بقلم: محمد السروجي
في الزمان والمكان والتوقيت الخطأ أدخل العسكري نفسه والبلاد بإرادته غير مجبر في صراع مع غالبية الشعب المصري بجملة من الإجراءات والقرارات أشبه ما تكون بنكسة يونيو 67 ليرسخ في عقول ونفوس المصريين أنه شهر النكبات.
حزمة من الأحداث المتتالية حاول بها العسكري الفوز بالمباراة بالنقاط الفنية بعيدًا عن الضربة القاضية "محاكمة القرن الفشنك التي برأت قتلة الثوار- حل مجلس الشعب– الضبطية القضائية– الإعلان المكمل– الترويج لتزوير انتخابات الرئاسة- والشهر لم ينته بعد".
صراع يستنزف ما تبقَّى للعسكري من رصيدٍ لدى الثورة والثوار، بل يشحن النفوس والقلوب ضده ليوم قد يتاح فيه حسابه ومحاكمته، ويستنزف ما تبقى من أحزاب هامشية وقشرية وظفها العسكري كشكل ديكوري كما كان يفعل قائده الأعلى مبارك، ويستنزف بعض النخبة المصرية التي طالما تحرَّكت على الخطوط الفاصلة لا إلى هؤلاء ولا هؤلاء، ويستنزف أيضًا المليارات التي أنفقها رجال المال الفاسد بقايا النظام البائد على فضائيات السوء وقواعد الوطني المنحل في أقوى وأشرس حملة انتخابية خاضها نظام مبارك وبقاياه لم تبذل لمبارك نفسه، ويستنزف معنويات غالبية المصريين البسطاء الذين يلهثون نحو أي شعاع يهديهم للاستقرار والأمن حتى ولو شكليًّا بعد شهور من تصدير الأزمات المتعمدة من منصة الحكم بجناحيها المدني والعسكري.
العسكري يجيد معارك الاستنزاف لأنه تدرب عليها سنوات طوال، العسكري يجيد التخطيط الإستراتيجي بنفسه أو بفرق العمل المحلية والإقليمية والدولية، العسكري يجيد طرح البدائل الممكنة وبسرعة كبيرة؛ لأنه يملك رصيدًا كبيرًا في إدارة الأزمات، العسكري يجيد تجنيد العناصر الداعمة فكريًّا ونفسيًّا وإعلاميًّا وماليًّا، خاصة مع شبكة المصالح والمفاسد، العسكري يجيد نشر الشائعات بدرجة تحقق الانتصار على الخصم دون اشتباك.
لكن ما لا يجيده ولا يدركه ولا يفهمه العسكري وكل فرق عمله على جميع المستويات المحلية والإقليمية والدولية أنه أمام شعب وليس أمام فصيل مقاوم أو معارض كما يحلو لبعض مرضى النفوس وأصحاب المصالح ولو على جثة الوطن، ما لا يدركه العسكري أن الصراع ليس على السلطة كما يحلو للبعض أن يصوره لكنه صراع وجود لا حدود، وجود دولة بكل ما تحمله الكلمة من معان، ومؤسسات حرة مستقلة قادرة فاعلة، وسلطات منتخبة قادرة, ما لا يدركه العسكري أنه أمام شعب أزاح من أمامه مئات وآلاف ومئات الآلاف من الفراعين والملوك والرؤساء والوزراء على مر التاريخ.
ما لا يدركه العسكري أن شعب مصر قام بثورة لإسقاط النظام والعسكري كبير بقايا النظام، ما لا يدركه العسكري أن المصريين ما زالوا على يقين أن كشف حساب الثورة لم يغلق بعد وما زال بحاجة للمزيد من التضحيات والمحاكمات، ما لا يدركه العسكري أننا مصرون على أن نكون بدولة كاملة الأهلية ولن نكون بدويلة نصفها للعسكري ونصفها الآخر لباقي الشعب.
ما لا يدركه العسكري أن الشعوب باقية لا تزول والأفراد والأشخاص خاصة العسكر زائلون لا محالة.
ما لا يدركه العسكري أنه هزم أمام إرادة الشعب في جولة الإعادة هو ومرشحه شفيق وسيتكرر الفشل والهزائم ما لم يعد لرشده وصوابه وضميره الوطني ولشعبه الذي كان يحبه
العسكري ومعارك الاستنزاف الثوري!!
قسم الأخبار
Thu, 21 Jun 2012 19:00:00 GMT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى