الانتخابات الرئاسية
وسط إجراءات أمنية مشددة، اصطف المصريون فى طوابير طويلة، تحت حرارة الشمس، انتظارًا للمشاركة فى أول انتخابات رئاسية حقيقية فى مصر. فى جولة ميدانية لـ"بوابة الأهرام" التزم غالبية المشاركين فى الانتخابات بإجابة واحدة، حين سألناهم: هل هذه المرة الأولى لكم فى التصويت بانتخابات الرئاسة أم لا؟ فقالوا: نعم.
لم يكن الحاج صبرى عزمى، الذى يبلغ من العمر 89 عاما، يتوقع لحظة واحدة أن يشارك فى الانتخابات الرئاسية، وفقا لما صرح به لـ"بوابة الأهرام"، بينما توقع الموت قبل أن يدلى بصوته الانتخابى لاختيار الرئيس، حتى تحققت أمنيته التى ظل يحلم بها طيلة حياته، وهى أن يأتى لمصر رئيسا يعرف حجمها ويحترم شعبها، ويتم اختياره بشفافية ونزاهة، حتى جاء يوم الثالث والعشرين من مايو، ليكون يوما تاريخيا بالنسبة له، فجاء إلى لجنة مدرسة التوفيقية الثانوية بنين بشبرا، ثم يجلس أمام اللجنة طالبا العون من المتواجدين أمام اللجنة، حتى يساعدونه فى الوصول إلى لجنته الانتخابية.
لم يتردد جنود الجيش فى أن يحملوه بين أيديهم، ويسيرون به، فى طريقهم إلى اللجنة رقم 5 فى الدور الثانى، ثم دخلا به إلى مقر اللجنة حيث الإدلاء بصوته، هنا استقبله الموظفون داخل اللجنة، وساعدوه على أن يكمل مراحل التصويت، وعندما انتهى من الإدلاء بصوته لمرشح لم يفصح عنه لأى أحد، استلمه جنود الجيش الثلاثة، الذين ظلوا منتظرين أمام اللجنة حتى ينتهى من الانتخاب، وأخذوه حتى ركب فى سيارة تاكسى، وانطلق حيث أتى.
لم يكن هذه المشهد مجرد لفت انتباه أمام وسائل الإعلام المحلية والأجنبية التى كانت متواجده داخل المدرسة، بينما تكرر نفس المشهد وبصورة بالكربون، ولكن كان ذلك فى مردسة السيدة حنيفة، لكن الذى تغير فى المشهد الثانى، أن الجنود الذين حملوا الرجل العجوز، كانوا من الشرطة وليس الجيش، بينما كان جندى الجيش يسير أمامهم حاملا العكاز الخاص بهذا العجوز حتى انتهى من الإدلاء بصوته.
لم تقتصر مساعدة كبار السن فى الإدلاء بأصواتهم، على رجال الجيش والشرطة، بينما شارك أحد القضاء المسئولين عن لجنة رقم 6 فى مدرسة شبرا للبنين، فى مساعدة أحد كبار السن منذ دخوله اللجنة حتى خروجه سعيدًا عقب الإدلاء بصوته.
جاء هذا المسن بصجبة ابنته منى، وحين وصلت به على باب اللجنة، رفض رئيس اللجنة إدخالها معه، وقال لها بالنص: "احنا زى ولاده أخذه المستشار وأجلسه على الكرسى الخاص به، وبحث عن اسمه فى كشوف الناخبين، ثم أعطى له ورقة التصويت، واصطحبه حتى وصل إلى "التاندة" التى يصوت خلفها الناخبون، وانتظر المستشار حتى اطمئن لوقوف هذا المسن على قدميه فى سلام، وذهب بعيدا عنه لعدة خطوات، حتى يتيح له التصويت بحريته الشخصية، وعقب أن انتهى المسن من التصويت، سلمه المستشار لابنته، وقال لها: "تحت أمرك"، لكنها لم ترد سوى بابتسامة بسيطة، وظهر على ملامح وجهها علامات الفرحة.
تكرر نفس المشهد مع شخص فاقد للبصر، حيث جاء إلى اللجنة بصحبة شقيقه، وبعدما اطلع المستشار على بطاقة أخيه، ليتأكد بنفسه من صلة القرابة، سمح له بالدخول معه، حتى انتهى من عملية التصويت، وسط رقابة من الموظفين المتواجدين داخل اللجنة.
على حوائط المدارس تم لصق معلومات إرشادية، مدعومة صور فوتوغرافية، لتعريف الناخبين بطريقة التصويت، المكونة من 10 خطوات، نمعا لتكدس المواطنين أمام مقار اللجان، بينما يقف أحد الموظفين أمام كل لجنة لتنظيم عملية الدخول والخروج، ولا يسمح بدخول أكثر من 3 أشخاص فقط، فى نفس التوقيت، وتم تخصيص 3 مقاعد للإعلاميين ومندوبى المرشحين، إذا أرادوا الجلوس داخل اللجنة لمتابعة سير عملية التصويت.
فى مدرسة قاسم أمين، وداخل إحدى اللجان، يجلس 3 إعلاميين تابعون للتليفزيون الفرنسى، يتابعون على قرب طريقة التصويت، وتنظيم دخول وخروج الناخبين، وأمام مراسل "بوابة الأهرام" قال المستشار لأحدهم: إذا كان لديكم ملاحظة أتمنى أن تبلغونى بها لأقوم بتدوينها فى محضر اللجنة"، فرد أحدهما قائلا: "لم نشاهد أى شئ سلبى حتى الآن.. وعلينا أن نقدم لكم الشكر على هذا التنظيم" فرد رئيس اللجنة وقال: "شرفتم أم الدنيا".
على مقربة من اللجان تقف عربات الجيش، يجلس فيها الجنود، أما باقى المجندين، يقف بعضهم على أبواب المدرسة، بصحبة قائدهم، الذى يجلس إلى جواره عددًا من ضباط الشرطة والأمناء، بينما تلاحظ عدم وجود مجندين تابعين لقوات الشرطة داخل اللجان، وكان التواجد المكثف والملحوظ فى محيط المدرسة، لرجال الجيش فقط.
هكذا كان سير العملية الانتخابية فى معظم اللجان، بعد مرور نحو 4 ساعات على بدء التصويت، فى اليوم الأول للانتخابات الرئاسية، وبات المصريون يأملون فى أن ينتهى اليوم الانتخابى كما بدأ، وأن تتكرر مشاهد الجيش والشرطة والقضاة مع المسنين، وذوى الاحتياجات الخاصة الذين لم يمنعهم عجزهم عن المشاركة، والوصول إلى اللجان على كراسى متحركة لاختيار أول رئيس مصرى بحرية مطلقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى