نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالا اوردت فيه انه من البداية الى النهاية، قدمت محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك مثالا نموذجيا لكيفية عدم التعامل مع الرئيس المخلوع. على الأرجح مبارك هو وحده الملوم عن جرائم الفساد وحقوق الإنسان. ولكن كانت التهم الموجهة اليه غامضة و لم يتم اثباتها بكفاءة، و كانت المحاكمة نفسها فوضوية واستبدادية. وكان الحكم، الذي نطق به الأحد، مدعاة للسخرية التي لم تؤد إلا إلى مزيد من الاستقطاب في مصر .
تم ثبوت ادانة مبارك ووزير الداخلية السابق بمنع قتل المتظاهرين، و حكم عليهم بالسجن مدى الحياة. لكن تمت تبرئة ستة مسؤولين في الشرطة اخرين من المسؤولين مباشرة عن وفاتهم، و يتوقع خبراء في القانون المصري أنه سيتم عكس الحكم ضد مبارك في الاستئناف. بعد قضاء أكثر من 16 شهرا الماضية في مستشفى عسكري ، اضطر الرئيس السابق,84 عاما, للانتقال إلى عيادة السجن و هي أقل راحة، لكنه قد لا يكون هناك لفترة طويلة.
وكانت محاكمته ممارسة قضائية أقل خطرا من ستار من الدخان المنبعث من قبل المجلس العسكري الذي أطاح به من منصبه. الان يسعي القادة اليائسين للحفاظ على قوتهم، على الرغم من التحول الى الديمقراطية الموعودة، وتجنب التعرض للمساءلة عن جرائهم. كان من المفترض ان تنزع محاكمة مبارك فتيل الطلب الشعبي بتقديم النظام القديم للمساءلة في حين عرقلة كل إحساس ذي مغزى. و تعد المحاكمة الهزلية لجماعات الناشطين المؤيدين للديمقراطية التي تدعمها الولايات المتحدة هي الوجه الآخر لهذه السياسة، و من المقرر ان تستأنف في القاهرة يوم الثلاثاء.
ادرك المصريون الذين طالبوا محاكمة الرئيس مبارك في مظاهرات العام الماضي أن الحكومة الديموقراطية و السلطة القضائية الاصلاحية سيكون لها شرعية وإرادة للقيام بإجراء شامل وعادل. حتى ذلك الحين، كان ينبغي موازنة محاكمة الزعيم السابق المسن مع الحاجة إلى تحقيق المصالحة السياسية. كما هو الحال، الحركة الارتجاعية ضد الثوار تزيد من دعم الحملة الرئاسية لرئيس الوزراء السابق في عهد حسني مبارك ، في حين أن غيرها من الحكومات العربية الراسخة تلوح مهددة بصور لحاكم مصر السابق في قفص قاعة المحكمة لأنها ترفض المساومة مع المعارضين.
على الأقل تجنب مبارك مصير صدام حسين، الذي جاء تنفيذ حكم الاعدام فيه في أعقاب محاكمة غير مرضية. ولكن محنته القانونية لم تنته. و وعد المرشح الرئاسي للإخوان المسلمين بإعادة محاكمته في حال انتخابه، وإبقائه في السجن "الى الابد". يمكن القول إن مؤلف عقود من القمع السياسي يستحق معاملة أفضل قليلا ولكن مثل هذه المحاكمات السياسية تضعف فقط قضية حكم القانون الديموقراطي في مصر.
الفجر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى