يوميات: عادل قسطل موفد فرانس 24 إلى القاهرة في قلب الحدث بميدان التحرير
تستعد مصر للاقتراع في أول انتخابات تشريعية حرة بعد سقوط نظام الرئيس حسني مبارك. عادل قسطل، موفد فرانس 24 إلى القاهرة، يوافينا كل يوم بآخر مستجدات الشارع المصري ويرصد لنا انشغالات المواطنين وآمالهم قبيل هذا الاستحقاق الحاسم.
الإثنين 28 تشرين الثاني/ نوفمبر
مصر: صناديق الاقتراع أفرغت ميدان التحرير
كان للانتخابات أثر مباشر على ميدان التحرير، لأنها أفرغته. أقبل المصريون بكثافة على صناديق الاقتراع فبدأ ميدان التحرير يسترجع تدريجيا هدوءه وتضاءلت الاحتجاجات بشكل واضح. قبل أسبوع، كان المشهد في ميدان التحرير منافيا تماما لمشهد انتخابات هادئة وربما هذا ما جعل مصريين كثيرين يتحدثون عن إمكانية تأجيلها. في النهاية، تمّت في موعدها المحدد وأحرجت أطرافا كثيرة كان لها تصور مختلف عن تصور المجلس الأعلى للقوات المسلحة. نجاح العملية الانتخابية يريح الإخوان المسلمين كذلك. امتناعهم عن دعم المحتجين في ميدان التحرير كان محسوبا وهم يتقدمون بمنهجية واضحة. يشعر مصريون كثر بالحرج أمام هذا السيناريو: إما العسكر وإما الإخوان. في الوقت ذاته، يؤمن آخرون بقدرة المصريين على سحب الثقة من أي طرف سياسي إن لم يكن في مستوى تطلعاتهم. قال الزميل حافظ الميرازي في برنامج تلفزيوني: "انظرو كيف تصرفوا مع المشير (الطنطاوي)، فكيف سيتصرفون مع المرشد (زعيم الإخوان)؟
الانتخابات التشريعية المصرية 2011/11/28
الجمعة 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2011
المساندون للمشير طنطاوي يشككون في نوايا أصحاب "التحرير"
تظاهر المئات من المصريين في ميدان العباسية في القاهرة بعيد صلاة الجمعة. ساندوا المشير طنطاوي والمجلس الأعلى للقوات المسلحة. رفعوا شعارات غاضبة يمكن اختزالها في فكرة واحدة: المتظاهرون في ميدان التحرير ضد حكم العسكر لا يحبون الخير لمصر. شككت سيدة في نوايا هؤلاء وقالت إنهم ينفذون أجندات أجنبية وداخلية كذلك. علا صوت رجل في مكبر الصوت متهما ما أسماه بالإعلام المأجور بإفساد مصر. المشهد هو التالي: مع النظام في العباسية.. ضد النظام في التحرير. السؤال هو: ماذا سيحدث لو التقى المعسكران.
الخميس 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2011
الجيش في شارع محمد محمود: معطيات أمنية جديدة في محيط ميدان التحرير
وساطة الأزهريين أفضت إلى إخلاء شارع محمد محمود الرابط بين ميدان التحرير ومقر وزارة الداخلية. دخل الجيش على الخط (المتظاهرون يسمونه خط النار) بينما بدأ الشباب في تنظيف الشارع. شرح لنا الشاب تامر حسين أن إخلاء الشارع يقدم للعالم دليلا على النوايا الحسنة للمتظاهرين الذين يرفضون أن يقال عنهم إنهم يريدون الهجوم على مقر وزارة الداخلية
الجيش أقام حاجزا أمام وزارة الداخلية.
الأربعاء 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2011
هل صحيح أن الاقتصاد المصري في حالة صعبة؟
كلام المشير حسين الطنطاوي لم يقنع المتظاهرين، خاصة في شقه الاقتصادي. قال لي أحد المتظاهرين في ميدان التحرير: "كيف يتحدث عن خسائر الاقتصاد بسبب المتظاهرين وينسى تكلفة القنابل المسيلة للدموع؟ نخسر الآن قليلا لنربح كثيرا في المستقبل". كل مكاتب الشركات المحيطة بميدان التحرير مغلقة إلا واحدة وهي مختصة في الرحلات والسياحة. قالت السيدة منى العاملة فيها إن حركة الزبائن نزلت إلى خمسة بالمائة في ميدان التحرير فقط، ولكن النشاط الوطني باق على ما هو عليه ولم تسجل الشركة اضطرابات كإلغاء الرحلات من وإلى مصر. وزير السياحة الذي أدلى لقناتنا بتصريح متشائم ويتوقع تراجعا للسياحة. في الوقت ذاته، سجل الاقتصاد المصري نموا بعد أشهر قليلة من انطلاق الثورة. الحجة الاقتصادية تستغل في هذه المظاهرات في الاتجاهين: المساند والمناوئ للنظام
كل مكاتب الشركات المحيطة بميدان التحرير مغلقة إلا واحدة وهي مختصة في الرحلات والسياحة. قالت السيدة منى العاملة فيها إن حركة الزبائن نزلت إلى خمسة بالمائة في ميدان التحرير فقط.صورة عادل قسطل
الثلاثاء 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2011
الصفعة العسكرية أيقظت المصريين والتغيير مجرد حلم
كلمة واحدة تكفي لشرح ما يحدث بين آلاف المتظاهرين والسلطة المصرية: الطلاق. لم تبق ثقة بين الطرفين. عوض المشير الطنطاوي الرئيس السابق مبارك في أفواه المحتجين الذين كرهوا حكمه ولن يشفي غليلهم إلا تنحي المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن الحكم.
شعار "جيش شعب يد واحدة" الذي رفعه المصريون قبل عشرة أشهر لم يعد له معنى اليوم. سالت الدماء من جديد في بلد كان العالم يظن أنه قطع أطول شوط في مسار التغيير السياسي الذي يعرفه العالم العربي. مشهد الجرحى وهم يحملون على الأكتاف نحو "مستشفيات" ميدان التحرير بيّن هشاشة هذا التغيير السياسي في مصر. نزعة التسلط باقية، كأن نظام حسني مبارك لم يتغير.
الأحد 20 تشرين الثاني / نوفمبر 2011
الثورة المصرية: الجولة الثانية؟
عادت المواجهات من جديد إلى ميدان التحرير في العاصمة المصرية ورفع المتظاهرون شعارات ضد المجلس العسكري للقوات المسلحة. المشاهد التي التقطتها عدساتنا تذكرنا بما حدث قبل عشرة أشهر. في المكان ذاته. ميدان التحرير اهتز من جديد وعلت فيه أصوات المحتجين. الميدان قريب من مقر وزارة الداخلية وتتهم الشرطة المتظاهرين بالسعي إلى اقتحامه. بدأت هذه الموجة الجديدة من الاحتجاجات بعد مظاهرات الجمعة التي دعت إليها تيارات عديدة أبرزها الإسلامية.
لم يرفع المحتجون شعارات لتلك التيارات بقدر ما قالوا إنهم ثوار من الشعب. هذه المظاهرات ليست عفوية والمتظاهرون ينددون بالحكم العسكري، بعدما خاب رجاؤهم في الجيش الذي اعتبروه حاميا للديمقراطية في بداية الثورة. يشعر هؤلاء بأن الثورة انحرفت عن مسارها ويطالبون بحكم ثوري. عاد العنف والقمع إلى ميدان التحرير وهذا يدخل البلاد في جو سياسي وأمني جديد. كر وفر. هذا هو الوصف الأنسب لما يجري في ميدان التحرير. السؤال المطروح هو: هل ستجري الانتخابات في موعدها المحدد؟
الجمعة 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2011
الثورة المصرية تبحث عن نفسها
المصريون يكتبون صفحات جديدة من تاريخ بلادهم. الحملة الانتخابية على واجهة العمارات تبين كثافة النشاط السياسي، ولكن المخاوف كثيرة. تعرف مصر جدلا حول مكانة الجيش. ترى أحزاب كثيرة أن العسكريين يسعون إلى الاستحواذ على السلطة. المدونون يرفضون تنامي النفوذ العسكري في السياسة. تظهر على جدران القاهرة صورة المدون علاء عبد الفتاح المسجون بتهمة التحريض على العنف ضد القوات المسلحة.
الوضع الاقتصادي مقلق كذلك. حالة الباعة المتجولين في الشوارع تثير الشفقة وسرعان ما يبدو البائع المتجول أكثر ارتياحا من رجل لا يملك إلا ثوبا واحدا يستر عورته ويقول في ميدان التحرير إنه سيبيعه قريبا. صور الناشط الإسكنداراني الراحل خالد سعيد حاضرة كذلك في الميدان. سعيد هو الشاب الذي أشعل مقتله فتيل الثورة المصرية وصوره تبدو وكأنها تحذر المصريين من مخاطر لا يدركونها حق الإدراك.
ميدان التحرير يجلب بين الفينة والأخرى مواطنين غاضبين يحاولون إقامة مخيم قد يلفت انتباه الرأي العام والقيادة السياسية. المطالب كثيرة والأجوبة قليلة. الثورة المصرية تبحث عن نفسها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى