مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية لانتخاب أول رئيس جمهورية بعد ثورة 25 يناير، بدأ التساؤل حول مصير القصور الرئاسية، وهل ستستمر هذه المبانى ذات القيمة التاريخية والأثرية تابعة لمؤسسة الرئاسة، أم سيتم تخصيص مقر رئاسى أشبه بالبيت الأبيض فى الولايات المتحدة، ويعاد استخدام باقى القصور كفنادق ومزارات سياحية تساهم فى زيادة الدخل القومى وتنشيط السياحة، وقبيل إجراء الانتخابات انتهت لجنة فحص القصور الرئاسية من جرد محتوياتها، وأكدت أن كنوز مصر فى أمان، «المصرى اليوم» حاولت الإجابة عن هذا السؤال، والبحث عن أكثر القصور ملاءمة لمهام الرئاسة ولإقامة الرئيس الجديد، خاصة بعد إعلان عدد من المرشحين المحتملين للرئاسة موقفهم من القضية، حيث يؤكد الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح أنه سيعيش فى منزله فى حال فوزه بالانتخابات، ولن ينتقل إلى قصر الرئاسة، بينما يقول حمدين صباحى إنه سيتخذ قصرا واحدا فقط من قصور الرئاسة الـ8 ويحول الباقى إلى مزارات سياحية، على أن تتحول استراحة برج العرب إلى فندق عالمى يضم مجمعاً سياحياً يخصص دخله لمساعدة الشباب.
«الآثار» تريد ضمها ومثقفون يطالبون بتحويلها إلى مزارات سياحية
على موقع «فيس بوك» الاجتماعى بدأت حملة لإعادة استخدام القصور الرئاسية، وقالت الحملة على صفحتها: «تعتبر قصور الرئاسة بحق درة التاريخ المصرى، وتاج المعمار فى التاريخ المصرى المعاصر، وهذا التراث هو ملك لكل المصريين بل للحضارة الإنسانية جمعاء، وكان استئثار فرد واحد بكل هذا التراث إمعاناً فى الفساد والاستبداد»، وأكدت الحملة أن هدفها هو تحويل قصور الرئاسة إلى مكتبات ومزارات سياحية للمساهمة فى تنمية ورقى الفرد ودعم الاقتصاد المصرى مع الإبقاء على قصر القبة فقط كمقر للحكم. الدعوة إلى تحويل القصور الرئاسية إلى مزارات سياحية ومتاحف سبق أن وجهها من قبل الدكتور محمد عبدالمقصود، أمين عام المجلس الأعلى للآثار السابق، ورئيس قطاع الآثار المصرية. يقول عبدالمقصود إنه دعا إلى ضم القصور الرئاسية إلى وزارة الآثار وتحويلها إلى متاحف وتخصيص مبنى واحد فقط كمقر للرئاسة، مشددا على رفضه لأن يحتكر شخص واحد كل هذه المبانى المهمة. ويقول الدكتور محمود عباس، رئيس لجنة حصر مقتنيات القصور الرئاسية بوزارة الآثار، إن أى مكان يجلس فيه رئيس الجمهورية يكتسب مكانة تاريخية، ويشير إلى أن جميع القصور الرئاسية مبان ذات قيمة تاريخية، وبعضها مسجل كأثر وهى قصر عابدين وقصر العروبة وكشك الشاى فى قصر المنتزه. ويضيف: إن هناك قرارا من وزير الآثار يقضى بتسجيل جميع القصور الرئاسية ذات القيمة الأثرية كآثار، خاصة جميع القصور الملكية، وهى 8 قصور، بخلاف الاستراحات الرئاسية، وجميع هذه المبانى ذات قيمة تاريخية وليست أثرية. ويقول الدكتور عماد أبوغازى، وزير الثقافة السابق، إنه من المفترض أن يتم تخصيص مقر للحكم فى القاهرة وآخر فى الإسكندرية، وقصر للضيافة على أن تحول باقى القصور إلى متاحف ومزارات سياحية، ويشير إلى أن قصر الاتحادية هو الأفضل ليكون مقر الحكم فى هذه المرحلة، لأن المقر التاريخى فى قصر عابدين كبير جدا على أن يكون مقرا للحكم فى المرحلة الحالية. ويشدد على ضرورة تسجيل القصور الرئاسية كآثار، خاصة القصور الملكية التى تم بناؤها قبل 100 عام مثل قصرى القبة ورأس التين. ويحكى «أبوغازى» قصة بناء هذه القصور، ويقول إن بناء القصور الملكية بدأ فى عهد الخديو إسماعيل الذى أراد نقل مقر الحكم من القلعة إلى قلب القاهرة مع فكرة تطوير المدينة، ويشير إلى أن القلعة ظلت مقرا لحكم مصر منذ عهد صلاح الدين الأيوبى حتى عهد الخديو إسماعيل. ويضيف أن القاهرة كانت تُحكم فى العصور السابقة على عصر حكم صلاح الدين من المدينة نفسها، حتى إن المعز لدين الله الفاطمى عندما بنى القاهرة القديمة، كانت مقرا له ولحاشيته ودولته فقط، حتى جاء صلاح الدين وتركها وقرر حكم مصر من القلعة، ويشير إلى أن مشايخ مصر اشترطوا على محمد على عند توليه حكم مصر ألا يحكمها من القلعة وأن يقيم فى منزله بحى الأزبكية، لكنه اختلق قصة ليسكن القلعة. ويتابع: بعد بناء القصور فى عهد إسماعيل تحول قصر عابدين ليكون المقر الرئيسى للحكم، وظل كذلك حتى نهاية حكم الملك فاروق، وقيام ثورة يوليو 1952، حيث حكم جمال عبدالناصر مصر من قصر القبة، وسكن منزله فى منشية البكرى، ثم جاء السادات وأعاد استخدام قصر عابدين كمقر للحكم، لكنه لم يسكن أياً من القصور، وفى بداية عهد مبارك ظهرت فكرة إنشاء مقر للسكن لرئيس الجمهورية ينتهى بانتهاء ولايته، لكن لم يتم تحقيق ذلك، وسكن مبارك فى منزله بمصر الجديدة، وحكم مصر من قصر الاتحادية. ويقول الدكتور عبدالله كامل، أستاذ الآثار بجامعة جنوب الوادى، إن موضوع قصور الرئاسة المصرية تمت إثارته فى أعقاب تصريح الرئيس التونسى منصف المرزوقى التى دعا فيه إلى بيع القصور الرئاسية، وتخصيص عائد البيع لصالح تشغيل الشباب، معربا عن أسفه لانسياق مصر وراء هذه الدعوة، رغم ثقلها الحضارى وامتلاكها الكثير من الثروات الطبيعية التى تؤهلها لأن تكون قوة اقتصادية كبيرة دون أن تفرط فى قصور الرئاسة. ويضيف «كامل»: إن مسؤولية قصور الرئاسة من المفترض أن تكون فى يد وزراة الثقافة ممثلة فى الجهاز القومى للتنسيق الحضارى، حيث إن بعض هذه القصور ذو قيمة تاريخية، إضافة إلى وزارة الآثار التى تتحمل المسؤولية عن القصور الأثرية، ووزارة السياحة، والمحافظين الذين تقع هذه القصور فى نطاق سلطتهم. ويطالب كامل بتشكيل لجنة تضم جميع الأطراف السابقة لدراسة كيفية إعادة توظيف هذه القصور اقتصاديا وثقافيا وسياحيا، وإعادة تأهيل سكان المناطق المحيطة بالقصور الرئاسية، والحفاظ عليها وترميمها، باعتبارها تمثل ذاكرة الأمة. ويقول إنه لا بد من تحويل معظم هذه القصور إلى متاحف ومزارات سياحية، ويشير إلى أن هذه القصور يمكن أن تكون مصدرا كبيرا للدخل فى البلاد إذا ما أعيد توظيفها، ضاربا المثل بفندق السلاملك فى قصر المنتزه، الذى يعد تحفة فنية، ويتوافد عليه السياح، ويدفعون مبالغ طائلة للإقامة فيه، وغيرها من المبانى الأثرية والتاريخية الجميلة مثل قصر رأس التين واستراحة برج العرب، وقصر الأمير عمر طوسون فى نجع حمادى وأرمنت. ويقول سمير غريب، رئيس جهاز التنسيق الحضارى، إن مسألة مصير القصور الرئاسية موضوع سيادى قبل الثورة وبعدها، لأن ملكيتها تابعة لرئاسة الجمهورية، ونحن كجهاز للتنسيق الحضارى لا نستطيع أن نتحدث عن استخدامات هذه المبانى، لكننا نتدخل عند الإضرار بها. ويضيف غريب: إن استخدام المبانى التاريخية كقصور رئاسية لا يضر بالمبنى، معربا عن اعتقاده الشخصى بضرورة إعادة النظر فى استخدامات القصور الرئاسية لتعظم الاستفادة لصالح البلد أكثر من صالح الرئاسة، ويشير إلى أن مقر الرئاسة فى روكسى يصلح لأن يكون فندقا عالميا يزيد من موارد البلاد، كما أن قصر المنتزه بحديقته التراثية يصلح لأن يكون فندقا لتنشيط السياحة فى مصر، ويؤكد أن الرئيس المقبل لا يحتاج أكثر من 3 قصور، واحد فى العاصمة للحكم، وآخر فى الإسكندرية، ويمكن أن يكون قصر رأس التين، وقصر شتوى فى أسوان، بينما يعاد استخدام باقى القصور للمصلحة العامة، وهذا سيوفر فى ميزانية الدولة ويخفض ميزانية مؤسسة الرئاسة، فيما يتعلق بالبند الخاص بصيانة وتشغيل هذا الكم من القصور. ويشير غريب إلى أن معظم القصور الرئاسية مسجل كمبان ذات طراز معمارى متميز، ويكشف أنه رفض عودة ملكية إحدى الاستراحات الرئاسية فى كينج مريوط، إلى السيدة التى كانت تملكه قبل استحواذ الرئاسة عليها، لأن الاستراحة مرتبطة بشخصيات تاريخية، حيث سكنها الرئيس الراحل أنور السادات، والرئيس السابق حسنى مبارك. وتؤكد مصادر مقربة من مؤسسة الرئاسة أن قصر الاتحادية هو الأنسب للحكم فهو مجهز بقاعات للمؤتمرات الصحفية، واستقبال الضيوف، فى حين يرى البعض الآخر ضرورة الإبقاء على القصور الرئاسية تحت إشراف المؤسسة، لأنها تستخدم كمقرات لضيافة الرؤساء والزعماء واستقبالهم. فاروق حسنى، وزير الثقافة الأسبق، يؤكد ضرورة أن تتحول هذه القصور إلى متاحف ومزارات سياحية أسوة بقصر فيرساى فى فرنسا، كما يجب أن تستخدم أيضا فى استقبال واستضافة زعماء العالم، لأنها تقدم صورة للضيف تدل على عظمة مصر، كما حدث عند استقبال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وغيره من رؤساء العالم فى قصر عابدين أو عند استقبال الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى قصر القبة، كما أن هذه القصور يجب أن تستخدم كمقر لضيافة بعض الزعماء، ويشير إلى أن وزارة الثقافة قامت بترميم هذه القصور وتسجيل محتوياتها بالكامل فى عهد مبارك، بناء على طلب من الدكتور زكريا عزمى، رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق. ويقول حسنى إن قصر عابدين به عدد من المقتنيات الأثرية المهمة، من بينها غرفة فضيات، وسجادة كانت مهداة للأميرة فوزية من العائلة المالكة عندما تزوجت شاه إيران إضافة إلى مسرح رائع، كما أن قصر رأس التين يضم ثانى أكبر نجفة على مستوى العالم، بعد تلك الموجودة فى روسيا، ويشير إلى أن قصر الاتحادية يصلح لأن يكون مقرا للحكم وإقامة الرئيس الجديد، مع تحويل باقى القصور إلى متاحف ومزارات سياحية. ولم يستخدم أى من رؤساء السابقين أياً من هذه القصور كمقر للإقامة، ويقول مصدر مقرب من مؤسسة الرئاسة، إن قرار تحويل أحد هذه القصور إلى مقر إقامة وحكم بيد الرئيس المقبل، وإن كان يعتقد أن أى رئيس مقبل سيخشى اتخاذ مثل هذا القرار، خوفا من أن يتهمه الشعب بالرغبة فى أن يسكن القصور الملكية هو وعائلته.
«عابدين».. من منزل ضابط تركى إلى مقر 6 ملوك
مازال مشهد إغلاق شوارع القاهرة، وإصابتها بالشلل التام عند استقبال مبارك للرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى قصر عابدين قبل عدة سنوات، فى ذاكرة سكان العاصمة، مما يجعل تحويل هذا القصر إلى مقر للحكم بمثابة كارثة مرورية. كان قصر عابدين المقر الرئيسى للحكم منذ عهد محمد على، وتحول إلى مبنى إدارى تابع للرئاسة فى عهد مبارك، ومكان لاستقبال زعماء العالم للتأكيد على حضارة مصر، وعابدين بك هو أحد الضباط الأتراك، وكان يملك بيتاً صغيراً فى مكان القصر الحالى، وبعد وفاته اشترى الخديو إسماعيل المنزل وهدمه وضم إليه أراضى واسعة من الجانبين، وأمر بتشييد «قصر عابدين» ليكون المقر الرئيسى لحكم مصر بتكلفة 565 ألفاً و570 جنيهاً، بخلاف الأثاث الذى تكلف 2 مليون جنيه، ويعد القصر البداية الأولى لظهور القاهرة الحديثة، ففى الوقت نفسه الذى كان يجرى فيه بناؤه أمر الخديو إسماعيل بتخطيط القاهرة على النمط الأوروبى من ميادين فسيحة وشوارع واسعة وقصور ومبان وجسور على النيل وحدائق غنية بالأشجار وأنواع النخيل والنباتات النادرة. يضم القصر 500 غرفة، ومكتبة بها أكثر من 55 ألف كتاب، وأهم ما فيه الصالون الأبيض وغرفة مكتب الملك فاروق، وصالون قناة السويس، والقاعة البيزنطية، وقاعة العرش، وصالة للطعام، وحجرة البلياردو التى أهدتها الإمبراطورة أوجينى للخديو إسماعيل، وجناح الحرملك الذى يضم مجموعة من التحف والتماثيل والسجاد والساعات المحلاة بالذهب، إضافة إلى جناح الملك فاروق، وجناح الملكة فريدة، وجناح ولى العهد، وبالقصر ثلاثة متاحف هى متحف قصر عابدين الحربى، ومتحف هدايا الرئيس السابق مبارك، ومتحف الفضيات الذى يضم مقتنيات أسرة محمد على الذى أنشئ فى عهد مبارك. ورغم أنه أصغر القصور مساحة، لكنه أهمها من الناحية التاريخية والرسمية، حيث حكمت منه مصر فى عهد 6 ملوك، تلاهم الرئيس محمد نجيب، والرئيس جمال عبدالناصر وأنور السادات.
«رأس التين».. شاهد على بداية ونهاية الأسرة العلوية
يظل مشهد مغادرة الملك فاروق مصر بعد الثورة، من مرسى الباخرة «المحروسة» بقصر «رأس التين» محفوراً فى ذاكرة المصريين، ليكون القصر الذى أمر ببنائه محمد على لحكم البلاد فى شهور الصيف، شاهدا على بداية ونهاية الأسرة العلوية فى مصر. افتتح قصر «رأس التين» رسميا سنة 1847، وسمى بهذا الاسم لأنه بنى على حديقة مزروعة بأشجار التين، ويحتوى القصر على صالة العرش أو قاعة «الفرمانات»، وفى الدور الأرضى تقع «القاعة المستديرة» التى وقع فيها الملك فاروق تنازله عن عرش مصر، وشيد الملك فؤاد داخل القصر قاعة فريدة مشابهة للقاعة البيزنطية الموجودة فى قصر عابدين. يطل القصر على القاعدة البحرية فى الإسكندرية، وهو ما يجعل موقعه استراتيجياً للحكم، وبدأ محمد على فى بنائه سنة 1834، ليضمه إلى قصوره التى كان يملكها فى الإسكندرية مثل قصر المحمودية وقصر إبراهيم باشا، وتم الاستعانة فى بنائه وإصلاحه فيما بعد بمهندسين أجانب منهم المهندس الفرنسى سيريزى بك، والذى استقدمه محمد على سنة 1828 لإنشاء دار الصناعة والإشراف عليها، وعهد إليه بتصميم جناح الحرم فى القصر، كما شارك فى بنائه مهندسان آخران هما روميو والمسيو ليفرويج. تم بناء القصر على الطراز الأوروبى الذى كان شائعا فى الإسكندرية، نظرا لكثرة الجاليات الأجنبية الموجودة هناك فى تلك الفترة، وبنى فى البداية على شكل حصن، ولا يوجد من القصر القديم حاليا سوى الباب الشرقى الذى أدمج فى بناء القصر الجديد، ويتكون من 6 أعمدة جرانيتية تعلوها تيجان تحمل عتباته سبع دوائر من النحاس كتب بداخلها: «العدل ميزان الأمن»، و«حسن العدل أمن الملوك»، و«العدل باب كل خير»، و«اعدلوا هو أقرب للتقوى»، ويحيط به تمثالان لأسدين، تتوسطهما كتلة رخامية بها طيور ودروع ونسران متقابلان، وكتب بوسطها اسم محمد على وتاريخ 1261 هجرية. أعيد بناء القصر فى عصر الملك فؤاد على طراز يواكب العصر الحديث على يد المهندس الإيطالى فيروتشى، الذى بنى قصر الحرملك بالمنتزه، وتكلف وقتها 400 ألف جنيه، وأصبح مشابهاً لقصر عابدين ولكنه أصغر منه، وكان بجانبه محطة سكك حديدية خاصة تصل إلى داخل القصر، مخصصة لانتقالات الملك فاروق.
«القبة».. هنا خيمة «القذافى» ومقر إقامة الزعماء
بعربات تجرها الخيول، وصل الرئيس الأمريكى باراك أوباما، إلى مدخل قصر القبة حيث استقبله الرئيس السابق حسنى مبارك، على سلالم القصر العريق، الذى خصص فى السنوات الأخيرة كمقر لاستقبال الزعماء والرؤساء والملوك وإقامتهم، ومن بينهم الرئيس الليبى السابق معمر القذافى، الذى اعتاد إقامة خيمته بحديقة القصر. ورغم جمال وعظمة القصر الذى يقع فى شرق القاهرة، إلا أن مساحته الكبيرة التى تصل إلى 80 فداناً إضافة إلى الحديقة التى تحيط به وتبلغ مساحتها 125 فداناً التى ربما تؤهله ليكون مقراً للرئاسة والحكم وإقامة الرئيس، لكنها فى الوقت نفسه تجعل عملية التنقل داخله بين مبانيه المختلفة صعبة جداً، وغير ممكنة دون سيارة. بناه الخديو إسماعيل، ويمتد من محطة مترو سراى القبة حتى محطة كوبرى القبة، وتحول إلى أحد قصور رئاسة الجمهورية بعد ثورة 23 يوليو 1952. فى فترة حكم الخديو توفيق، صار القصر الذى ولد فيه محلاً لإقامة أفخم الاحتفالات وحفلات الزفاف الملكية. وعندما اعتلى فؤاد الأول، عرش مصر عام 1917 صار القصر مقر الإقامة الملكية الرسمى، وخلال فترة إقامته فيه أمر بعدة تغييرات على القصر، حيث أمر بإضافة سور بارتفاع 6 أمتار، وبوابة جديدة وحديقة خارجية، كما أضيفت محطة سكة حديد خاصة بالقطار الملكى حيث كان الزوار يأتون مباشرة سواء من الإسكندرية أو من محطة مصر المركزية للقطارات فى القاهرة، وتوفى فؤاد الأول فى القصر. وألقى الملك فاروق أولى خطبه، عبر الإذاعة المصرية، فى 8 مايو 1936 من هذا القصر، إثر وفاة والده فؤاد الأول، واحتفظ «فاروق» بمجموعاته الخاصة فى ذلك القصر، حيث ضمت مجموعات نادرة من الطوابع والساعات والمجوهرات، ومعظم هذه الأشياء بيعت فى مزاد علنى فى عام 1954 حضره الكثير من المهتمين بينهم مندوبون عن المكلة إليزابيث الثانية وأمير موناكو. وبعد ثورة يوليو 1952، أصبح أحد القصور الرئاسية الرئيسية، وكان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر يستقبل الزوار الرسميين فى هذا القصر، كما سجى جثمانه هناك بعد وفاته انتظاراً لجنازته فى تاريخ 1 أكتوبر 1970، ولا يزال القصر مقراً رسمياً لإقامة الزوار الرسميين لمصر.
«الاتحادية».. من فندق للأثرياء إلى مقر حكم «مبارك»
يقع قصر العروبة أو قصر الاتحادية كما يطلق عليه، فى مصر الجديدة، ويعد القصر الرسمى للرئاسة فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، حيث كان مقرا لاستقبال الوفود الرسمية. أنشأت القصر شركة فرنسية، وافتتحته كفندق تحت اسم «جراند أوتيل» سنة 1910، كباكورة فنادقها الفاخرة فى أفريقيا، وقام بتصميمه المعمارى البلجيكى آرنست جاسبار، ويضم 400 حجرة إضافية إلى 55 شقة خاصة وقاعات ضخمة، وتم تأسيس حجرات المبنى آنذاك بأثاث فاخر من طرازى لويس الرابع عشر ولويس الخامس عشر. أما القاعة المركزية الكبرى، فوضع بها ثريات ضخمة من الكريستال الأضخم فى عصرها وكانت تحاكى الطراز الشرقى. يبلغ ارتفاع قبة القصر 55 متراً، ومساحة القاعة الرئيسية به 589 متراً مربعا، وصممها ألكسندر مارسيل، وتم فرشها بسجاد شرقى فاخر ووضعت بها مرايا من الأرض إلى السقف، ومدفأة ضخمة من الرخام و22 عمودا إيطاليا من الرخام، كما توجد بالقصر قاعة طعام فاخرة تكفى 150 مقعدا، وقاعة أخرى تضم 3 طاولات بلياردو منها اثنتان كبيرتا الحجم من طراز ثرستون، ونظراً لضخامة المبنى واتساعه تم تركيب سكة حديد خاصة بطول القصر. ويعتبر فندق «جراند أوتيل» الذى أصبح فيما بعد «قصر الاتحادية» من أفخم الفنادق فى بدايات القرن العشرين وكان معماره المتميز ما لفت إليه النظر وأصبح عامل جذب سياحى للعديد من الشخصيات الملكية فى مصر وخارجها إضافة إلى رجال الأعمال الأثرياء، وكان من ضمن نزلاء الفندق الملك ألبير الأول ملك بلجيكا وزوجته الملكة إليزابيث دو بافاريا، وعاصر الفندق الحربين العالميتين وتحول فى بعض الفترات إلى مستشفى عسكرى ومكان لتجمع الضباط من قبل سلطة الاحتلال البريطانى فى مصر. فى الستينيات استعمل القصر الذى صار مهجورا بعد فترة من التأمين مقراً لعدة إدارات ووزارات حكومية، وفى يناير 1972 أصبح القصر مقرا لما عرف باتحاد الجمهوريات العربية الذى ضم آنذاك كلا من مصر وسوريا وليبيا ومنذ ذلك الوقت عرف باسمه الحالى غير الرسمى «قصر الاتحادية»، وفى الثمانينيات وضعت خطة صيانة شاملة للقصر حافظت على رموزه القديمة، وأعلن بعدها المقر الرئاسى لمبارك، الذى لم يبق بالقصر سوى فى أوقات العمل الرسمية، حيث كان يسكن فى منزله الخاص بمصر الجديدة، ونظرا لما كان يسببه موقع هذا القصر من زحام خلال استقبال وفود أو رؤساء، فضل مبارك استقبال ضيوفه فى شرم الشيخ.
«المنتزه».. الفندق الأسطورى الذى كان مقراً لـ«أفندينا»
بوابات ضخمة يتوسطها شعار نسر الجمهورية تحيط بقصر المنتزه، أو مبنى الحرملك، لكنها لا تحول دون اقتراب سكان الإسكندرية من المبنى الرئاسى لاختلاس النظر، ومحاولة صف سياراتهم أمام أبواب القصر أو التقاط صورة للقصر الذى قلما زاره الرئيس حسنى مبارك، أو المنتزه فى حديقته المطلة على شاطئ المتوسط، وربما الإقامة فى جزء منه تحول إلى فندق بعد ثورة 23 يوليو. وعلى بعد 200 متر من القصر، يقع مقر أمناء الرئاسة الذى أنشئ قبل نحو 5 سنوات، ويحيط بالقصر 3 شاليهات رئاسية على البحر المتوسط، يقال إنها كانت تخص «مبارك» ورئيس ديوان رئاسة الجمهورية السابق زكريا عزمى. قصر المنتزه هو أحد القصور الملكية، بناه الخديو عباس حلمى الثانى عام 1892، ويقع داخل حدائق تعرف باسم «حدائق المنتزه» وهى من أهم المنتزهات فى الإسكندرية حالياً، ومن المعالم الأثرية الباقية فى قصر المنتزه برج الساعة الشهير وكشك الشاى الذى بنى على الطراز الرومانى والمطل على شاطئ البحر المتوسط ليشرب فيه الملك وحاشيته «شاى العصارى»، أثناء مناقشة أمور الحكم، إضافة إلى سينما الأميرات المجاورة لقصر الملك، وهى عبارة عن حديقة غناء مسورة، وبها حائط كبير مجهز لعرض أفلام السينما لتسلية الأميرات. يتكون القصر من مبنيين، الأول «الحرملك»، الذى يتبع مؤسسة الرئاسة، والثانى «السلاملك» الذى كان مخصصاً لاستقبال الضيوف والاجتماعات، وخصص فى عهد الملك فاروق ليكون مكتباً خاصاً للملك ومقراً للضيافة ويضم 14 جناحاً ملكياً، و6 غرف فاخرة. وأثناء الحرب العالمية الأولى، تم استخدام القصر كمستشفى عسكرى ميدانى، وعقب ثورة يوليو 1952، تم تحويل القصر إلى فندق، ويمكن لزوار الإسكندرية أن يسكنوا فى جناح «مولانا» ذى الغرف الخمس، الذى يطل على حدائق المنتزه، وتتسع شرفته لأكثر من 100 شخص، أو جناح صاحبة العصمة وبه 3 غرف، أو جناح أفندينا، ويستمتع بالنوم داخل غرف النوم الملكية أو يتناول الطعام فى مطعم الفاروق، أو معطم الملكة فريدة.
«الطاهرة».. قصر «الأيدى الناعمة» الذى أصبح مسرحاً لعمليات «أكتوبر»
حالت المساحة الصغيرة لقصر الطاهرة، دون تحويله إلى مقر للحكم، حيث لا يكفى القصر، الذى يقع شرق القاهرة بين روكسى وحدائق القبة، جميع إدارات مؤسسة الرئاسة ويعد رغم صغر حجمه من أفخم القصور فى العالم. كان «الملك فاروق»، اشترى القصر باسم الملكة فريدة عام 1941 بمبلغ 40 ألف جنيه، واشترى الفيلا المجاورة له، وضم إليه عدداً من الأراضى، حتى بلغت مساحته 8 أفدنة، ثم استرده منها، مقابل 117 فداناً بمحافظة الشرقية، ويحتوى القصر على عدد من التحف والتماثيل الرخامية لفنانين إيطاليين. وكان القصر مسرحا لعمليات حرب أكتوبر 1973، حيث توجد به صورة شهيرة للرئيس الراحل أنور السادات وحوله رجال الجيش، يقفون حول طاولة كبيرة يناقشون عليها خطة الحرب، وهى نفسها طاولة البلياردو التى كان أحضرها الملك فاروق من قصر محمد على فى شبرا الخيمة وضمها للقصر، كما شهد القصر تصوير فيلم «الأيدى الناعمة عام 1963». وتردد أن القصر شهد جلسة تسوية مؤقتة، بين الرئيسين الراحلين محمد نجيب وجمال عبدالناصر، خلال زيارة الملك سعود فى مارس 1954، كما كان مقراً لإقامة فتحية نكروما، زوجة أول رئيس لغانا كوامى نكروما، وأسرتها لبعض الوقت فى أعقاب تشكيل حركة عدم الانحياز، كما كان مقراً لإقامة أرملة شاه إيران عام 1980، وأقام فيه رئيس الوزراء الفرنسى السابق ليونيل جوسبان. وفى عام 1996 رفعت بنات الملك فاروق، دعوى قضائية للمطالبة، باسترداد القصر لأنه كان ملكاً لوالدتهم الملكة فريدة، على حد قولهن ولأنها لم تكن من أسرة محمد على، فلا يحق تنفيذ قرار المصادرة على القصر، وخسرن القضية.
استراحة القناطر.. قلعة «مبارك» السرية
استراحة الرئاسة فى القناطر الخيرية، بنيت فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، على مساحة 5 أفدنة، ويسميها سكان المنطقة «قلعة مبارك السرية»، حيث أحاطها الرئيس السابق، بسور عالى يمنع رؤية ما بداخلها، على عكس ما كانت عليه فى عهد الرئيسين السابقين. ورغم مرور سنوات، على اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات فإن سكان المنطقة ما زالوا يتذكرون فترات إقامته بالاستراحة، ويرون كيف أعاد بناء وترميم مسجد مجاور لها أطلق عليه اسم أخيه عاطف، ويتذكرونه وهو يتمشى أمام الاستراحة ويصلى فى المسجد. لكن السكان فى الوقت نفسه، لا يتذكرون شيئاً عن زيارات «مبارك» لها، حتى إنهم لا يعلمون ما إذا كان أقام فيها أم لا، بسبب الحراسة المشددة التى كانت تحيط بها، والتى حرمت الناس حتى من التنزه فى الحدائق المجاورة لها. وفى أول أعياد شم النسيم بعد ثورة 25 يناير، تم فتح الحدائق المجاورة للجمهور، واستطاع الناس لأول مرة التجول فى المنطقة الملاصقة للاستراحة، والوقوف بجوارها، والصيد فى الجزء الملاصق لها من النيل، وهو ما كان محرماً فى عهد مبارك ويقال إن مبارك أحب الاستراحة فى بداية حكمه وكان يقيم بها قبل أن يتخذ من شرم الشيخ مقراً لاستقبال الوفود الرسمية. وروى الكاتب محمد حسنين هيكل مؤخراً أن الاستراحة شهدت حديثا بينه وبين الرئيس الراحل أنور السادات، قبل إعلانه اختيار حسنى مبارك نائبا له، وقال «هيكل» فى كتابه الأخير إنه التقى «السادات» فى مارس 1975، والسادات سأله فجأة وسط حديث طويل تحت شجرة «الفيكس» العريقة وسط حديقة استراحة القناطر، حول من الذى يصلح لمنصب نائب الرئيس. ويضيف «هيكل» أن «السادات» قال إن النائب بعد حرب أكتوبر، يجب أن يكون رجل جيش، وكشف عن أنه ينوى اختيار «مبارك» لهذا المنصب وشرح أسباب اختياره، وقال إن «مبارك» منوفى مثلى، وله فى الطيران مجموعات بين الضباط تسيطر على السلاح.
استراحة الإسماعيلية.. فيلا مهجورة.. وحراسة مشددة
على شاطئ بحيرة التمساح، وفى مواجهة خط بارليف، تقع فيلا صغيرة على ربوة مرتفعة تطل مباشرة على قناة السويس، تعرف باستراحة الإسماعيلية. يقول أهالى المدينة إن الرئيس الراحل أنور السادات بنى الاستراحة لتذكره بنصر أكتوبر وعبور قناة السويس، فهى تقع فى مواجهة الضفة الثانية من القناة. «المصرى اليوم» زارت الاستراحة الرئاسية، التى تقع فى المنطقة نمرة 6، وصلنا إلى شارع محمد على، أشهر شوارع الإسماعيلية، وانطلقنا فى اتجاه طريق نمرة 6، حتى وصلنا إلى حديقة صغيرة، جلس فيها بعض سكان المدينة يستمتعون بشمس يوم شتوى دافئ، وفى نهايتها وجدنا سلكا شائكا يحيط بحديقة أخرى وينتهى عند طريق مغلق بفيلا يسكنها الحرس الجمهورى. ورغم أن الفيلا بدت هادئة وشبه خالية، إلا من 3 جنود «حرس جمهورى»، فإن سكان المدينة قالوا إن قوات الحرس الجمهورى كانت تحيط بالفيلا قبل الثورة، رغم أن الرئيس السابق حسنى مبارك لم يكن يأتى للاستراحة. لم نستطع رؤية الاستراحة من الحديقة، فتجولنا حولها لنصل إلى مستشفى نمرة 6 التابع لهيئة قناة السويس، وبجواره مسجد السلام، الملاصق للاستراحة الرئاسية، وفى نهاية الطريق المؤدى للمستشفى كان هناك سور حديدى يطل على قناة السويس، وقف عليه اثنان من عساكر الجيش، اقتربنا من السور، لنجد طريقا صاعداً من أسفل القناة يربط بين المسجد والاستراحة، حيث اعتاد «السادات» الخروج من الاستراحة سيرا على الأقدام، للصلاة فى مسجد السلام، ويؤكد سكان المدينة أنهم لم يكونوا يستطيعون الاقتراب من هذا السور قبل الثورة، لأنه كان تحت حراسة الحرس الجمهورى. الوسيلة الوحيدة لرؤية مبنى الاستراحة هى من القناة، لذلك ركبنا إحدى العبارات الرسمية التى تنقل الناس إلى الضفة الثانية من القناة، فى رحلة لا تستغرق 3 دقائق، لكن ركوب العبارة ليس أمراً سهلاً، فيجب أن تمر على نقطة أمنية يحرسها الجيش، ويقوم بتفتيش السيارات قبل الدخول خوفا من مرور سيارات مسروقة إلى الضفة الثانية من القناة. من داخل العبارة تظهر الاستراحة الرئاسية، وهى مبنى صغير بنى داخل حرم قناة السويس، تحيط به الأشجار وعدد قليل من الحراس يسيرون ذهاباً وإياباً على طول السور المحيط بها، وعلى الضفة الثانية من القناة تجد عبارة «مرحبا بكم فى مصر» باللغة الإنجليزية، بجوار كافيتريا الجيش الثانى الميدانى، التى تعتبر متنزهاً لسكان الإسماعيلية. ويروى سكان المدينة أن «السادات» كان يحب الإسماعيلية، لأنه عاش فيها فترة من حياته قبل توليه الرئاسة، وكان يأتى باستمرار إلى الاستراحة الرئاسية، ويتجول فى شوارع المدينة، سيراً على الأقدام، بينما هجرها «مبارك» منذ التسعينيات. ويردد السكان شائعة حول سبب هجر «مبارك» للاستراحة، ويقولون إنه تزوج من شقيقة الدكتور عبدالمنعم عمارة، محافظ الإسماعيلية الأسبق، وكان يسكن معها فى الاستراحة، وقرينته «سوزان» عندما علمت بذلك منعته من الذهاب إلى هناك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى