تعددت معالجات الصحافة الفرنسية فى تغطيتها للجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، فلم تقف عند حد التناول الخبري للحدث فقط بل تجاوزته وركزت على زوايا أخرى، منها على سبيل المثال الوقوف على أسباب عزوف البعض عن الذهاب للإدلاء بصوته فى أول انتخابات رئاسية تعددية تجرى فى مصر مثلما فعل المدون محمد عبدالحميد. فقد شرح هذا الناشط الذى شارك فى الثورة المصرية لـ«لوفيجارو» لماذا تجنب المشاركة فى انتخابات لم تكن لتتم لولا الثورة. محمد عبدالحميد قال انه لا ينتظر شيئا من الانتخابات الرئاسية: «علمتنى الثورة ألا أتوقع شيئاً وأن أنتظر ما يحمله لنا المستقبل. أبلغ 19 عاماً، لم أصوت أبداً، ولن أصوت. قاطعت الانتخابات لأننى فقدت الثقة. يمكن أن أقنع نفسى أن الأمر يمثل تطوراً ديمقراطياً، يمكننى أن أقنع نفسى أن الانتخابات أفضل من الديكتاتورية، وغير ذلك. لكننى أعلم فى قرارة نفسى أن هذه الانتخابات ليست ديقراطية بالفعل. محمد عبد الحميد حزين وليس محبطاً: «ليس لمثل هذا مات الناس! لم نبلغ حلمنا».
مجلة «لاكسبريس» حاورت صوفى بومييه التى تحاضر فى معهد العلوم السياسية بباريس ومؤلفة كتاب «مصر.. الوجه الآخر». تقول «بومييه» إن الجيش يحتل مكاناً مركزياً فى الحياة السياسية فى مصر وهو لم يكن ينتظر مثل هذا الحضور الواسع للإسلاميين. العسكر، حسبها، لا يريد محاوراً قوياً جداً يكون بوسعه أن يتعرض لمصالحهم الاقتصادية مثلما فعل مبارك الذى همشهم فى السنوات الأخيرة من حكمه، كما أنهم يريدون ضماناً لعدم مساءلتهم. الجيش يرغب أن يأتى رئيس يوازن بين سلطات البرلمان الذى يسيطر عليه الإسلاميون وهو يسعى إلى وضع دستور مؤقت لأجل هذا الهدف الذى يرونه فى صالح البلاد. وترى الخبيرة الفرنسية أن الخلاف بين الجيش والإخوان المسلمين لا يتعلق بالأمور الدينية لكن المشكلة تأتى من خشية العسكريين على صلاحياتهم.
أما مجلة لونوفيل أوبزرفاتور تساءلت: «أى مكان للجيش فى مصر فى المستقبل؟» «هل سيعود إلى ثكناته فى الأول من يوليو؟» وأجاب جون نويل فيرييه، الخبير فى الشأن المصرى فى المركز الوطنى للبحوث الاجتماعية الفرنسى«CNRS» فى سياق التحليل الذى كتبته ساره ديفالا: «بالنظر للصعوبات الشديدة التى واجهها الجيش فى إدارته للمرحلة الانتقالية أتصور أن الجيش غير مستعد للبقاء فى المشهد السياسى» ويضيف «ما يتمنوه هو مغادرة السلطة مرفوعى الرأس وهم يحتفظون بمزاياهم مثل العسكر فى تركيا قبل حزب الحرية والعدالة».
تقول سارة ديفالا، فى تحليلها، إن وضع الجيش، الذى يعد أكثر من كونه مؤسسة والحاضر فى القطاع الاقتصادى، نادراً ما يكون عرضة للانتقاد من الشعب وذلك لفترة طويلة. وهو الأمر الذى يفضل العسكريون استمراره. ثم يوضح جون نويل فيرييه أن الجيش لا يهمه من سيفوز لكنه معنى بمن سيحكم، ففى ظل وجود برلمان يسيطر عليه الإسلاميون يفضل وجود نظام رئاسى قوى، وبفرض فوز الفريق أحمد شفيق الذى تمنى الجيش سراً نجاحه فى الانتخابات حسب التحليل، فإن البرلمان سيضغط لصالح فرض نظام برلمانى يمنح صلاحيات أقل للرئيس. ويشرح الخبير الفرنسى: «هامش حركة العسكريين ضعيف حتى لو جاء رئيساً يفضلونه». ويعتبر أن الرئيس الآتى سينتابه هلع حقيقى لكن «لو أدرك كل الفاعلين أن الوضع ليس جيداً لكل واحد منهم فربما سيقودهم هذا إلى التفاوض حتى تجرى الأمور بشكل أفضل».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى