مع نهاية يوم الجمعة الموافق 30 سبتمبر تلقى عدد من رؤساء الأحزاب وممثليها
اتصالا هاتفيا من المجلس العسكري يدعوهم فيه إلى اجتماع صباح السبت مع
الفريق سامي عنان رئيس الأركان وعدد من أعضاء المجلس العسكري وتم توجيه
الدعوة للأحزاب التالية حزب الوفد والحرية والعدالة والمصريين الأحرار
والعدل والديموقراطي الاجتماعي والجبهة والإصلاح والتنمية والنور والكرامة
والغد والوسط والناصري ومصر الحديثة والعربي للعدل والمساواة وحضر الجميع
للاجتماع باستثناء حزب الوسط
في مقر وزارة الدفاع تم عقد الاجتماع الذي بدأ في حوالي الثانية عشرة والنصف وبدأ الفريق عنان الاجتماع بالترحيب بالحضور والتأكيد على أن المجلس العسكري ليس طامعا في السلطة وأنه سيسلم السلطة للمدنيين في أقرب وقت ممكن وأن هدف الاجتماع هو التوافق على خطة زمنية لنقل السلطة وإنهاء الفترة الانتقالية ومناقشة المطالب التي رفعتها الأحزاب وينادي بها الشارع ، استفتح الحديث المهندس محمد سامي من حزب الكرامة وسأل الفريق عنان هل هذا الاجتماع للنقاش حول هذه الخطة أم أنه مجرد اجتماع لإعلام الأحزاب وإخبارها بما قرره المجلس فأجابه الفريق أن الاجتماع للنقاش وأن كل الأمور قابلة للتغيير إذا تم التوافق عليها وأن المجلس يمتلك المرونة الكافية لتعديل أي جزئية إذا اقتنع بها ورآها ملائمة ومحل توافق من القوى السياسية
وبدأ النقاش حول المطالب الاساسية التي سألخص النقاشات حولها كل على حدة:
أولا : الجدول الزمني لنقل السلطة وإنهاء الفترة الانتقالية
قال الفريق عنان أن المجلس يرى أن تكون نهاية انتخابات مجلس الشعب أوائل يناير وتكون أول جلسة للمجلس يوم 17 مارس وأن تكون أول جلسة لمجلس الشورى يوم 24 مارس على أن تعقد الجلسة المشتركة للمجلسين في الاسبوع الاول لشهر ابريل ويتم اعطاء فترة 6 شهور كحد اقصى لاختيار وانتخاب اللجنة التأسيسية التي ستضع الدستور ثم إعطاء فترة 6 أشهر أخرى كحد اقصى لانهاء عملية صياغة الدستوريتبعها استفتاء على الدستور يتبعه فى اليوم التالى لاعلان النتيجة – إن كانت بالإيجاب - فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية، علما أن الحد الاقصى ليس ملزما وإذا انتهت عملية اختيار اللجنة أو صياغة الدستور قبل نهاية الحد الأقصى لها يتم إقرارها فورا والانتقال للخطوة التي تليها
ودار النقاش حول هذه الخطة المقترحة واعترض الدكتور محمد مرسي على تعطيل مجلس الشعب كل هذه الفترة بلا مبرر سوى انتظار مجلس الشورى وطالب بتفعيل المجلس بعد انتهاء الانتخابات وقال السيد محمد أنور السادات أن هذه الفترة يمكن استغلالها في تعريف النواب الجدد بمهام النائب وشكل الآداء في المجلس خاصة أن المتوقع أن تكون النسبة الأكبر من الأعضاء من الوافدين الجدد على البرلمان وطالب الدكتور سيد البدوي بان يتسلم مجلس الشعب المنتخب مهامه من أول يوم سواء التشريعية أو الرقابية وتحدثت عن طول الفترة الانتقالية وان الناس تنتظر رئيسا منتخبا في اسرع وقت وأن بهذه الخطة ستكون انتخابات الرئاسة في ابريل 2013 وأن هذا سيؤثر على الوضع الاقتصادي وصورة مصر مع عدم الاستقرار وأن انتخاب رئيس مدني هو المفتاح الذي سيجعل صورة مصر الخارجية تتحسن لينمو الاقتصاد ويطمئن الثوار على انتقال السلطة للمدنيين وأضفت في حديثي : أن الناس بدأت تشعر بالخوف من تكرار سيناريو 1954 الذي أجهض التحول الديموقراطي وقلت أن المجلس لا بد أن يتفهم مخاوف الناس وأن يدرك أن البطء في الفترة الانتقالية هو السبب في ذلك وكذلك لا بد من التعامل مع الثورة كثورة حقيقية وليست مجرد انتفاضة تسفر عن بعض الاصلاحات الجزئية فقط
وحدثت مداخلات من زملاء آخرين في نفس الاتجاه وبعد النقاش مع الفريق عنان وأعضاء المجلس تم الاتفاق على أن يكون الجدول الزمني لنقل السلطة كالتالي :
يتم انعقاد مجلس الشعب المنتخب في النصف الثاني من يناير 2012 ويبدأ في ممارسة مهامه فورا ، واقترح البعض أن تكون الجلسة الافتتاحية يوم 25 يناير تمجيدا واحتراما للثورة العظيمة ، ويتم انعقاد مجلس الشورى بعد إعلان النتائج يوم 24 مارس 2012 على أن يتم الدعوة لعقد الاجتماع المشترك لمجلسي الشعب والشورى في الأسبوع الأخير من مارس أو الأسبوع الأول من ابريل ويتم خلاله اختيار اعضاء الجمعية التأسيسية المكلفة باعداد مشروع الدستور وصياغة مقترح الدستور خلال 6 اشهر كحد أقصى ثم يتم الدعوة لعمل استفتاء شعبي على الدستور وفي حالة الموافقة عليه بالإيجاب يتم فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية في اليوم التالي لإعلان نتيجة الاستفتاء
أسئلة طرحت وإجابات قيلت عن هذه النقطة : س لماذا لا يتم انتخاب رئيس قبل وضع الدستور ؟ ج : لأنه لا يمكن انتخاب رئيس دون ان يتم تحديد نظام الحكم الذي سيكون رئاسيا أو برلمانيا طبقا لصياغة الدستور ، س لماذا لا يتم إلغاء مجلس الشورى من الأساس خاصة أنه لا أهمية لوجود ويكلف خزانة الدولة ويطيل من عمر الفترة الانتقالية ؟ ج : لا يمكننا عمل ذلك ونترك هذه الخطوة إلى الجمعية التأسيسية وهي تصيغ الدستور
ثانيا : قانون الغدر والمنع السياسي لفلول الحزب الوطني
قال اللواء ممدوح شاهين أن قانون الغدر تم الغاءه عام 71 وأنه يحتوى على مواد استثنائية ويعطي رئيس الجمهورية صلاحيات وسلطات واسعة وقال الدكتور محمد أبو الغار : أن قانون الغدر لن يمنع عودة الفلول لأنهم موجودون بالعصبية والقبلية وانه لا يوافق عليه لأنه قانون استثنائي ولا يجب أن تقبل الثورة قوانين استثنائية وقال السيد أنور السادات أنه يخشى أن يؤثر قانون الغدر على السلام الاجتماعي بسبب انتقام الفلول وعشائرهم مما يهدد التماسك الاجتماعي في مصر ولكنه قال أن المنع السياسي المؤقت قد يكون الأفضل وتحدث الدكتور محمد مرسي والسيد البدوي عن المنع السياسي لكل فلول الوطني بدءا من المحليات وشن السيد السعيد كامل من حزب الجبهة هجوما حادا على عدم تفعيل قانون الغدر وقال أن في الشرقية بلده يوجد وزراء ينتمون للوطني والنظام البائد يعقدون مؤتمرات جماهيرية وسيخوضون الانتخابات القادمة بلا خجل وتحدث الدكتور أحمد سعيد من المصريين الأحرار عن أهمية تنقية المشهد السياسي قبل إجراء الانتخابات القادمة بتفعيل قانون الغدر وإلغاء الطوارىء وقال أن الوقت المتاح لدينا كأحزاب لخوض الانتخابات غير كاف وضيق لعرض برامجنا الانتخابية لذا كانوا يحبذون تأجيل الانتخابات وعرض الفريق عنان ورقة مقدمة من 22 حزب تطالب بتأجيل الانتخابات وقال هناك عدد كبير من الأحزاب يطالب بتأجيل الانتخابات فقلت له يا فندم هذه احزاب الفلول والأحزاب الكرتونية ، كل من يخاف على مصر يدرك ضرورة واهمية اجراء الانتخابات فورا واكد السيد رامى لكح على ضرورة ملاحقة الفلول بكل الطرق الممكنة
وبعد مداولات طويلة تم التوصل لهذه الصيغة وهي دراسة مرسوم بقانون يقوم بحرمان الفئات الآتية من ممارسة الحقوق السياسية لمدة عامين ( مما يضمن عدم ترشحهم الدورة البرلمانية القادمة وكذلك المحليات ) :
1 – أعضاء مجلس الشعب والشورى من الحزب الوطني فى انتخابات 2010
2 – أعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطني
3 – أعضاء المكتب السياسي والأمانة العامة للحزب الوطني
4 – أمناء الحزب الوطني بالمحافظات
وتقوم بذلك لجنة قضائية يحددها القانون ، وطلب الفريق عنان انتظار البت النهائي خلال 72 ساعة في هذه النقطة قد تمتد لاسبوع كحد أقصى لمراجعة المجلس العسكري كاملا
ثالثا : قانون الطوارىء
أجمع الحاضرون أن بقاء قانون الطوارىء سبة في حق مصر وفي حق الثورة وأنه يجب إلغاء حالة الطوارىء فورا ومعالجة القصور الأمني بإعادة هيكلة الداخلية ومتابعة آداءها المتردي حتى الآن ، ووعد الفريق عنان بدراسة إلغاء حالة الطوارىء قبل إجراء الانتخابات إلا في بعض الحالات الإجرامية التي لا تتعلق بحرية الرأي والتعبير مثل البلطجة وطلب الفريق عنان انتظار البت النهائي خلال 72 ساعة في هذه النقطة قد تمتد لأسبوع كحد أقصى لمراجعة المجلس العسكري كاملا
رابعا : قانون الانتخابات
تحدث الدكتور أحمد سعيد ود. أبو الغار عن الكتلة المصرية وتحدث د. محمد مرسى ود. سيد البدوي عن التحالف الديموقراطي وأكدوا أن الجميع يرفض الصيغة النهائية للقانون ويعترض على طريقة إخراجه ، كذلك طالب الدكتور عماد عبد الغفور من حزب النور بتعديل المادة 5 والسماح للحزبيين بالترشح على مقاعد الفردي واستغرب من خروج القانون بهذا الشكل وقال شعرت أنني كنت نائما في لقاءنا الماضي مع المجلس لأن هذا القانون بهذا الشكل لم يمر علينا أبدا واعترضت أنا على الإعلان الدستوري دون استفتاء والطريقة السرية التي خرج بها القانون واعترض اللواء شاهين قائلا لقد نشرناه في الجريدة الرسمية وسألته كم مصري يقرأ هذه الجريدة ؟ وبعد مداولات ونقاشات تم الاتفاق على تعديل المادة الخامسة من القانون بما يسمح للأحزاب والمستقلين بالترشح على الفردي واحترام رأي المحكمة الدستورية في تخصيص نسبة للمقاعد لفئة المستقلين الذين لا ينتمون لأحزاب وهم الغالبية من الشعب المصري كذلك تم الاتفاق على إصدار مرسوم بتغليظ العقوبات على الجرائم الانتخابية مثل شراء الأصوات وغيرها
خامسا : المحاكم العسكرية
تم التأكيد من قبل الفريق عنان على إلغاء المحاكم العسكرية نهائيا للمدنيين إلا في حالة الجرائم المنصوص عليها بقانون القضاء العسكري مثل الاعتداء على افراد من القوات المسلحة أو سرقة ذخيرة أو مهاجمة منشآت عسكرية وتم النقاش حول مصير المحكوم عليهم عسكريا وضرورة إعادة النظر في القضايا لتبرئة الذين لم تثبت عليهم تهم تدينهم
سادسا : الرقابة على الانتخابات
قال الدكتور سيد البدوي أن الإشراف الدولي على الانتخابات يمثل انتهاكا للسيادة المصرية ويفتح الباب للتدخل الأجنبي في مصر وأن هناك قوى خارجية تتمنى تمزيق مصر وقال الفريق عنان ليس لدينا ما نخفيه ونرحب بالمتابعة والمشاهدة الإعلامية المحلية والدولية وكذلك كافة المنظمات المدنية المحلية والأجنبية لمتابعة الانتخابات ، فقمت بسؤاله عن الفرق بين الرقابة والمتابعة فأجاب أن الرقابة ترتبط بمعنى الإشراف الدولي وهو مرفوض خاصة أن قضاة مصر هم من يشرفون على الانتخابات وأن المتابعة تكفل الرصد وفضح الانتهاكات أن وجدت
سابعا : المبادىء الدستورية ومعايير اختيار الجمعية التأسيسية
تم الاتفاق على وضع وثيقة المبادىء الدستورية ومعايير اختيار اللجنة التأسيسية كوثيقة شرف وليس في إعلان دستوري ، يتعهد الجميع بالالتزام بما فيها بعد الانتخابات أثناء اختيار الجمعية التأسيسية وإعداد مشروع الدستور الجديد وتم الاتفاق على أنها ستكون منبثقة من وثيقة الأزهر والوثيقة الأخيرة التي أعدها مجلس الوزراء مع بعض التعديلات الأخيرة وقال الفريق عنان أنه سيوقع ممثلا عن المجلس العسكري على هذه الوثيقة مع ممثلي الاحزاب ووافق الاخوان والسلفيون وكذلك الأحزاب الليبرالية الحاضرة وقال الدكتور محمد مرسي أنها ستكون استرشادية فأكد الفريق عنان أنها يجب الالتزام بها من الجميع واحترام كلمتهم بعد التوقيع عليها والذي سيتم أمام وسائل الإعلام والشعب ليحاسب الشعب من سيخرق الالتزام
وانتهى الاجتماع بقراءة لنص البيان من اللواء اسماعيل عتمان ووافق الجميع على الصياغة واستئذن الدكتور أبو الغار في الرحيل لارتباطه بمواعيد مسبقة وأكد على موافقته على البيان وأنه سيأتي للتوقيع صباح باكر عند اللواء محمد العصار نظرا لضيق وقته الذي لم يسمح له بالانتظار بكتابة نص البيان على الكومبيوتر وطباعته وانتقل الاجتماع لقاعة أخرى لتدور مناقشات مختلفة مع الفريق عنان حول فكرة القائمة الوطنية الموحدة والتحالفات الانتخابية إلى أن تم طبع البيان والتوقيع عليه من الحاضرين بلا استثناء وحملت الفقرة رقم 6 بالبيان تلميحا إلى فكرة الشراكة المجتمعية مع الدولة لإعادة الأمن وأشارت الفقرة الأخيرة حول تأييد المجلس في استجابته للمطالب الشعبية والمرونة التي أبداها في نقاشه مع ممثلي الأحزاب وتعهده بنقل السلطة للمدنيين عبر الخطة الزمنية المعلنة
انتهى الاجتماع وتتبقى بعض الملاحظات لما أثاره هذا الاجتماع وهذا البيان من لغط شديد غير مفهوم ولا يتسم بالعقلانية والتأمل في تفاصيل الأمور وأحب أن أسجل هذه الملاحظات
أولا : أن مطالب جمعة 30 سبتمبر كانت تركز بشكل أساسي على خمسة نقاط : تعديل قانون الانتخابات وإلغاء الطوارىء وتفعيل قانون الغدر وعمل جدول زمني معلن لتسليم السلطة للمدنيين وإيقاف المحاكمات العسكرية وهذا ما تم إنجازه بالفعل مع انتظار أيام قليلة لإعلان المجلس إيقاف حالة الطوارىء وإصدار مرسوم بقانون المنع السياسي لفلول الوطني وهذا ما استشف جميع الحاضرون أنه سيحدث بل قال عدد كبير من الحضور أن المليونيات ستستمر إذا لم يتم الاستجابة لكل المطالب وأكدت على توازي مسار الضغط السياسي والضغط الشعبي ومشروعيته وقال الفريق عنان تعليقا على ذلك : ليس عندنا مانع ان تتظاهروا فى التحرير وتعبروا عن انفسكم ولكن لا تسمحوا لاحد بمهاجمة منشآت الدولة وإيقاع الفتنة بين الشعب والجيش حفاظا على هذا الوطن
ثانيا : هناك إنجاز تاريخى قد تم في هذا الاجتماع وهو اتمام التوافق بين الإسلاميين والليبراليين على فكرة وثيقة المبادىء الدستورية ومعايير اختيار الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وهذا سينهي حالة استقطاب رهيب كانت البلاد ستدخل إليه بعد الانتخابات إذا لم يتم التوافق على ذلك وفي هذا طمأنة للقلقين على مدنية الدولة أو انفراد أي فصيل بوضع الدستور حيث ستضمن هذه الوثيقة تمثيل كافة أطياف الشعب المصري في عملية صياغة الدستور وكذلك عدم الخروج أو الإنحراف عن طبيعة الدولة المصرية وهويتها الثقافية والسياسية
ثالثا : لأول مرة منذ تسلم المجلس العسكري السلطة عقب التنحي يتم تحديد خارطة طريق واضحة وبتواريخ أيام معلنة للجميع لتسليم السلطة وإنهاء الفترة الانتقالية والمجلس ملزم أدبيا بتنفيذ ما وعد به وإتمامه
رابعا : هناك فارق كبير بين الموائمات والتنازلات ،والعمل السياسي يقتضي الوصول للتوافق بما يمثل الحد الأدنى ولا يوجد فيه المفاصلات الصفرية ، ولعل نموذج الاختلاف على قانون الغدر بين ممثيى الأحزاب يمثل حالة لهذا التوافق الذي كان لا بد ان يتم ليتحقق المضمون مهما اختلف الشكل والمسمي
خامسا : لا يمكن قبول المزايدة والتخوين لرموز منهم من قضى سنوات من عمره في السجون ومنهم من اخترقت الرصاصات جسده أثناء الثورة ومنهم من تحمل الاعتقال والسحل والصعق بالكهرباء في سجون مبارك ، ولو أراد هؤلاء التزلف لأحد لتزلفوا للنظام قبل الثورة كي يأمنوا شره ولكنهم ثبتوا على مبادئهم حتى قامت هذه الثورة المجيدة بنضالهم ونضال رفاقهم وتراكم كل من ضحى لحرية هذا الوطن
سادسا: الذين يقومون بالتنظير في الفراغ وعدم قراءة الواقع والتعامل بمراهقة نفسية وسياسية مع شئون وطن يتألم وثورة لم تكتمل حتى الآن وتعاني من خطرالإجهاض ، لماذا يصرون على خداع أنفسهم وتجاهل الواقع ، ألم يلاحظ هؤلاء انحسار التأييد الشعبي للثوار بل ونقمة الكثير من المصريين اليوم على الثورة والثوار ، أيا كان السبب لذلك سواء نجاح حالة الاستعداء ضد الثورة بسبب الإعلام المضلل أو تشرذم الثوار أنفسهم وانقسامهم ، لذا فإن إنهاء الفترة الانتقالية والوصول لبرلمان شعبي منتخب هو الطريق الأول لإخراج البلد من هذا النفق المظلم الذي دخلت فيه وخروج هذا البرلمان للنور سيضمن للشعب أن يجد ممثلا حقيقيا له يتعامل مع المجلس العسكري ويضمن استكمال أهداف الثورة أما عدم ترتيب الأولويات وتشتيت الجهود هو العامل المدمر الذي قد يجعل الثورة أحلاما تتوارى مع الأيام
سابعا : أن توازي مسار العمل السياسي من خلال الأحزاب ومسار العمل الثوري عبر تعبئة الشارع وحشد الجماهير هو أمر هام لضمان نجاح هذه الثورة ، ونحن جميعا نحتاج لإعادة ترميم العلاقة بين الشعب والثوار ، وما أعظم الأحزاب التي تقود معركة الضغط السياسي وفي نفس الوقت لا تنسى مرجعيتها الثورية فتبادر بالتواجد بالميدان بين الناس وتصنع التناغم الرائع وتقدم نموذجا للأحزاب التي تجعل ممارسة السياسة جزءا من الثورة وإكمالا لها
ثامنا : نحتاج جميعا للتحلي بمنهجية التفكير والبعد عن العشوائية والعاطفية وتقييم الأمور في إطارها الصحيح بعد استجلاء جميع الملابسات والمعلومات الخاصة بأي قضية حتى لا نسىء لأنفسنا بأحكام متسرعة وأحكام قيمية لا تمت للمنطق بصلة
تاسعا : أن الثورة لن تمت فى قلوبنا وعلينا ان نثق أكثر في أنفسنا ، ونتفاعل مع الأحداث طبقا لطبيعتها وطالما أن رؤيتنا واضحة وأحلامنا لهذا الوطن نقية فستكتمل الثورة مهما تعثرت في الطريق وعلينا ان نطرد اليأس عن انفسنا وأن نتجنب صناع الإحباط والمتشائمين الذين يفسدون كل شىء جميل بتشاؤمهم وطاقتهم السلبية
وأخيرا أن هذا الوطن يمر بلحظات فارقة ، وستحدد الأيام القادمة مستقبل هذا الوطن وهذا يتطلب تضافر جميع الجهود لإنجاح هذه الثورة وإتمام مسار الهدم والتفكيك للانتقال إلى مسار البناء ، قوتنا في وحدتنا ، وروعتنا في تلاحمنا ، ونجاحنا في إخلاصنا ، عندنا من اليقين ما يكفى لأن نرى أن القادم أفضل وأن مصر لن تعود أبدا للوراء ، الله ..الوطن ..الثورة
في مقر وزارة الدفاع تم عقد الاجتماع الذي بدأ في حوالي الثانية عشرة والنصف وبدأ الفريق عنان الاجتماع بالترحيب بالحضور والتأكيد على أن المجلس العسكري ليس طامعا في السلطة وأنه سيسلم السلطة للمدنيين في أقرب وقت ممكن وأن هدف الاجتماع هو التوافق على خطة زمنية لنقل السلطة وإنهاء الفترة الانتقالية ومناقشة المطالب التي رفعتها الأحزاب وينادي بها الشارع ، استفتح الحديث المهندس محمد سامي من حزب الكرامة وسأل الفريق عنان هل هذا الاجتماع للنقاش حول هذه الخطة أم أنه مجرد اجتماع لإعلام الأحزاب وإخبارها بما قرره المجلس فأجابه الفريق أن الاجتماع للنقاش وأن كل الأمور قابلة للتغيير إذا تم التوافق عليها وأن المجلس يمتلك المرونة الكافية لتعديل أي جزئية إذا اقتنع بها ورآها ملائمة ومحل توافق من القوى السياسية
وبدأ النقاش حول المطالب الاساسية التي سألخص النقاشات حولها كل على حدة:
أولا : الجدول الزمني لنقل السلطة وإنهاء الفترة الانتقالية
قال الفريق عنان أن المجلس يرى أن تكون نهاية انتخابات مجلس الشعب أوائل يناير وتكون أول جلسة للمجلس يوم 17 مارس وأن تكون أول جلسة لمجلس الشورى يوم 24 مارس على أن تعقد الجلسة المشتركة للمجلسين في الاسبوع الاول لشهر ابريل ويتم اعطاء فترة 6 شهور كحد اقصى لاختيار وانتخاب اللجنة التأسيسية التي ستضع الدستور ثم إعطاء فترة 6 أشهر أخرى كحد اقصى لانهاء عملية صياغة الدستوريتبعها استفتاء على الدستور يتبعه فى اليوم التالى لاعلان النتيجة – إن كانت بالإيجاب - فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية، علما أن الحد الاقصى ليس ملزما وإذا انتهت عملية اختيار اللجنة أو صياغة الدستور قبل نهاية الحد الأقصى لها يتم إقرارها فورا والانتقال للخطوة التي تليها
ودار النقاش حول هذه الخطة المقترحة واعترض الدكتور محمد مرسي على تعطيل مجلس الشعب كل هذه الفترة بلا مبرر سوى انتظار مجلس الشورى وطالب بتفعيل المجلس بعد انتهاء الانتخابات وقال السيد محمد أنور السادات أن هذه الفترة يمكن استغلالها في تعريف النواب الجدد بمهام النائب وشكل الآداء في المجلس خاصة أن المتوقع أن تكون النسبة الأكبر من الأعضاء من الوافدين الجدد على البرلمان وطالب الدكتور سيد البدوي بان يتسلم مجلس الشعب المنتخب مهامه من أول يوم سواء التشريعية أو الرقابية وتحدثت عن طول الفترة الانتقالية وان الناس تنتظر رئيسا منتخبا في اسرع وقت وأن بهذه الخطة ستكون انتخابات الرئاسة في ابريل 2013 وأن هذا سيؤثر على الوضع الاقتصادي وصورة مصر مع عدم الاستقرار وأن انتخاب رئيس مدني هو المفتاح الذي سيجعل صورة مصر الخارجية تتحسن لينمو الاقتصاد ويطمئن الثوار على انتقال السلطة للمدنيين وأضفت في حديثي : أن الناس بدأت تشعر بالخوف من تكرار سيناريو 1954 الذي أجهض التحول الديموقراطي وقلت أن المجلس لا بد أن يتفهم مخاوف الناس وأن يدرك أن البطء في الفترة الانتقالية هو السبب في ذلك وكذلك لا بد من التعامل مع الثورة كثورة حقيقية وليست مجرد انتفاضة تسفر عن بعض الاصلاحات الجزئية فقط
وحدثت مداخلات من زملاء آخرين في نفس الاتجاه وبعد النقاش مع الفريق عنان وأعضاء المجلس تم الاتفاق على أن يكون الجدول الزمني لنقل السلطة كالتالي :
يتم انعقاد مجلس الشعب المنتخب في النصف الثاني من يناير 2012 ويبدأ في ممارسة مهامه فورا ، واقترح البعض أن تكون الجلسة الافتتاحية يوم 25 يناير تمجيدا واحتراما للثورة العظيمة ، ويتم انعقاد مجلس الشورى بعد إعلان النتائج يوم 24 مارس 2012 على أن يتم الدعوة لعقد الاجتماع المشترك لمجلسي الشعب والشورى في الأسبوع الأخير من مارس أو الأسبوع الأول من ابريل ويتم خلاله اختيار اعضاء الجمعية التأسيسية المكلفة باعداد مشروع الدستور وصياغة مقترح الدستور خلال 6 اشهر كحد أقصى ثم يتم الدعوة لعمل استفتاء شعبي على الدستور وفي حالة الموافقة عليه بالإيجاب يتم فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية في اليوم التالي لإعلان نتيجة الاستفتاء
أسئلة طرحت وإجابات قيلت عن هذه النقطة : س لماذا لا يتم انتخاب رئيس قبل وضع الدستور ؟ ج : لأنه لا يمكن انتخاب رئيس دون ان يتم تحديد نظام الحكم الذي سيكون رئاسيا أو برلمانيا طبقا لصياغة الدستور ، س لماذا لا يتم إلغاء مجلس الشورى من الأساس خاصة أنه لا أهمية لوجود ويكلف خزانة الدولة ويطيل من عمر الفترة الانتقالية ؟ ج : لا يمكننا عمل ذلك ونترك هذه الخطوة إلى الجمعية التأسيسية وهي تصيغ الدستور
ثانيا : قانون الغدر والمنع السياسي لفلول الحزب الوطني
قال اللواء ممدوح شاهين أن قانون الغدر تم الغاءه عام 71 وأنه يحتوى على مواد استثنائية ويعطي رئيس الجمهورية صلاحيات وسلطات واسعة وقال الدكتور محمد أبو الغار : أن قانون الغدر لن يمنع عودة الفلول لأنهم موجودون بالعصبية والقبلية وانه لا يوافق عليه لأنه قانون استثنائي ولا يجب أن تقبل الثورة قوانين استثنائية وقال السيد أنور السادات أنه يخشى أن يؤثر قانون الغدر على السلام الاجتماعي بسبب انتقام الفلول وعشائرهم مما يهدد التماسك الاجتماعي في مصر ولكنه قال أن المنع السياسي المؤقت قد يكون الأفضل وتحدث الدكتور محمد مرسي والسيد البدوي عن المنع السياسي لكل فلول الوطني بدءا من المحليات وشن السيد السعيد كامل من حزب الجبهة هجوما حادا على عدم تفعيل قانون الغدر وقال أن في الشرقية بلده يوجد وزراء ينتمون للوطني والنظام البائد يعقدون مؤتمرات جماهيرية وسيخوضون الانتخابات القادمة بلا خجل وتحدث الدكتور أحمد سعيد من المصريين الأحرار عن أهمية تنقية المشهد السياسي قبل إجراء الانتخابات القادمة بتفعيل قانون الغدر وإلغاء الطوارىء وقال أن الوقت المتاح لدينا كأحزاب لخوض الانتخابات غير كاف وضيق لعرض برامجنا الانتخابية لذا كانوا يحبذون تأجيل الانتخابات وعرض الفريق عنان ورقة مقدمة من 22 حزب تطالب بتأجيل الانتخابات وقال هناك عدد كبير من الأحزاب يطالب بتأجيل الانتخابات فقلت له يا فندم هذه احزاب الفلول والأحزاب الكرتونية ، كل من يخاف على مصر يدرك ضرورة واهمية اجراء الانتخابات فورا واكد السيد رامى لكح على ضرورة ملاحقة الفلول بكل الطرق الممكنة
وبعد مداولات طويلة تم التوصل لهذه الصيغة وهي دراسة مرسوم بقانون يقوم بحرمان الفئات الآتية من ممارسة الحقوق السياسية لمدة عامين ( مما يضمن عدم ترشحهم الدورة البرلمانية القادمة وكذلك المحليات ) :
1 – أعضاء مجلس الشعب والشورى من الحزب الوطني فى انتخابات 2010
2 – أعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطني
3 – أعضاء المكتب السياسي والأمانة العامة للحزب الوطني
4 – أمناء الحزب الوطني بالمحافظات
وتقوم بذلك لجنة قضائية يحددها القانون ، وطلب الفريق عنان انتظار البت النهائي خلال 72 ساعة في هذه النقطة قد تمتد لاسبوع كحد أقصى لمراجعة المجلس العسكري كاملا
ثالثا : قانون الطوارىء
أجمع الحاضرون أن بقاء قانون الطوارىء سبة في حق مصر وفي حق الثورة وأنه يجب إلغاء حالة الطوارىء فورا ومعالجة القصور الأمني بإعادة هيكلة الداخلية ومتابعة آداءها المتردي حتى الآن ، ووعد الفريق عنان بدراسة إلغاء حالة الطوارىء قبل إجراء الانتخابات إلا في بعض الحالات الإجرامية التي لا تتعلق بحرية الرأي والتعبير مثل البلطجة وطلب الفريق عنان انتظار البت النهائي خلال 72 ساعة في هذه النقطة قد تمتد لأسبوع كحد أقصى لمراجعة المجلس العسكري كاملا
رابعا : قانون الانتخابات
تحدث الدكتور أحمد سعيد ود. أبو الغار عن الكتلة المصرية وتحدث د. محمد مرسى ود. سيد البدوي عن التحالف الديموقراطي وأكدوا أن الجميع يرفض الصيغة النهائية للقانون ويعترض على طريقة إخراجه ، كذلك طالب الدكتور عماد عبد الغفور من حزب النور بتعديل المادة 5 والسماح للحزبيين بالترشح على مقاعد الفردي واستغرب من خروج القانون بهذا الشكل وقال شعرت أنني كنت نائما في لقاءنا الماضي مع المجلس لأن هذا القانون بهذا الشكل لم يمر علينا أبدا واعترضت أنا على الإعلان الدستوري دون استفتاء والطريقة السرية التي خرج بها القانون واعترض اللواء شاهين قائلا لقد نشرناه في الجريدة الرسمية وسألته كم مصري يقرأ هذه الجريدة ؟ وبعد مداولات ونقاشات تم الاتفاق على تعديل المادة الخامسة من القانون بما يسمح للأحزاب والمستقلين بالترشح على الفردي واحترام رأي المحكمة الدستورية في تخصيص نسبة للمقاعد لفئة المستقلين الذين لا ينتمون لأحزاب وهم الغالبية من الشعب المصري كذلك تم الاتفاق على إصدار مرسوم بتغليظ العقوبات على الجرائم الانتخابية مثل شراء الأصوات وغيرها
خامسا : المحاكم العسكرية
تم التأكيد من قبل الفريق عنان على إلغاء المحاكم العسكرية نهائيا للمدنيين إلا في حالة الجرائم المنصوص عليها بقانون القضاء العسكري مثل الاعتداء على افراد من القوات المسلحة أو سرقة ذخيرة أو مهاجمة منشآت عسكرية وتم النقاش حول مصير المحكوم عليهم عسكريا وضرورة إعادة النظر في القضايا لتبرئة الذين لم تثبت عليهم تهم تدينهم
سادسا : الرقابة على الانتخابات
قال الدكتور سيد البدوي أن الإشراف الدولي على الانتخابات يمثل انتهاكا للسيادة المصرية ويفتح الباب للتدخل الأجنبي في مصر وأن هناك قوى خارجية تتمنى تمزيق مصر وقال الفريق عنان ليس لدينا ما نخفيه ونرحب بالمتابعة والمشاهدة الإعلامية المحلية والدولية وكذلك كافة المنظمات المدنية المحلية والأجنبية لمتابعة الانتخابات ، فقمت بسؤاله عن الفرق بين الرقابة والمتابعة فأجاب أن الرقابة ترتبط بمعنى الإشراف الدولي وهو مرفوض خاصة أن قضاة مصر هم من يشرفون على الانتخابات وأن المتابعة تكفل الرصد وفضح الانتهاكات أن وجدت
سابعا : المبادىء الدستورية ومعايير اختيار الجمعية التأسيسية
تم الاتفاق على وضع وثيقة المبادىء الدستورية ومعايير اختيار اللجنة التأسيسية كوثيقة شرف وليس في إعلان دستوري ، يتعهد الجميع بالالتزام بما فيها بعد الانتخابات أثناء اختيار الجمعية التأسيسية وإعداد مشروع الدستور الجديد وتم الاتفاق على أنها ستكون منبثقة من وثيقة الأزهر والوثيقة الأخيرة التي أعدها مجلس الوزراء مع بعض التعديلات الأخيرة وقال الفريق عنان أنه سيوقع ممثلا عن المجلس العسكري على هذه الوثيقة مع ممثلي الاحزاب ووافق الاخوان والسلفيون وكذلك الأحزاب الليبرالية الحاضرة وقال الدكتور محمد مرسي أنها ستكون استرشادية فأكد الفريق عنان أنها يجب الالتزام بها من الجميع واحترام كلمتهم بعد التوقيع عليها والذي سيتم أمام وسائل الإعلام والشعب ليحاسب الشعب من سيخرق الالتزام
وانتهى الاجتماع بقراءة لنص البيان من اللواء اسماعيل عتمان ووافق الجميع على الصياغة واستئذن الدكتور أبو الغار في الرحيل لارتباطه بمواعيد مسبقة وأكد على موافقته على البيان وأنه سيأتي للتوقيع صباح باكر عند اللواء محمد العصار نظرا لضيق وقته الذي لم يسمح له بالانتظار بكتابة نص البيان على الكومبيوتر وطباعته وانتقل الاجتماع لقاعة أخرى لتدور مناقشات مختلفة مع الفريق عنان حول فكرة القائمة الوطنية الموحدة والتحالفات الانتخابية إلى أن تم طبع البيان والتوقيع عليه من الحاضرين بلا استثناء وحملت الفقرة رقم 6 بالبيان تلميحا إلى فكرة الشراكة المجتمعية مع الدولة لإعادة الأمن وأشارت الفقرة الأخيرة حول تأييد المجلس في استجابته للمطالب الشعبية والمرونة التي أبداها في نقاشه مع ممثلي الأحزاب وتعهده بنقل السلطة للمدنيين عبر الخطة الزمنية المعلنة
انتهى الاجتماع وتتبقى بعض الملاحظات لما أثاره هذا الاجتماع وهذا البيان من لغط شديد غير مفهوم ولا يتسم بالعقلانية والتأمل في تفاصيل الأمور وأحب أن أسجل هذه الملاحظات
أولا : أن مطالب جمعة 30 سبتمبر كانت تركز بشكل أساسي على خمسة نقاط : تعديل قانون الانتخابات وإلغاء الطوارىء وتفعيل قانون الغدر وعمل جدول زمني معلن لتسليم السلطة للمدنيين وإيقاف المحاكمات العسكرية وهذا ما تم إنجازه بالفعل مع انتظار أيام قليلة لإعلان المجلس إيقاف حالة الطوارىء وإصدار مرسوم بقانون المنع السياسي لفلول الوطني وهذا ما استشف جميع الحاضرون أنه سيحدث بل قال عدد كبير من الحضور أن المليونيات ستستمر إذا لم يتم الاستجابة لكل المطالب وأكدت على توازي مسار الضغط السياسي والضغط الشعبي ومشروعيته وقال الفريق عنان تعليقا على ذلك : ليس عندنا مانع ان تتظاهروا فى التحرير وتعبروا عن انفسكم ولكن لا تسمحوا لاحد بمهاجمة منشآت الدولة وإيقاع الفتنة بين الشعب والجيش حفاظا على هذا الوطن
ثانيا : هناك إنجاز تاريخى قد تم في هذا الاجتماع وهو اتمام التوافق بين الإسلاميين والليبراليين على فكرة وثيقة المبادىء الدستورية ومعايير اختيار الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وهذا سينهي حالة استقطاب رهيب كانت البلاد ستدخل إليه بعد الانتخابات إذا لم يتم التوافق على ذلك وفي هذا طمأنة للقلقين على مدنية الدولة أو انفراد أي فصيل بوضع الدستور حيث ستضمن هذه الوثيقة تمثيل كافة أطياف الشعب المصري في عملية صياغة الدستور وكذلك عدم الخروج أو الإنحراف عن طبيعة الدولة المصرية وهويتها الثقافية والسياسية
ثالثا : لأول مرة منذ تسلم المجلس العسكري السلطة عقب التنحي يتم تحديد خارطة طريق واضحة وبتواريخ أيام معلنة للجميع لتسليم السلطة وإنهاء الفترة الانتقالية والمجلس ملزم أدبيا بتنفيذ ما وعد به وإتمامه
رابعا : هناك فارق كبير بين الموائمات والتنازلات ،والعمل السياسي يقتضي الوصول للتوافق بما يمثل الحد الأدنى ولا يوجد فيه المفاصلات الصفرية ، ولعل نموذج الاختلاف على قانون الغدر بين ممثيى الأحزاب يمثل حالة لهذا التوافق الذي كان لا بد ان يتم ليتحقق المضمون مهما اختلف الشكل والمسمي
خامسا : لا يمكن قبول المزايدة والتخوين لرموز منهم من قضى سنوات من عمره في السجون ومنهم من اخترقت الرصاصات جسده أثناء الثورة ومنهم من تحمل الاعتقال والسحل والصعق بالكهرباء في سجون مبارك ، ولو أراد هؤلاء التزلف لأحد لتزلفوا للنظام قبل الثورة كي يأمنوا شره ولكنهم ثبتوا على مبادئهم حتى قامت هذه الثورة المجيدة بنضالهم ونضال رفاقهم وتراكم كل من ضحى لحرية هذا الوطن
سادسا: الذين يقومون بالتنظير في الفراغ وعدم قراءة الواقع والتعامل بمراهقة نفسية وسياسية مع شئون وطن يتألم وثورة لم تكتمل حتى الآن وتعاني من خطرالإجهاض ، لماذا يصرون على خداع أنفسهم وتجاهل الواقع ، ألم يلاحظ هؤلاء انحسار التأييد الشعبي للثوار بل ونقمة الكثير من المصريين اليوم على الثورة والثوار ، أيا كان السبب لذلك سواء نجاح حالة الاستعداء ضد الثورة بسبب الإعلام المضلل أو تشرذم الثوار أنفسهم وانقسامهم ، لذا فإن إنهاء الفترة الانتقالية والوصول لبرلمان شعبي منتخب هو الطريق الأول لإخراج البلد من هذا النفق المظلم الذي دخلت فيه وخروج هذا البرلمان للنور سيضمن للشعب أن يجد ممثلا حقيقيا له يتعامل مع المجلس العسكري ويضمن استكمال أهداف الثورة أما عدم ترتيب الأولويات وتشتيت الجهود هو العامل المدمر الذي قد يجعل الثورة أحلاما تتوارى مع الأيام
سابعا : أن توازي مسار العمل السياسي من خلال الأحزاب ومسار العمل الثوري عبر تعبئة الشارع وحشد الجماهير هو أمر هام لضمان نجاح هذه الثورة ، ونحن جميعا نحتاج لإعادة ترميم العلاقة بين الشعب والثوار ، وما أعظم الأحزاب التي تقود معركة الضغط السياسي وفي نفس الوقت لا تنسى مرجعيتها الثورية فتبادر بالتواجد بالميدان بين الناس وتصنع التناغم الرائع وتقدم نموذجا للأحزاب التي تجعل ممارسة السياسة جزءا من الثورة وإكمالا لها
ثامنا : نحتاج جميعا للتحلي بمنهجية التفكير والبعد عن العشوائية والعاطفية وتقييم الأمور في إطارها الصحيح بعد استجلاء جميع الملابسات والمعلومات الخاصة بأي قضية حتى لا نسىء لأنفسنا بأحكام متسرعة وأحكام قيمية لا تمت للمنطق بصلة
تاسعا : أن الثورة لن تمت فى قلوبنا وعلينا ان نثق أكثر في أنفسنا ، ونتفاعل مع الأحداث طبقا لطبيعتها وطالما أن رؤيتنا واضحة وأحلامنا لهذا الوطن نقية فستكتمل الثورة مهما تعثرت في الطريق وعلينا ان نطرد اليأس عن انفسنا وأن نتجنب صناع الإحباط والمتشائمين الذين يفسدون كل شىء جميل بتشاؤمهم وطاقتهم السلبية
وأخيرا أن هذا الوطن يمر بلحظات فارقة ، وستحدد الأيام القادمة مستقبل هذا الوطن وهذا يتطلب تضافر جميع الجهود لإنجاح هذه الثورة وإتمام مسار الهدم والتفكيك للانتقال إلى مسار البناء ، قوتنا في وحدتنا ، وروعتنا في تلاحمنا ، ونجاحنا في إخلاصنا ، عندنا من اليقين ما يكفى لأن نرى أن القادم أفضل وأن مصر لن تعود أبدا للوراء ، الله ..الوطن ..الثورة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى