لغة المجلس تغيرت بعد استفتاء التعديلات الدستورية.. وتعمد تخويف المصريين ليحكم سيطرته على السلطة
«زلات اللسان» تلك التى كادت تتكرر أكثر من
مرة فى خطابات المشير طنطاوى، ومحاولة المشير أكثر من مرة فى خطاباته إلى
الإشارة إلى أى من أعضاء المجلس العسكرى للتأكيد على حديثه، وهو ما فسره
خليل بأنه محاولة الاستقواء بالجماعة، ويدل على حالة من التردد والمراوغة.
المجلس وصف الثوار فى البداية بأنهم أطهر شباب مصر ثم حذر من اندساس البلطجية بينهم ثم وصفهم بالبلطجية«المتتبع للأحداث التى تسارعت وتيرتها عقب تنحى المخلوع وإحكام المجلس العسكرى قبضته على أمور البلاد، يلاحظ ببساطة مجموعة من المراحل التى تعامل معها المجلس العسكرى مع الثورة بداية من تكتيك الاسترضاء ثم تكتيك التوجية الناصح ثم تكتيك التهديد والوعيد، فتزيف الواقع وتشويه صورة الثورة».
هكذا بدأ أستاذ تحليل الخطاب الإعلامى بجامعة القاهرة، محمود خليل، تحليله لبيانات المجلس العسكرى التى جاوزت ال100 رسالة، موضحا أنها تشبه المراحل التى مر بها خطاب المخلوع بداية من 28 يناير حتى تنحيه فى 11 فبراير.
يقول خليل إن لغة بيانات العسكرى بدأت باستجداء واسترضاء الشعب المصرى خلال الشهر الأول لتنحى المخلوع وكانت أبرز العبارات الدالة على ذلك هى: «اعتذار ورصيدنا لديكم يسمح»، والتى تحدث فيها المجلس العسكرى على الرصيد الذى لا يزال باقيا لدى المصريين، وهى لغة تشبه العبارات التى تستخدمها شركات المحمول لعملائها، لكن المجلس العسكرى كان من الواضح أنه يستعد لأن «يشحن عصاه» للتعامل مع الثورة.
يقول خليل إن رسائل المجلس العسكرى تبرز آلية تعامله مع الثورة حيث كان من اللافت أنه كان يراقب الموقف الثورى خلال الشهر الأول الذى أعقب تنحى مبارك لتحديد مسارات تعامله مع الثوار، حيث استخدام العنف فى بعض الأحوال، ثم يتبعه بتبرير سريع لأفعاله.
انتهى الشهر الأول للثورة، يضيف خليل، وكانت بيانات العسكرى قد بلغت ال17 رسالة، وبدأت الأمور تختلف وتتحول اللهجة من الاسترضاء إلى الاستعلاء الذى عكس شعور المجلس العسكرى بأنه استطاع إحكام قبضته على السلطة، وبدا هذا التحول فى الظهور منذ استفتاء 19 مارس، والذى أوهمت نتيجته المجلس العسكرى بأنه حصل على الشرعية، حسب خليل.
يضيف خليل أن إجراء الاستفتاء كان نقطة التحول فى لهجة العسكرى تجاه الشعب المصرى، ومن خلال تحليل بيانات المجلس بعد هذا التاريخ يلاحظ أنها بدأت تعكس وجه السلطة القديم، فمثلما كان يتحدث الرئيس المخلوع، حسنى مبارك، عن أن الدولة لن ولم تسمح بالتخريب للممتلكات العامة والخاصة وأنها مستمرة فى ملاحقة الفساد والمفسدين وأنها تحذر من الوقيعة بين أبناء الشعب المصرى، تحدثت بيانات العسكرى، وهو ما يدلل على أن المجلس بدأ فى ارتداء العباءة اللغوية لسلطة مبارك، مفسرا ذلك بأنه اعتقد أنه الوريث الشرعى لهذه السلطة.
«نؤكد عدم صدق ما تردد من شائعات ما تناقلته وسائل الإعلام» يعلق الخبير اللغوى على هذه «التيمة» التى لازمت العديد من خطابات المجلس العسكرى فى التعليق على الأحداث التى اتهم فيها باستخدام العنف، أو التباطؤ فى تحقيق هدف بعينه، بأن المجلس حاول فى هذه الجمل إبعاد التهم عنه وتحميل لهجة اتهامية نحو جهات أخرى دون تحديد المتهم الحقيقى، مثل الحديث عن طرف ثالث خائن ويريد تدمير الدولة، دون تحديد هوية هذا الطرف.
يقول خليل إن المجلس استخدم لغه تهدف إلى «التعويم» وعدم الدلالة على حقيقة بعينها، مؤكدا أنه مثلما أدى تعويم الجنية إلى غرق الاقتصاد المصرى، فإن هذه اللغة ستؤدى إلى إغراق المجلس العسكرى.
البيانات والإعلام
يقول خليل إن بيانات المجلس العسكرى اجتهدت فى إظهار المجلس على أنه الوجهة الأخرى للعملة المصرية، والربط بين المجلس ومصر اللذين يعبران عن معنى واحد أو كيان واحد، وكأن الإساءة إليه تعنى الإساءة لمصر وهو ما يحمل نفس الفكر السلطوى لنظام مبارك.
يتنقل خليل فى تحليله لخطابات العسكرى إلى المرحلة الجديدة التى انتقلت فيها بيانات العسكر إلى لهجة التحذير والتهديد لإرهاب الشعب، وهو ما بدا واضحا فى خطاب اللواء محسن الفنجرى الذى رفع فيه أصبعه فى وجه المصريين، وهو ما أعقبه بسلسلة من البيانات التى كانت تستخدم اللهجة التحذيرية والوعيد دون تحديد العدو الواضح، الذى بدا وأن يكون الشعب المصرى، ولكنها اهتدت فيما يبدو بعد أحداث محمد محمود إلى تحديد هوية هذا العدو وهو (البلطجية).
يوضح خليل أن بيانات العسكرى كانت تحظر من وصف الثوار بالبلطجية فى بداية الثورة ولكنها مع مرور الوقت وتسارع الأحداث وصعود الهتافات المطالبة بإسقاط حكم العسكر، بدأ المجلس فيوصف الثوار بالبلطجية، وكانت البداية التحذير من اختلاط البلطجية بالثوار ثم بعد ذلك وصف كل من يتظاهر بالبلطجى.
«يا شعب مصر العظيم» العبارة التى كان المجلس العسكرى يفتتح بها بياناته فى الشهور القليلة الأولى من الثورة التى سرعان ما اختفى عقب تصاعد وتيرة الأحداث المناهضة لاستمرار العسكرى فى السلطة، وهو ما فسره خليل بأنه المنطق الذى يحكم أى قوى تمسك بالسلطة حيث اللجوء إلى القوى الناعمة فى فترات عدم الاطمئنان على ثباتها على كرسى السلطة ثم اللغة الخشنة عند التأكد من سيطرتها على الحكم.
يقول خليل إن الشىء الأخطر من خطابات العسكرى المكتوبة هى لغته فى الخطابات المرئية، التى بدأها العسكرى فى الإطلال على الشعب المصرى بداية بوجه اللواء اسماعيل عتمان، الباسم الذى سرعان ما رفع يده لتحية شهداء الثورة، التى اختفت بعد ذلك فى ظهور وجوه أخرى أكثر شدة وبأسا تعبر عن العسكرى، حيث يظهر أى منهم مرتديا البدلة الميرى ذات الأكمام «مشمرا كمها» وتحريك الذراعين بحركات توحى بالتهديد وإن كانت فى حقيقة الأمر لا تعبر إلا عن حالة من الضعف والخوف.
الشروق الجديد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى