كان المشهد ثورياً وحماسياً ورائعاً، أبوالفتوح وحمدين صباحى وخالد على فوق منصة واحدة رافعين الشعار الذى طالما هتفت وحلمت به ثورة 25 يناير «إيد واحدة» مصحوبا بهتاف أكثر قوة هو: «المرة دى بجد.. مش هنسيبها لحد»، ومطالبين بعزل شفيق، والقتال حتى تحقيق العدالة الاجتماعية، ونشر الحرية، وتوفير العيش، كما وعدت ثورة 25 يناير فى أول أيامها.
كان المشهد متطابقا إلى حد كبير مع أحلام الفترة الانتقالية التى كانت تراودنا عن كلمة سواء لصنع مستقبل مصر.. ولكن وضع ألف خط أحمر جاء المشهد متأخراً، تم تمثيله وإخراجه بالصورة التى كنا نأملها بعد أن انقضى الجزء الأكبر من الفيلم، وأصبحنا على بعد خطوات من تتر نهاية مؤلمة وحزينة، تأخر الأبطال كثيراً عن الوصول إلى حل العقدة، وصلوا كما عادة سيارات المطافئ فى أفلام الأبيض والأسود، تصل دائما بعد توحش النار وتعملق الخسائر.
«آآآآه».. وأرجوك أن تشعر بما فى هذا النداء من وجع، استيقظ السادة حمدين صباحى، وعبدالمنعم أبوالفتوح، وخالد على من شهوة مصالحهم الخاصة، وطمع الانفراد بالسلطة، وحلم الزعامة المنفردة، وتذكروا أن وطنا يقف على شفا حفرة من الارتباك، والعودة إلى الوراء كان فى انتظار كلماتهم هذه، واتحادهم هذا.
وجود حمدين وأبوالفتوح وخالد على فوق منصة واحدة بميدان التحرير تحت مظلة كلمة سواء حدث مفرح بلا شك، ولكنه دليل إدانة، وليس بطولة.. دليل إدانة يمكنك ببساطة أن توجهه لصدر كل واحد فيهم وأنت مطمئن أنه سيكفى لوضعه فى كتب التاريخ داخل صفحة غير صفحات الأبطال الذين تجردوا من ذواتهم ومصالحهم لصالح الوطن.
القلب والعقل ومعهما المنطق ترفض فكرة الفرحة الكاملة بالقرارات الثورية التى أعلن عنها المرشحون الثلاثة، والتى تم حصرها فى إلغاء الانتخابات الرئاسية، وتشكيل مجلس رئاسى مدنى يقود البلاد فى المرحلة القادمة، ليس فقط لأن الإعلان عنها جاء متأخرا عن الموعد، ولكن لأن نفس المشهد بنفس أبطاله طالبنا به قبل الانتخابات، وتمنّع الأبطال، وتعززوا، وفضّل كل واحد فيهم أن يحصل على البطولة المطلقة والفردية، حتى لو كان ذلك على حساب الوطن، وشباك التذاكر، وصناديق الانتخابات.
من حق الناس فى الشوارع، ومن حق جماعة الإخوان ومرشحها الذى حصل على أكثر من 5 ملايين صوت انتخابى أن يفهموا لماذا يتم الآن طرح فكرة المجلس الرئاسى بعد أن ارتضى الجميع الاحتكام إلى الصندوق؟ ومن حق الإخوان أن يفهموا أو يسألوا: بأى حق يشارك مرشح مثل خالد على حصل على حوالى 130 ألف صوت، وتتم مساواته بمرشحهم الذى حصل على الملايين؟ ومن حق أنصار الدكتور سليم العوا أن يسألوا ويتشككوا فى غياب اسمه عن المجلس المقترح، وهو الحاصل على أصوات ضعف خالد على، ومن حق الشارع أن يحتار فى انقلاب دعاة الديمقراطية على صناديق الاقتراع التى لم يشكك المرشحون فى نزاهتها إلا بعد إعلان النتيجة، وظهور خسارتهم، ومن حق الناس أن تشكك فى نوايا الداعين لفكرة الوحدة والاتحاد لنصرة الثورة، ومواجهة الفلول، لأن هؤلاء الدعاة أنفسهم كانوا أول الرافضين والمسفهين لها قبل الانتخابات.
لا تستثقل هذه الأسئلة حينما يطرحها الناس، أو يلقى بها الإخوان فى وسائل الإعلام، ولا تعتبر الباحثين عن إجابات لها كارهين للثورة، وباحثين عن مصالح شخصية، لأن الذى وصل بنا إلى حيث «خانة اليك» هذه هو تأخر السادة أبوالفتوح وحمدين فى إدراك الواقع، وفهم أن الوطن والدفاع عنه وعن ثورته أهم من الجلوس على كرسى الرئاسة منفرداً.. حاسبوا أبوالفتوح وحمدين على رفضهما الاتحاد قبل الانتخابات أولاً، وحاسبوا خالد على والبسطويسى وأبوالعز الحريرى على مشاركاتهم الانتخابية، وتفتيتهم الصف والأصوات.. وبعد ذلك يصبح من حقك أن تحاسب الناس، أو الإخوان، أو الجماعات الرافضة لدعوات المجلس الرئاسى على موقفهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى