كيف يمكن أن تكون الانتخابات البرلمانية المقبلة عادلة بينما كل قواعد اللعبة ليست عادلة؟
كيف يمكن أن نتحدث عن عدالة وفرص متساوية فى الوقت الذى جرت فيه طوال الفترة الماضية عمليات إنهاك وإجهاد للقوى السياسية المنتمية للثورة، من خلال إرباكها وقصفها باتهامات باطلة لم يقم عليها دليل حتى اللحظة بالخيانة والعمالة وكراهية الاستقرار ومعاداة «المواطنين الشرفاء»؟
إن ما جرى كان أشبه بعملية تقييد وثاق لقوى الثورة، ثم مطالبتها بخوض سباق عنيف ضد وحوش كاسرة ونمور جائعة لالتهام كل ما يقابلها، وقد بدأت العملية أولا بابتذال مسمى ائتلاف شباب الثورة من خلال إغراق الساحة بمنتجات مقلدة ومزيفة تمت تعبئتها وإطلاقها فى ذلك المؤتمر المضحك على مسرح الجلاء، عملا بالقاعدة السوقية القديمة «العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة».
وقد قيل الكثير فى عبثية هذه العملية، كونها تأتى متطابقة تماما مع ما كان يفعله النظام الساقط باختراع وتسمين أحزاب وهمية لمضايقة الأحزاب الحقيقية والتشويش على فكرة أحزاب المعارضة وتسفيهها، استغلالا لمناخ معتم ومعبأ بغبار كثيف، يدفع المواطن العادى دفعا لأن يكفر بكل الأحزاب.
وجاءت بعد ذلك عملية إحراق الأرض تحت أقدام قوى الثورة، عن طريق إطلاق اتهامات عنيفة لأشهر رموزها بالعمالة والتمويل الأجنبى، والتدريب بالخارج، دون أن يقدم الجنرالات مطلقو هذه الاتهامات دليلا يثبتها، أو يتقدمون ببلاغات لجهات التحقيق لكى تنظر فيها، عملا بسياسة «العيار الذى لا يصيب يدوش».
وفى وسط هذه «الدوشة» المصنوعة تركت الساحة خالية للقوى المضادة للثورة لكى تلتئم وتحتشد وتعود للمشاركة وكأن شيئا لم يحدث، لا ثورة ولا تغيير ولا تفكير فى مستقبل مختلف.
وفى أجواء كهذه لا تملك لا أن تشفق على شباب الثورة الذى اتخذوا قرارهم بخوض انتخابات برلمانية وسط قوى متمرسة على الألاعيب الانتخابية، وفى ظل قانون انتخابات ونظام لتقسيم الدوائر لا يعبر بأى حال عن ثورة وقعت وهزت الأرض، واعترف بها العالم كله، لكنها مهدرة الحقوق وبلا أى اعتبار فى الداخل، على الرغم من الكلام الكبير المنمق الذى يقال بشأنها فى الميكروفونات الرسمية وفوق صفحات الجرائد، بينما هى فى الواقع تتلقى الضربات والطعنات كل يوم.
لقد بحت الأصوات تطالب صناع الاتهامات ضد شباب الثورة بالتوجه بها إلى النائب العام، ولم يستجب أحد، بل رأينا عجبا عجابا عندما اعترف أحدهم تليفزيونيا بأنه يستخدم سلاح الشائعات أحيانا للتحكم فى إيقاع الشارع، فما الذى يمنع أن يكون كلامه عن قوى الثورة من باب ترويج الشائعات أيضا؟
ولأن ذلك كذلك يبقى الأمل معلقا على ضمير هذا الشعب الذى نزل بالملايين إلى الشوارع لكى يحتفى بنجاح الثورة التى قادها الشباب، ليعمل عقله ويستفتى قلبه فى كل الحملات الرخيصة التى تستهدف شباب الثورة المرشحين للانتخابات، فهل ستكتفى الجماهير بالفرجة عليهم وهم يطلقون الرصاصة الأخيرة على الثورة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى