القاهرة - في حين طرحت ظاهرة أطفال الشوارع اعلاميا بعد مشاركة عدد من الفتيان في مظاهرات بميدان التحرير بوسط القاهرة في ديسمبر كانون الاول تقول باحثة مصرية ان هؤلاء ليسوا "فئة مجرمة" وتفسر عنفهم ضد الذات والمجتمع باعتباره رد فعل على عنف المجتمع ضدهم.
وتقول رضوى فرغلي ان لاطفال الشوارع مجتمعا "صنعوه على أنقاض انسانيتهم.. مجتمعا متماسكا وان كان مشوها من الصعب اختراقه أو التمرد عليه. واخترعوا لانفسهم عالما معتما يتلقف العضو الجديد بطقس التعميد أي الاعتداء الجنسي.. ليصبح الجنس أولى خطوات الاندماج" في مجتمع أطفال الشوارع.
وتسجل في كتابها "أطفال الشوارع.. الجنس والعدوانية.. دراسة نفسية" أن السلوك العدواني لاطفال الشوارع "حيلة لحماية الذات من الانهيار" وأنه رد فعل لما تعرضوا له من امتهان مقبول ظاهريا مرفوض لا شعوريا.
وترى أن تعاطي المخدرات من أشكال العدوان على الذات لدى أطفال الشوارع. ولكنها تفسر هذا النوع من العدوان بأنه يجعلهم أكثر احتمالا للجوع والام المرض.
وتقول ان لمجتمع أطفال الشوارع قانونا خاصا يشمل التقسيم الطبقي والزواج والطلاق وان من يخالف هذه التقاليد يتعرض للعقاب داخل المجتمع المهمش حيث يوجد لكل مجموعة "كبير أو زعيم" مسؤول عنهم بشكل ما.
وتأمل المؤلفة أن تتغير أوضاع أطفال الشوارع "بعد ثورة 25 يناير ضمن تغيير شامل نتمناه للمجتمع" المصري الذي تمكن بعد 18 يوما من الاحتجاجاجات الشعبية من اسقاط حكم الرئيس السابق حسني مبارك يوم 11 فبراير شباط 2011.
وكان الكتاب في الاصل دراسة نالت بها الباحثة درجة الدكتوراه من كلية الاداب بجامعة القاهرة 2010 ويقع في 149 صفحة كبيرة القطع وصدر في القاهرة الشهر الجاري عن مكتبة الدار العربية للكتاب.
وشكل أطفال الشوارع -الذين لا توجد احصائية لعددهم في مصر- قلقا اجتماعيا بعد أن وجدوا في ميدان التحرير مأوى في الاشهر الاخيرة وظهرت تجمعاتهم فيما عرف بأحداث مجلس الوزراء في ديسمبر الماضي والتي راح ضحيتها نحو 17 ناشطا واصابة المئات بأيدي قوات من الجيش.
وعني الكتاب بأطفال تتراوح أعمارهم بين تسع سنوات وخمس عشرة سنة ممن يمتهنون مهنا دنيا في الشارع مثل جمع القمامة أو التسول أو بيع المناديل الورقية ويقيمون بالقرب من محطات القطار أو المترو والحدائق والميادين اقامة دائمة "بين سنة وسبع سنوات" وهم ينتمون الى أسر كبيرة العدد وكثير منهم لهم اباء وأمهات وأغلبهم أميون.
ولكن رضوى فرغلي ترى أن مصطلح "طفل الشارع" قاس وغير انساني.
وتقول انها حين بدأت دراستها الميدانية تلقت تحذيرات من زملائها أن هؤلاء الاطفال "مجرمون" ولكنها راهنت على المساحة المضيئة في ضمير أي انسان وأن هناك جزءا "نظيفا" يمكن اكتشافه بعيدا عن تعميم الاحكام.
وتقدر المؤلفة عدد أطفال الشوارع في مصر - وفقا لبعض الدراسات - بنحو 93 ألفا يتركز نحو 60 بالمئة منهم في القاهرة ولكنها تسجل أيضا أن تقارير منظمات أهلية قدرت أعدادهم بنحو مليوني طفل.
وتقول ان أطفال الشوارع ليسوا ظاهرة مصرية بل "كابوس مزعج" لبلدان العالم الثالث وبعض الدول المتقدمة أيضا حيث قدرت منظمة الامم المتحدة للطفولة "يونيسيف" عام 1997 عدد أطفال الشوارع في العالم بأكثر من 100 مليون نصفهم تقريبا في أمريكا اللاتينية أما الولايات المتحدة ففيها أكثر من مليون من أطفال الشوارع مشردين بلا عائل.
وتضيف أن للاقامة في الشارع مخاطر منها عدم الالتحاق بالتعليم أو التسرب منه والاساءة من قبل رجال الشرطة والحرمان من الخدمات الاساسية والترحيل الى مدن أخرى بحجة خطورتهم على الامن اضافة الى الاستغلال الجنسي الذي تراه أسوأ أنواع الاساءة لاطفال الشوارع.
وتقول ان كثيرا منهم لا يبلغ عن تعرضه للاعتداء الجنسي لشعوره بالحرج كما يتورط البعض "في ممارسات جنسية بالتراضي مع بعضهم بعضا" وانه من كثرة ما يتعرضون له من انتهاك على أكثر من مستوى فانهم يفقدون الحساسية الى حد كبير تجاه التجارب المؤذية حتى أن الاساءة تصبح جزءا من تاريخهم الشخصي الذي لا يبوحون به بسهولة.
وتربط بين طول فترة الاقامة في الشارع وارتفاع درجة الاستعداد للعدوان فلدى "قدامي المشردين" أو أطفال الشوارع الاكبر سنا ميول عدوانية أكبر تزيد على ميول الذين أمضوا فترة قصيرة في الشارع حيث يشكل العدوان "وسيلة دفاعية من أجل البقاء" وتتطور وسائل الدفاع التي تمكنهم من التعامل مع ما يظهر من مشكلات تهدد اقامتهم.
وتضيف أن طفل الشارع لا يستمد الامن والحماية الا من خلال وجوده في الجماعة ولهذا يكون "الدفاع عن أفراد الجماعة والمجابهة الجماعية للمشكلات" من الاساليب المكتسبة لهم.
"رويترز"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى