ما تفعله اللجنة العليا للانتخابات بشأن الانتقادات التى توجه لأدائها يشبه كثيرا تصرفات مدرس فى فصل دراسى يريد من حضرة الناظر أن يغير له التلاميذ لأنهم يحتجون على سوء أدائه وعدم قدرته على الشرح الجيد.
فالحاصل أن اللجنة الموقرة تتعامل باعتبارها الجهة السيادية العليا الأولى والوحيدة فى مصر، لكن الأخطر أنها تريد طوال الوقت أن تكون مدللة ولا يجوز لأى مخلوق أن ينطق بكلمة أو يرتكب حماقة المناقشة لما تفعله.
وإذا كانت المادة ٢٨ قد منحت اللجنة سلطات شبه إلهية، بما يجعل كل ما يصدر عنها وكأنه قضاء وقدر، فإن اللافت أنها تريد أن تصادر حق الناس فى أن يسألوا الله اللطف فى قضائه، لكن العجيب هذا الاحتماء الأوتوماتيكى للجنة بالمجلس العسكرى، فكلما رمقها أحد بنظرة اندهاش أو كلمة نقد تهدد بالقعدة فى البيت وتعليق العمل وتعطيل الانتخابات وتذهب إلى «العسكرى» تقول له الحقنى من تحرشات الأوغاد، وألسنة الحساد، ومشاغبات الأولاد.
ولما كان الثابت أن هذه اللجنة العجيبة أنشئت بنص إعلان دستورى وليس بفرمان من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فإنه كان يفترض أن تكون مرجعية اللجنة وجدار حمايتها هو الدستور والشعب وليس المجلس العسكرى، لكنها من أسف تسلك وكأنها هبة «العسكرى» وطفلته المدللة، ومن ثم تذهب إليه تشكو وتحرض وتمارس نوعا من الابتزاز العاطفى، على غرار ما جرى أمس من تلويح بإيقاف عملها إذا استمر نقد الناقدين.
ومادامت اللجنة تعتبر أنها فى حماية المجلس الأعلى وتتصرف من منطلق أنها صنيعته فهل من الممكن والحال كذلك أن نثق فى أنها فعلا عليا ومستقلة عن كل السلطات؟
معلوم أن من يطلب الحماية من أحد لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يكون محايدا فى التعامل معه، ويستحيل أن يدعى الاستقلالية والتجرد، ومن يدرينا أن صاحب الحماية ليست له ميول وأفضليات ونوازع فى هذا الاتجاه أو ذاك.
وغنى عن البيان أن الأصل فى تشكيل هذه اللجنة أنها حكم عادل ونزيه، ووفق المادة ٢٨ هى بحد ذاتها سلطة مطلقة، وليست مجرد إدارة ملحقة أو تابعة تعمل عن المجلس العسكرى، وهرولتها إليه بهذه الطريقة الطفولية كلما ناقشها أحد يقلل كثيرا من مهابتها وينقص من قيمتها الاعتبارية لدى كافة الأطراف، ويفاقم الشكوك والهواجس فى أنها تأتمر بأوامر المجلس العسكرى وتنفذ إرادته السياسية فى ما تبقى من مرحلة يقال عنها انتقالية.
ولا يليق بلجنة بهذا الحجم وبهذه السلطة أن تبقى الأخبار المتداولة عنها محصورة فى منطقة «اللجنة زعلانة» «اللجنة غضبت.. اللجنة رجعت»
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى