بمجرد وصولك للميدان مساء أمس الخميس كأي شخص تحركه مشاعر ثائرة غاضبة مما شهدته مصر منذ يومين، ستجده مزدحما بالباعة الجائلين والمتفرجين والأعلام التي انضم اليها أعلام فريقي الأهلي والزمالك نظراً للأحداث المؤسفة الأخيرة، علي خلاف مبني وزارة الداخلية وما يشهده من اشتباكات وكر وفر بين المتظاهرين وقوات الشرطة.
مع استمرار تواجدك بالميدان تسمع صوت سيارات الإسعاف، وتري مجموعة من الشباب يشكلون حاجزاً بشرياً بميدان التحرير لسهولة مرور سيارات الإسعاف لنقل المصابين إلي "صينية" ميدان التحرير وايضا مسجد عمر مكرم، وهنا يظهر المستشفي الميداني مرة أخري، ويقوم باستقبال المصابين، فيما بين حالات اختناق وإغماء نتيجة الغاز المسيل للدموع، التي رجح أحد الأطباء بالمستشفى أن يكون هو نفس نوع الغازات المستخدمة من قبل في أحداث محمد محمود.
في تلك اللحظة تتحرك في الطريق القادم منه سيارات الإسعاف وهو "باب اللوق" الشارع الخلفي لوزارة الدخلية، تجد المتظاهرين في تزايد مستمر، وسط الدراجات البخارية التي تحمل المصابين وتنقلهم لسيارات الإسعاف المنتشرة بكثرة استعداداً لاستقبال حالات الإصابة ونقلها للمستشفي الميداني بعمر مكرم.
وتحاول أن تقترب أكثر من أحد الشوارع المؤدية لمبني وزارة الداخلية، تري لافتة مكتوبا عليها "مستشفي الدكتور علاء عبد الهادي" وهو أحد شهداء أحداث مجلس الوزراء، وهنا تجد المستشفيات الميدانية الصغيرة، التي تعالج الحالات البسيطة للمتظاهرين أمام وزارة الداخلية، وكأن المشهد يتكرر مرات عديدة بعد عام من إحياء ذكري موقعة الجمل.
بينما تحاول الوصول لمبني وزراة الدخلية عن طريق شارع آخر وهو شارع منصور، يواجهك ظلام بطول الشارع لا يضيئه إلا نيران يشعلها المتظاهرون مستخدمين الكارتون والورق، لإضاءة الشارع وتخفيف تأثير الغاز المسيل للدموع عن طريق دخان النيران.
كلما اقتربت أكثر من مبني وزارة الداخلية يتزايد المتظاهرون، ويحيطون بجميع الشوراع المؤدية للوزارة، وترتفع هتافات المتظاهرين "الشعب يرد إسقاط المشير، ارحل ارحل ماتورطش الجيش، أنا مش جبان.. أنا مش جبان..أنا ميت ميت فى الميدان، وغيرها من الشعارات التي تطالب بإسقاط حكم العسكر، وأخري تطالب بالقصاص لشهداء مذبحة بورسعيد.
الغريب في تلك الأحداث أنك تجد أول خط دفاعي لقوات الشرطة قريبا جدا من مبني الداخلية يحيطها من جميع الجهات، علي خلاف ما سبق من أحداث، فدائما الشرطة كانت تؤمن الشوارع المؤدية للمبني من علي بعد.
عندما تبحث عن الحواجز الخرسانية التي أقامها الجيش بالشوارع المؤدية للوزراة، تجد المتظاهرين اخترقوا بعضها كحاجز شارع محمد محمود، الذي قاموا بإسقاط جزء كبير منه وسط صيحات عالية مع سقوط كل حجر " ولسه ولسه".
رويدا رويدا يتوافد مزيد من المتظاهرين للاقتراب من وزارة الداخلية من جهات محتلفة كشارع محمد محمود، والفلكي، وشارع الشيخ ريحان، وشارع منصور، والشرطة مازالت متمركزة أمام الداخلية، ولم تشاهد عينك تواجدا لقوات الجيش في تلك الأحداث، وأصبحت المواجهة بين الشرطة والمتظاهرين الثائرين علي أحداث مذبحة بورسعيد .
وفجاة ترتفع الأصوات "ثابت... ثابت" ويملأ السماء دخان لا توجد له رائحة ويتفرق المتظاهرون.
تتواصل عمليات الكر والفر، وكذلك تعلو الهتافات حول وزارة الداخلية، ويستمر الأمر حتى الساعات الأولي من صباح اليوم الجمعة.
الاهرام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى