بينما كان الرئيس المتنحي "محمد حسني مبارك" فاقد الوعي في إحدى غرف العناية المركزة بالمركز الطبي العالمي الذي يقع إلي الشرق من العاصمة المصرية القاهرة ،تلقي اتصالا هاتفياً من الفريق متقاعد أحمد شفيق المتطلع لخلافته ،ووقتها ردت علي الاتصال السيدة " سوزان مبارك" ،حيث اطمئن أحمد شفيق علي الرئيس المخلوع وقال لسوزان بأسلوب مفعم بلغة التهكم :"أصل المواقع الصفراء والصحف تدعي أن سيادة الرئيس أصابه مكروه ،لاقدر الله وهو ما جعلني أشعر بانزعاج علي صحة سيادته" ،وردت سوزان بتوجيهها الشكر لشفيق ،بعد أن جعلته يطمئن علي صحة مبارك ووعدها بأنه سيزوره فور تماثله للشفاء وخروجه من غرفة العناية المركزة ".
وعلمت بعدها أن الفريق متقاعد أحمد شفيق زار مبارك بالفعل ،حيث بارك المخلوع ترشيحه للموقع الرئاسي وتمني له النجاح،وأبلغه ضاحكاً أنه سيصوت لصالحه ،وتناقشا معاً في الأوضاع العامة ،وفي ذات السياق أروي لكم رواية ألا وهي أننا فوجئنا منذ أكثر من شهرين بمن يتصل بنا وكان لواء متقاعد أعرفه جيدا ،ويبلغني أن مبارك دخل العناية المركزة ويحتضر ،وربما يكون قد مات ،وكانت المرة الأولي التي يتصل بى ليبلغني بما ذكره فقمت ببث الخبر علي أن مبارك متوعك وفي غرفة العناية المركزة ولم أبث أنه قد مات ،وساعتها اكتشفت أن الهدف من الاتصال التعتيم علي زيارة قام بها اللواء عمر سليمان لمبارك في المركز الطبي لكي يتدخل ويقنع قادة من بيدهم أمور الحكم بمباركة ترشيحه علي الموقع الرئيس .
ووقتها كنا نتصور بناء علي تقديرات خاصة مبنية علي معلومات تتوفر لنا أن ترشيح اللواء عمر سليمان لفترة مؤقتة قد يكون هو الأمثل لمصر وثورتها ،لكن بمجرد وصول تلك المعلومة لنا ،إلي جانب إطلاق سليمان لحملة صحفية بقنوات ومواقع وصحف يشرف عليها ويديرها من كانوا أقرب الناس لمبارك وحكمه ، بدأنا نعيد النظر في دعمنا لهذا الرجل ،وما نود قوله من وراء ذلك أن كل القادة العسكريين الذين عملوا مع مبارك يحرصون تماما علي عدم إهانته ،ولذلك يوفرون له كل سبل الراحة ،من منطلق أن مبارك ابن المؤسسة العسكرية ،ومن أبرز قادة حرب أكتوبر ،وبالطبع فإن القادة العسكريين يتناسون أن الأرض لايرثها إلا عباد الله الصالحين ،وأن مبارك العقاب المفترض له "الموت"شنقاً بتهمة الخيانة العظمي.
كما أن الملفت للانتباه أن هؤلاء القادة وأغلبهم ساداتيون في توجهاتهم ونظرتهم للأمور يعلمون جيداً ،أن الرئيس المخلوع حسني مبارك سبق أن حاكم الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية في أكتوبر من عام 1973م ،ووضعه في السجن ورفض تماما ً إصدار أي عفو عنه ،ومن هنا هو لايعرف الوفاء حتي للإبطال من رجال قواتنا المسلحة ،لكن يبدو أن هؤلاء القادة ما يجمعهم بمبارك هو منهاج السادات وطريق كامب ديفيد ،وهذا المنهاج كان الفريق الشاذلي أبرز المعارضين له ،وهو ما عكسه في الطبعة الأخيرة من كتابه السادس من أكتوبر.
ومن هنا وجدنا أحمد شفيق يُعلن فور تقدم عمر سليمان بأوراق ترشحه أنه سيتنازل لسليمان ،ووجدنا الرجلين يذهبان إلي الرئيس المتنحي بالمركز الطبي لينالا مباركته ورضاه علي ترشيح كلا منهما لنفسه علي الموقع الرئاسي ،كما وجدنا تعليمات تخرج من قبل أصحاب الفكر الجديد من داخل سجن طره بدعم أحمد شفيق تحديدا والوقوف خلفه بكل الإمكانات ،ووجدنا رجال أعمال يدفعون لشفيق تكاليف حملته الانتخابية كاملة ويسوقونه بفضائيات الفلول .
وكما ذكرنا مراراً فإن دعمنا للإخوة في المجلس الأعلي للقوات المسلحة يستهدف المحافظة علي تماسك مصر لا أكثر لكون أننا لانملك خياراً آخر ،ونحن نعرف أن المجلس الاعلي للقوات المسلحة سمح لرجال إعمال تابعين لأمانة السياسات بالحزب الوطني المنحل ،سمح لهم أن يصدروا صحفاً ويطلقوا فضائيات ،ويستعينوا بنفس الإعلاميين الذين كانوا يقفون خلف مشروع التوريث ،حتي تكون تلك الأدوات تحت أمر جمال مبارك عندما يصدر حكماً بالبراءة له بحيث يمكن في المستقبل أن يترشح علي الموقع الرئاسي ،وأصحاب الفضائيات والمواقع والصحف الموالين لجمال مبارك والذين نتحدث عنهم معروفون بالاسم لنا ولغيرنا ولأجهزة الدولة .
إذن ليكن معلوما ً لدي الجميع وبوضوح شديد جداً أن الفريق أحمد شفيق الآن هو مرشح الثورة المضادة علي موقع رئيس الجمهورية ،كما أنه يعتبر نفسه مرشح المؤسسة العسكرية ،ويقول في جلساته الخاصة أن الجيش هو الذي مول حملته الانتخابية ،وهو الذي أمر اللجنة القضائية بإعادته مرة أخري للسباق الرئاسي بعد أن أخرجته منه ،وأنه سيفوز بالانتخابات ليس لأن الناس صوتت له إنما لأن إرادة الجيش معه ،ومن يعترض علي فوزه سيتم سحقه ،وهي أقوال تصدر عن شخص غير متزن وتشكل إحراج بالغ للمؤسسة العسكرية ،والتي يتوجب عليها أن تدرك جيدا أن فوز شفيق بدون وجه حق معناه انفجار الأوضاع في مصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى