وعدم تجاوز بنودها بجانب استمرار جهود مكافحة التهريب علي الحدود بين البلدين
الشرط الثالث عدم وصول منظمة إسلامية متطرفة إلي الحكم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة
ولو كان الجمهوريون يعتبرون الإخوان منظمة إرهابية علنا مثلهم مثل الروس، فإن الديمقراطيين يعتبرونهم منظمة إرهابية سرا رغم كل ما صرحوا به عن استعدادهم لحوار متبادل بين الطرفين لم يحدث حتي الآن
وهناك تقارير لا حصر لها علي مكتب باراك أوباما تبحث مدي إيمان الإخوان بالديمقراطية وتداول السلطة وغالبيتها يقترح الاعتراف بهم لو وصلوا لحكم مصر بعملية انتخابية نزيهة وفي الوقت نفسه لا يستمر التعامل معهم أو مساعدتهم كما فعلوا مع حماس
في هذه الحالة سيكون من السهل علي اللوبي اليهودي ممارسة ضغوط هائلة لحرمان مصر من المعونة العسكرية لكن من المؤكد أن المؤسسة العسكرية في بلادنا تتوقع مثل هذا الإجراء منذ سنوات مضت فقامت بادخار مبالغ تغطي المعونة لعدة سنوات قادمة
وعلي الرئيس الأمريكي أن يقدم للكونجرس تقريرا يضمن فيه تنفيذ مصر للشروط الثلاثة كي تستمر المعونة وكانت مهمة تقديم التقرير مسئولية وزيرة الخارجية فيما قبل التقرير هذه المرة انتقل إلي المستوي الأعلي البيت الأبيض وهو تغير يجب التوقف عنده طويلا
والحقيقة أن الخوف من الإخوان يفوق الرغبة في استيعابهم ويقف في أول الصف المعارض مراكز الأبحاث المحافظة المؤيدة لإسرائيل بجانب دوائر الإعلام المحافظة مثل صحيفة «واشنطن تايمز» وصحيفة «وول ستريت جورنال» وإن كان معهد كارينجي ــ الذي انتمي إليه عمرو حمزاوي قبل عودته إلي القاهرة ــ يتحمس للجماعة العريقة
لكن القرار الذي نجا من لجنة العلاقات الخارجية سيذهب إلي لجنة الاعتمادات المالية ومنها إلي مجلس الشيوخ ثم مجلس النواب وسيكون التصويت النهائي عليه في منتصف العام القادم في وقت سيكون أوباما نفسه بطة عرجاء بسبب الانتخابات الرئاسية القادمة
2
في الشهر نفسه عقدت جلسات استماع في الكونجرس لستة سفراء جدد سترسلهم الولايات المتحدة إلي قطر والإمارات والكويت وكازاخستان وأوزبكستان ومصر وتولت السفيرة آن باترسون المرشحة للعمل في القاهرة الرد علي 28 سؤالا كان أغلبها يدور حول العلاقات المصرية الإسرائيلية مستقبل معاهدة السلام متاعب الحدود وطبيعة التحالف بين حماس والإخوان وتأثير غياب نظام مبارك الكنز الاستراتيجي للدولة العبرية
لكن ذلك كله لم يلفت نظر المصريين ولم يشغل بالهم فقد توقفوا طويلا عند ما وصفوه بفضيحة تمويل منظمات المجتمع المدني ودعم التحول الديمقراطي خاصة أن الاتهامات التي وجهت إلي حركة 6 أبريل كانت حاضرة وساخنة
أخرجت آن باترسون من حقيبتها ملفا قالت وهي تقرأ منه إن بلادها صرفت 65 مليون دولار علي هذه المنظمات بجانب 150 مليون دولار أخري ذهبت لمساندة منشآت ومؤسسات اقتصادية صغيرة لم تثر غضب أحد بل ربما لا يعرف بها أحد
انفقت المعونة الأمريكية 40 مليون دولار علي ثلاث منظمات أمريكية تعمل في مصر بدعوي نشر الديمقراطية هي المعهد الجمهوري والمعهد الديمقراطي والمؤسسة الدولية للنظم الانتخابية أما الباقي وهو لا يزيد علي 25 مليون دولار فلم ينفق بعد كل ما حدث أن هيئة المعونة طلبت من المنظمات المصرية التقدم بمشروعات سياسية وشعبية ديمقراطية
والمقصود أن التمويل يذهب إلي منظمات لا إلي أفراد كما أن التمويل يسبقه مشروع يجب اعتماده قبل الإنفاق عليه يضاف إلي ذلك أن هناك مراجعة للصرف تفرضها لوائح المعونة
ولا تصرف الأموال نقدا وإنما تحول عبر المصارف المصرية وهو ما يعني أن البنك المركزي يعرف كل صغيرة وكبيرة عن التحويلات الأمريكية التي تأتي للمنظمات المصرية ولو كان فيها ما يشين فلماذا لا يجري كشفها علنا كي نعرف البريء من المذنب؟
وحسب القانون الأمريكي لا يحق للحركات السياسية مثل 6 أبريل وغيرها الحصول علي تمويل مباشر أو غير مباشر من المعونة الأمريكية ولو حدث ذلك فإن مسئولي المعونة يتعرضون للعقاب لكن لا يمنع التدريب في دورات خاصة ينفق فيها علي المشاركين تكاليف السفر والإقامة والترفيه بجانب مصروف جيب لا يزيد عادة علي 50 دولارا
لكن الغريب أن السلطات المصرية لم تقترب من المنظمات الأمريكية التي تعمل علي أرضها دون موافقة رسمية منا وهو أمر لو لم يثر الدهشة فإنه يوجب الاستغراب
3
لا هم للمنظمات الأمريكية والمصرية في الشهور القادمة سوي مراقبة الانتخابات التشريعية والرئاسية التي تدق الأبواب والغريب أن السلطة الجديدة في مصر تعاني من نفس حساسية سلطة مبارك الماضية تجاه المراقبة الدولية
يضاف إلي ذلك أن الرقابة الدولية لا تفرض نفسها علي بلد إلا بموافقته كما أن هيئات الرقابة وأهمها مؤسسة كارتر لا تدخل مكانا إلا بموافقة أصحابه كما أنها في حاجة إلي ستة أشهر كي ترتب نفسها ومن ثم ليست لها فرصة هذه المرة
لكن هذه الهيئات لن تيأس من مراقبة الانتخابات القادمة في مصر فقد اتفقت مع منظمات محلية لتقوم نيابة عنها بهذه المهمة وهو ما سبق أن حدث في الانتخابات السابقة
4
في أبريل الماضي نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريرا سعت من خلاله للإجابة عن سؤال راح يفرض نفسه وهو هل للولايات المتحدة دور في الثورات العربية المتتالية والمفاجئة التي اجتاحت مثل الإعصار النظم الديكتاتورية المتسلطة والمظلمة؟
اعتبر التقرير أن دورات التدريب علي التحول الديمقراطي ــ واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي في التحريض علي الثورة ــ التي شارك فيها شباب من مختلف الدول العربية هي السبب المباشر لما حدث وهو امر لا يمكن قبوله منفردا مهما كانت أهميته فقد كانت هناك عوامل أخري مؤثرة وفاعلة منها انضمام فئات وجماعات وتنظيمات شعبية وسياسية للثورة والدفاع عنها والاستشهاد في سبيلها
يضاف إلي ذلك أن هذه الدورات التي وصل عددها إلي 3500 دورة استمرت عشر سنوات ولو كانت بالفاعلية الصاعقة التي يصفونها لكانت الثورات قد وقعت قبل ذلك بزمن
وحسب التقرير نفسه فإن منظمة فريدم هاوس تولت رعاية مؤتمر للحركة الشبابية الدولية الذي جمع نشطاء من جميع انحاء العالم في نيويورك وشاركت شركات مثل جوجل ومايكرو سوفت في التمويل والتدريب وحضر المؤتمر شباب من مصر لن تكشف الصحيفة عنهم وإن ذكرت أنهم عبروا عن صعوبة تحدي نظام مبارك بوسائل بدائية فكان أن طلبوا دعمهم بأجهزة كمبيوتر محمولة نوت بوك أو لاب توب
وبعد أن نشرت هذا التقرير راحت مدونات أمريكية يسارية تتهم فريدم هاوس وغيرها من المنظمات المشابهة بأنها علي علاقة بوكالة المخابرات المركزية ويعمل فيها ضباط سابقون منها
إن نجاح الثورات العربية ــ مهما كانت المساعدات والتدريبات ــ يرجع للغضب الشعبي الذي صبر طويلا علي الظلم والقهر والفقر والعنف ليصبح مثل مخزن وقود قابل للانفجار بمجرد أن يشم اللهب يضاف إلي ذلك أن الولايات المتحدة كانت متحمسة لنظام مبارك ولا تجد أفضل منه ليخدمها وكل ما كانت تريده هو تقوية المعارضة من باب الضغط عليه دون رغبة حقيقية في إسقاطه
5
وهناك مفاجأة لم تكشف من قبل وهي أن مبارك كان ينتوي الترشح لرئاسة الجمهورية هذه المرة أيضا وكان يناور زوجته كي لا تقاوم خطوته التي لم يكشف عنها لأحد فهو لن يقبل بلقب رئيس سابق فهو والسلطة توحدا معا بحيث اصبح من الصعب فصلهما ولو بالتدخل الجراحي
والدليل علي ذلك أن السفارة المصرية في واشنطن سعت للاتصال بشركة علاقات عامة هي«سي ال إس» كي تروج لترشحه وتدعو إليه بحيث يبدو ترشحه كأنه استجابة وليس استعدادا
ويحتاج ملف شركات العلاقات العامة التي تتعامل معها مصر أن يفتح أمام الرأي العام بكل ما فيه من أسرار وخبايا وحكايات إن هناك شركات من هذه الفصيلة تتعامل معها مصر وتنفق عليها مئات الملايين من الدولارات مثل شركات بوديستا ولينفنجستون وبالما وغيرها بما يصل بعدد هذه الشركات إلي سبع وتسعي هذه الشركات التي تعمل مع مصر منذ عام 1980 إلي التأثير في الكونجرس كي لا يقف في وجه استمرار المعونة العسكرية لها 1300 مليون دولار سنويا وحسب تقرير أخير فإن هذه الشركات أجرت ما لايقل عن 279 اتصالا بشأن القضايا العسكرية ومعظمها حدث عندما رافق مسئولون في الشركات وفودا من ضباط الجيش المصري للقاء مسئولين في الكونجرس والبيت الأبيض وممثلين عن شركات السلاح مثل بي ايه سيستمز وجنرال دايناميكس وجنرال إليكتريك ولوكهيد مارتن
أما شركة العلاقات العامة هيل ونولتون فتستخدمها مصر لتعزيز صناعة تكنولوجيا الاتصالات وهو أمر لم يكشف من قبل
وفي عام 2009 وقع نظام مبارك عقدا مع شركة شالوبك دفع بمقتضاه 45 ألف دولار شهريا بخلاف مصاريف أخري ليقنع الولايات المتحدة بأنه نظام ديمقراطي وان ما يقال عن لجوئه للعنف والتعذيب والاعتقال هو من قبيل الدعاية السوداء المضادة
وكان العقد الأخير تمهيدا لعقد «سي ال اس» الذي كان سيستخدم لترشحه علي خلاف ما أعلن لكن هل لا يزال العقد ساريا؟ هل لا نزال ندفع أقساطه؟ هل يمكن فسخه وتوفير تكاليفه لبناء مستوصف أو مدرسة أو حديقة بدلا من التسول علي الفضائيات؟ هل حان الوقت لنخرج من الغيبوبة التي كنا فيها لسنوات طويلة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى