شهدت الأحداث الميدانية في الأراضي السورية تطورات نوعية في الأيام الأخيرة، تمثلت بإنتقال الإشتباكات الأمنية إلى قلب العاصمة دمشق، التي بقيت طوال الفترة السابقة بعيدة عن هذا النوع من الأحداث، مما دفع إلى وضع العديد من علامات الإستفهام حول هذا التطور في ظل الحملة الأمنية التي يقوم بها الجيش السوري ضد مجموعات "الجيش السوري الحر" في محاولة منه لإستعادة المناطق التي فقد السيطرة عليها في وقت سابق.
بداية هذه التطورات كانت مع إنتقال المواجهات إلى مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين والأحياء المحيطة به، بعد أن إندلعت إشتباكات بين قوات الأمن ومسلحين في المخيم خلال تشييع قتلى، ومن ثم تعرض المخيم ومعه حيّ التضامن للقصف، لتمتد بعدها الإشتباكات إلى مناطق كفرسوسة والميدان والقابون والعديد من الأحياء الأخرى.
"الجيش السوري الحر" في قلب دمشق
منذ بداية الأحداث السورية، كان السوريون يتحدثون بشكل دائم عن الأوضاع الطبيعية في العاصمة دمشق على الرغم من صعوبة الأوضاع في معظم المناطق الأخرى، لكن في الأيام الاخيرة تغير هذا الواقع بشكل كبير، لم تعد الإشتباكات المسلحة بين قوات الأمن ومجموعات المعارضة المسلحة على مقربة من دمشق بل أصبحت في قلبها، بات سكان المدينة يتحدثون عن فلتان الأمور في العديد من الأحياء، في المزة والميدان وكفرسونة والمجتهد والسبع بحرات والعدوي وشارع بغداد والعباسيين، بالإضافة إلى أتوتستراد حرستا، وتكشف مصادر متابعة عن إستخدام قذائف "ب 7" وهاون ومدفعية خلال هذه الإشتباكات، وتشير إلى أن حالة من القلق الشديد سيطرت على سكان العاصمة.
وتوضح هذه المصادر أن السبب في إندلاع هذه المعارك يعود إلى انتقال العديد من المجموعات المسلحة من الضواحي إلى قلب العاصمة بهدف نقل المعارك إليها، وتشير إلى أن هذا الإنتقال تم خلال الحملة الأمنية التي كانت قائمة على منطقة ريف دمشق، وتلفت إلى أن بعض هذه المجموعات إنتقل خلال عمليات النزوح التي كانت تحصل من المناطق التي تشهد إشتباكات.
من جانبه، يكشف نائب قائد "الجيش السوري الحر" العقيد مالك الكردي في حديث لـ"النشرة" عن أن التحرك يتم على كافة الأراضي السورية وفي دمشق بشكل واسع بسبب "المجازر" التي ارتكبت في الفترة الاخيرة، ويعتبر أن "النظام سعى من خلال هذه المجازر إلى ضرب فئات المجتمع السوري ببعضها البعض"، ويوضح أن العديد من مجموعات "الجيش السوري الحر" دخلت إلى قلب العاصمة منذ أيام، وهي بدأت بعملها ضمن الإمكانات الموجودة لديها، ويلفت إلى أن الإشتباكات تدور في العديد من أحياء العاصمة.
الهدف تشتيت قوة الجيش السوري
على صعيد متصل، توضح المصادر المتابعة أن المعارك القائمة حالياً كانت من خلال تحرك بعض الخلايا النائمة في العديد من الأحياء في وقت واحد، وتتحدث عن محاولات حصلت بهدف إدخال العامل الفلسطيني في الأزمة السورية من خلال زج مخيم اليرموك في هذه الأحداث، وتشير إلى أن هناك العديد من السوريين يسكنون في هذا المخيم، كما تلفت إلى تداخل عمراني مع المناطق المجاورة، وتكشف عن وجود حملة أمنية واسعة يقوم بها الجيش السوري في العديد من الاحياء المحيطة بالمخيم إنتقلت إلى بعض شوارعه بعد إنتقال عناصر من مجموعات المعارضة المسلحة إلى داخل المخيم. وتوضح هذه المصادر أن الأماكن التي يتمركز فيها المسلحون هي أزقة ضيقة، وتشير إلى أن هذا الأمر يصعب من مهام الجيش السوري الذي بات يخوض حرب شوارع مع هذه المجموعات، لكنها تؤكد أن "القوى الأمنية ستواصل مهامها للدفاع عن الوطن والمواطنين"، وتشدد على أن "هذا الموضوع لا يمكن التساهل معه بأي شكل من الأشكال"، وتلفت إلى أن "إستهداف العاصمة كان متوقعاً لكن التعامل معه سيكون بحزم كبير".
من جانبه، يوضح العقيد الكردي لـ"النشرة" أن الهدف من هذه الأعمال هو ضرب أماكن القوة التي لا يزال النظام يتمتع بها والتقدم قدر الإمكان داخل العاصمة، ويشير إلى أن مجموعات "الجيش السوري الحر" ستسعى إلى السيطرة على بعض الأحياء في حال تمكنت من ذلك، ويلفت إلى السعي لتوسيع دائرة العمل العسكري في كافة الإتجاهات بهدف تشتيت قوة النظام وإضعافه حتى إنهاكه.
ويرفض العقيد الكردي الكلام عن محاولات من قبل المعارضة لزج المخيمات الفلسطينية في الصراع الدائر، ويشير إلى أن ما حصل في مخيم اليرموك هو ردة فعل من قبل الفلسطينيين على قصف قوات النظام للمخيم، ويلفت إلى أن لا تنسيق بين "الجيش السوري الحر" ومجموعات فلسطينية داخل المخيم، لكنه يوضح أن هناك مواطنين سوريين يسكنون داخل المخيم.
ويشير العقيد الكردي إلى أن مجموعات المعارضة المسلحة ستسعى للقيام بعمليات نوعية داخل العاصمة بحسب الظروف التي ستكون على أرض الواقع، ويعتبر أن الساحة باتت مفتوحة وكل الإحتمالات واردة، ويتحدّث عن حدود كان "الجيش السوري الحر" قد وضعها على عملياته في الفترة السابقة لم تعد موجودة، ويضيف: "هناك العديد من الأعمال التي كنا نعتبرها من المحرمات أصبحت واجبة اليوم"، ويلفت إلى أن هذه الاعمال تضمن قطع طرق وضرب جسور من أجل قطع أواصر المناطق بهدف وقف الإمدادات عن الجيش وإضعافه.
في المحصلة، ستكون العاصمة السورية دمشق أمام موجة كبيرة من العنف في الأيام المقبلة بعد أن انتقلت المعارك إليها بإعلان "الجيش السوري الحر" ما يسميه "معركة تحرير دمشق" فهل ينجح في ذلك أم ستكون هذه المعارك بداية إستعادة الجيش السوري السلطة على الأرض؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى