القاهرة - الدستور هو الرسم الهندسي الذي يقام عليه مبنى فكيف يقام مبنى دون رسم هندسي؟
قال ذلك وسيم السيسي رئيس حزب مصر الأم تحت التأسيس معلقا على العملية الجارية منذ أسابيع لوضع دستور مصر الجديد بعد عام من الانتفاضة الشعبية التي أفضت الى تعليق العمل بالدستور القائم.
ويدير المجلس الأعلى للقوات المسلحة شؤون مصر منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في فبراير شباط العام الماضي في الانتفاضة التي طالبت أيضا بإصلاح يشمل وضع دستور لدولة مدنية ديمقراطية.
وعطل المجلس العمل بدستور 1971 عقب الانتفاضة ثم أصدر إعلانا دستوريا يسند الى مجلسي الشعب والشورى مهمة "انتخاب جمعية تأسيسية من مئة عضو تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد" يطرح بعد ذلك للاستفتاء الشعبي.. لكن الاعلان لم يحدد طريقة تشكيل الجمعية وما اذا كانت ستتألف من نواب البرلمان أم من ساسة وشخصيات عامة من خارجه.
وقال السيسي وهو أستاذ جامعي "يقام المبنى "انتخاب البرلمان والرئيس" منذ وقت ومطلوب مني أن أضع له الآن رسما هندسيا بما فيه من أخطاء".
وأضاف "لكن لن نبكي على اللبن المسكوب... يمكن أن نستفيد من تجارب الدول الأخرى وتجاربنا السابقة ونضع دستورا عدد مواده قليل بقدر الإمكان يتضمن مباديء أساسية يجب ألا يختلف عليها أحد: سيادة القانون.. المساواة التامة بين المواطنين خاصة بين الرجال والنساء.. العدالة الاجتماعية".
ووافق الأعضاء المنتخبون بمجلسي الشعب والشورى اللذين يهيمن عليهما الإسلاميون يوم السبت على أسس لتشكيل الجمعية التأسيسية من بينها ان يكون نصف أعضائها من البرلمان والنصف الاخر من خارجه.
وإلى جانب انتقاد بعض المصريين لعدم وضع الدستور قبل الانتخابات التشريعية التي أنجزت والانتخابات الرئاسية التي ستنجز بحلول منتصف العام انتقد بعض المصريين ايضا ما وصف بهيمنة الأغلبية البرلمانية على وضعه.
ويحوز الأغلبية في البرلمان حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي.
وخلال المناقشات التي سبقت اتخاذ القرار الخاص بالجمعية التأسيسية قال النائب السلفي ممدوح إسماعيل "البرلمان يمثل في حقيقته الإرادة الشعبية. مجلسا الشعب والشورى جاءا بتمثيل الشعب كله عبر أفكاره وأيديولوجياته وعبر كل طوائفه".
ويقول الاسلاميون ان القرار يتيح إشراك كل القوى السياسية وأطياف المجتمع في عملية إعداد الدستور لكن اخرين عبروا عن مخاوف بهذا الخصوص.
وقال البدري فرغلي ممثل الكتلة البرلمانية للتجمع الوطني التقدمي الوحدوي وهو حزب يساري "أن تتولى أغلبية برلمانية وضع دستور فإن من حق أغلبية برلمانية أخرى أن تعيد وضع الدستور. ما يجري الآن هو وضع دستور لا تكتبه "كل" طبقات الشعب وقواه السياسية".
ومضى قائلا لرويترز "ما يحدث الآن شقاق داخل المجتمع وليس وفاقا".
وقالت حنان أبو الغيط عضو مجلس الشعب عن حزب الوفد الليبرالي "أنا شخصيا غير راضية عن نسبة الخمسين في المئة للبرلمان. هناك خارج البرلمان من يمكن أن يكونوا أقدر من أعضاء في البرلمان".
واقترح حزب الوفد أن يكون 70 في المئة من أعضاء الجمعية التأسيسية من خارج البرلمان.
وقال أستاذ العلوم السياسية حسن نافعة "نسبة الخمسين في المئة للبرلمان بداية سيئة لأنها نسبة كبيرة جدا. كان ممكنا اختيار جمعية تأسيسية بالكامل من خارج البرلمان. أقصى حد معقول لمشاركة البرلمان 20 في المئة".
وأضاف "ما حدث معناه أن السلطة التشريعية هي التي ستهيمن على كتابة الدستور وهذا سيء".
ويضيف رئيس الجمعية المصرية لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة "أن تقوم سلطة من السلطات الثلاث بوضع الدستور فإنها ستضع لنفسها صلاحيات وامتيازات مأخوذة من السلطتين الأخريين "التنفيذية والقضائية".. من ذلك مثلا أن تضع بنودا تحبذ أن يكون النظام السياسي برلمانيا بينما الاتجاه الشعبي يمضي نحو نظام رئاسي".
كذلك قال اتحاد كتاب مصر في بيان الاحد إن القانون لا يجيز ما وصفه بالانتخاب الذاتي اي ان ينتخب اعضاء البرلمان انفسهم في الجمعية التأسيسية.
ويخشى كثير من المصريين وخصوصا بين المسيحيين والمثقفين والفنانين أن تؤثر الأغلبية الإسلامية في البرلمان على توجه الدستور الجديد وان تسفر العملية عن دستور لا يدعم مبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان العالمية.
ويمثل المسيحيون نحو عشرة في المئة من المصريين.
وقالت هالة مصطفى الباحثة بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمؤسسة الأهرام الصحفية ورئيسة تحرير مجلة الديمقراطية "كان متوقعا أن تأخذ الأغلبية البرلمانية نسبة أكثر من 50 في المئة. لكن نظرا للجدل الكثير حول الهوية السياسية للقوة التي تشكل الأغلبية اضطروا لنسبة الخمسين في المئة".
وأضافت "اليد العليا ستظل للبرلمان ما دام سيكون من حقه أيضا انتخاب الشخصيات العامة أيضا".
وتابعت "عندنا قوى إسلامية لها لون وأيديولوجيا معينة. هذه القوى لم يكن هناك نظير لها في دول حدث فيها تحول ديمقراطي في السنوات الماضية. هذه الدول في أوروبا الشرقية كان التيار العام فيها ليبراليا وكانت القوى الأيديولوجية مثل الأحزاب الشيوعية مستعدة للتجاوب من أجل إحداث التحول".
ولكن برغم الانتقادات التي تشوب عملية وضع الدستور يبقى الأمل في وضع دستور يأخذ مصر بعيدا عن حالة عدم الاستقرار الراهنة قائما.
وقال محمد عبد الحكيم حجازي وهو نائب اخر من الوفد "أهم شيء الآن أن يحدث استقرار في البلاد. سقط النظام "الذي كان على رأسه مبارك" ولا نريد أن تسقط مصر".
ويقول السيسي "المهم أن تتشكل اللجنة التأسيسية من عقليات تحب البلد وتبعد عن المصلحة الشخصية وتضع دستورا يضمن حماية حقوق الإنسان". "رويترز"
العرب اون لاين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى