كتب: عماد فواز
لم يكن مقتل الشاب خالد سعيد في محافظة الإسكندرية في شهر يونيو 2010 على يد فردان شرطة من قوة قسم سيدي جابر، هو السبب الوحيد لقيام ثورة 25 يناير المباركة، لكنه كان السبب الأهم والأكبر أو بحسب وصف وسائل الإعلام له بأنه كان "أيقونة الثورة"، حيث أثار مقتل هذا الشاب حفيظة الرأي العام، وخاصة الشباب من مستخدمي شبكة الإنترنت، فتكونت المجموعات المفتوحة باسمه على موقع التواصل الإجتماعى الفيس بوك، وانطلقت التعليقات الغاضبة على شبكة تويتر، والفيديوهات الغاضبة الموثقة لانتهاكات الشرطة خلال السنوات القليلة السابقة، وما لبث وائل غنيم أن أسس صفحة "كلنا خالد سعيد" إلا وانضم إليها ألاف المشتركين، وبدأت الصفحة بمشاركة أعضاؤها في نشر صور الشاب القتيل قبل مقتله، وحكاياته وحكايات أسرته، وازداد الأمر سخونة عقب نشر صور لجثته بعد تشريحها وبدت عليها علامات التعذيب، فزاد عدد المترددين على صفحة "كلنا خالد سعيد" وانتشرت حكايته بين جميع مستخدمي شبكة الإنترنت، وأدي الحادث إلى فتح ملف انتهاكات الشرطة والمطالبة بمحاسبة المتورطين فيه وعلى رأسهم وزير الداخلية في هذا الوقت اللواء حبيب العادلى.
وبحسب تقرير وحدة مباحث أمن الدولة بالإسكندرية الذي حصلت شبكة الإعلام العربية "محيط" على صورة منه، فإن أولى الاحتجاجات على مقتل خالد سعيد اندلعت يوم 10 يونيو 2010 – عقب مقتله بأربعة أيام – اعتراضا على بيان وزارة الداخلية الذي أعلنت فيه إخلاء سبيل فردان الشرطة المتهمان بقتل خالد سعيد بناء على قرار النيابة العامة وتقرير الطب الشرعي، فتوجه قرابة الخمسون شابا إلى قسم سيدي جابر الذي يتبعه المتهمان ونظموا وقفه احتجاجية أطلقوا خلالها الشعارات المعادية للنظام ولوزارة الداخلية، وحملوا لافتات كتبوا عليها مطالب بإقالة رئيس الوزراء الأسبق الدكتور أحمد نظيف ووزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العادلى ومحاسبة قتلة خالد سعيد، وتدخلت مباحث أمن الدولة واعتقلت عدد من الناشطين التابعين لحركة 6 أبريل وعلى رأسهم الناشط حسن عبد الفتاح، ووجهت لهم نيابة أمن الدولة العليا تهمة التعدي على ضباط وأفراد الشرطة أثناء قيامهم بمهام عملهم والتعدي على المنشآت العامة وتخريب واجهة القسم وتعريض حياة المارة للخطر، وذكر تقرير اللواء عصام فؤاد مدير فرع جهاز مباحث أمن الدولة بالإسكندرية المرفوع إلى اللواء حسن عبد الرحمن رئيس جهاز مباحث أمن الدولة – المحبوس بسجن مزرعة طره - بتاريخ 11يونيو 2010 بعنوان مذكرة للعرض، جاء فيها " بخصوص واقعة وفاة المدعو خالد محمد سعيد بدائرة قسم شرطة سيدي جابر حال القبض عليه وبحوزته لفافة من نبات البانجو بمعرفة فردان من أفراد الشرطة، نفيد سيادتكم أنه قد قام اليوم مجموعة من العناصر من أقارب وأصدقاء المتوفى والأفراد ذات الصلة به وعدد من العناصر المعارضة من "حركات 6 إبريل وكفاية" بالتجمهر أمام قسم شرطة سيدي جابر، والتأثير على المارة وإثارة حفيظتهم وتعطيل حركة المرور والمارة وإثارة الذعر بين المواطنين وإطلاق العبارات المعادية للنظام والحكومة والألفاظ الخارجة.
وبناء عليه تم ضبط عدد من العناصر الإثاريه المحرضة والتحقيق معهم في تهم التعدي على أفراد القوة التأمينية للقسم وكذا التجمهر بدون إذن قانوني وتعريض الممتلكات العامة والخاصة للحظر وتهديد المارة.
لم يكن تقرير وحدة مباحث أمن الدولة بالإسكندرية هو التقرير الوحيد حول الحادثة، حيث طلب اللواء حسن عبد الرحمن من مدير مكتبه إعداد تقرير يومي له عن الواقعة، بعد أن تحولت الواقعة إلى قضية رأي عام، فكتب له في اليوم التالي 12 يونيو 2010 بعنوان "مذكرة حالة للعرض" – حصلت محيط على نسخة منها- جاء فيها :
مذكرة حالة:
تبلغ إلينا من أفرع الجهاز بالقاهرة والإسكندرية قيام مجموعة من المنتمين لحركات كفاية و6 إبريل وحزب الغد والجمعية الوطنية للتغيير بالتجمهر بادعاء قيام فردان شرطة تابعين لقسم شرطة سيدي جابر بقتل مشتبه به حال ضبطه وبحيازته لفافة يشتبه أنها نبات البانجو المخدر.
الوصف:
تجمهر تاريخ اليوم سعة 1300 حوالي 50 فرد أمام دار القضاء العالي بدعوى قتل فردان شرطة تابعين لقسم شرطة سيدي جابر بالإسكندرية للمدعو خالد محمد سعيد مقيم بناحية كليوباترا بالإسكندرية، وحملوا لافتات تحمل عبارات إثارية تحرض على التظاهر ضد الشرطة والحكومة.
تجمهر تاريخ اليوم سعة 1600 حوالي 30 فرد أمام من أصدقاء وأهلية المدعو خالد محمد سعيد أمام منزلة بناحية كليوباترا وحملوا لافتات تحمل عبارات إثارية تطالب بمحاسبة أفراد الشرطة، وأطلقوا شعارات معادية للنظام ولوزارة الداخلية.
الإجراءات:
تم ضبط 11 فرد من المحرضين للشباب والتحقيق معهم بمعرفة وحدات الجهاز بالقاهرة والإسكندرية.
التقدير:
تم فض جميع التجمهرات والأمن مستتب.
بعد هذا التقرير تحديدا رفع اللواء حسن عبد الرحمن رئيس جهاز مباحث أمن الدولة تقرير مطول إلى اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية – المحبوس حاليا بسجن مزرعة طره – وذكر له ما جاء بتحريات الجهاز، مؤكدا له خطورة الأمر خاصة بعد أن تقدم محامي أسرة القتيل بطلب إلى النائب العام المستشار عبد المجيد محمود يطلب فيه إعادة تشريح الجثة وإعداد تقرير جديد، وهو ما يستوجب تدخل الجهاز الفوري لتهدئة الرأي العام، مشيرا إلى أن تقرير الطبيب الشرعي الجديد يجب أن يكون إيجابيا لصالح أفراد الشرطة حفاظا على هيبة الوزارة وأفرادها ولتهدئة الرأي العام وغلق القضية، وبناء عليه وجه الوزير باتخاذ اللازم وأوكل الأمر إلى رئيس جهاز مباحث أمن الدولة وبالفعل بدأ في التحرك.
شبكة محيط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى