يتصل بي بين الحين والآخر أصدقاء وأحيانًا أقارب من المصريين العاملين بالخارج وأحيانًا من غير المصريين، ويتساءلون بقلق كبير : ما الذي يحدث في مصر يا جماعة؟، لماذا تتجه الأمور إلى كل هذه الفوضى والعنف وغياب الأمن والانفلات على أوسع أبوابه ، لماذا تسوء الأمور أكثر هذه الأيام ، مَن الذي يخرب في مصر الآن ،أسمع المكالمات وأستغرب جدًّا ، ما هذه الأهوال التي يروْنها ولا أراها، وأنا هنا في مصر وأسافر كل عدة أيام في مدنها المختلفة ، وأرى الأمور على عكس ما يحكون ، وبدأت أسأل الأصدقاء المتصلين عن مصادرهم في تلك الصورة الخطيرة والمروعة التي تعيشها مصر ، فيكون الجواب : برامج الفضائيات كلها تتحدث عن هذه الكوارث ، نحن قلقون على مصر فعلاً ، اكتشفت خلال الأسبوع الماضي حجم الجريمة التي يرتكبها إعلام الفلول المسيطر على الفضائيات في حق مصر والمصريين ، هؤلاء الذين أصابهم المرض والجنون بعد هزيمة مرشحهم في انتخابات الرئاسة وفراره إلى خارج مصر ، وانكسار مشروعهم الدموي الإجرامي لإعادة مصر إلى عهد القمع والديكتاتورية والفساد العريض والمال السائب ، فبعد أن ذهبت عنهم سكرة الصدمة الأولى راحوا يمارسون لُعبة التضليل وإثارة الكراهية وتشويه صورة مصر الثورة وتشويه صورة الرئيس الجديد المعبر عن تيار الثورة والتغيير ، ويحاولون تصدير صورة مزورة بأن مصر عادت أسوأ من عهدها السابق بعد أن جاء الرئيس الجديد وأن التيار الإسلامي أتى حربًا على الناس والأمان والحريات العامة ، بالمناسبة حتى الآن رغم تأكيد الداخلية أن قاتلي شاب السويس لا صلة لهم بأي جماعة دينية أو سياسية يصر إعلام الفلول على وصفهم بالمتدينين وأحيانًا الملتحين ، وهناك صحيفة للفلول لا تنشر خبرًا عن الحادثة إلا وتقول "الملتحين الذين قتلوا شاب السويس"، بل المضحك أن الرسائل الإخبارية من نفس هذه الصحيفة الفلولية على الموبايل "إس أم إس"، وهي بداهة خدمة تعتمد الإيجاز الشديد والاختصار لا ترسل خبرًا عن الواقعة إلا وتقول "الملتحين قاتلي شاب السويس"، ولا تكتفي بالخبر عن "قاتلي شاب السويس" ، لا بد أن تؤكد "الملتحين"، ولو كانت المساحة تكفي لأضافوا "الملتحين لابسي الجلباب الأبيض" !!، وهذا من فرط الغل والإحباط من بيان الداخلية الذي نفى أي صلة للمجرمين بالجماعات والأحزاب الإسلامية ، وهو البيان الذي جعل فضيحتهم "بجلاجل" أمام الرأي العام، بعد أن أشاعوا على مدار ثلاثة أيام أن جماعة دينية إسلامية ارتكبت الحادثة ، والمشكلة أن الذين يعيشون خارج مصر لا يروْنها إلا من خلال الصورة ، ولا يعرفونها إلا من شاشات الفضائيات بالأساس ، فلا يوجد إمكانية للمقارنة أو اختبار الصورة المزورة ، هم لا يمشون في الشوارع هنا، ويرون الناس وهم يمتلئون بالبشاشة والبهجة ، لا يجلسون على المقاهي هنا في وسط القاهرة أو المحافظات، ويرون وجوه الناس وهي ضاحكة ومتفائلة ، لا يدخلون المساجد هنا ليروا الفرحة على وجوه الناس ، لا يقابلون المواطنين الأقباط العاديين، وهم يقولون إنهم شعروا بالراحة الشديدة بعد خطابات محمد مرسي ولقاءاته مع مختلف الأطياف ، هؤلاء لا يرون حدائق القاهرة والمدن المختلفة والناس تقبل عليها من جديد ، لا يرون طريق القاهرة - الإسكندرية أو الإسكندرية - مطروح (خمسمائة كيلومتر)، وهو يشبه في زحامه طريق صلاح سالم في وسط القاهرة من كثرة سيارات المصريين الذين يذهبون للاستجمام والبهجة بكل أمن وأمان وإقبال وراحة بال ، لا يقابلون العاملين في البورصة الذين يملأون صدورهم بالأمل والسعادة والتفاؤل، وهم يحدثونك عن الطفرات في نمو البورصة والثقة بالاقتصاد الآن ومستقبله ، لا يقابل المقاولين والمهندسين الذين يمازحونك بقولهم : خلاص الفلوس اللي تحت البلاطة بدأت تطلع ، بالمناسبة أحد إعلاميي الفلول الكبار، وهو مقدم برنامج معروف، سألته عندما التقيت به قبل أيام في لقاء خاص : ألا ترى أن مصر الآن أفضل ؟، فقال لي بعفوية : تصدق بالله، أنا دلوقت بشوف وشوش الناس مرتاحة ، والطريف أن نفس هذا الشخص يحاول في برنامجه اليومي بالفضائية التي يعمل بها أن يشوه كل شيء ويقدم صورة سوداوية كئيبة جدًّا لمصر وأحوال الناس فيها ، تتخيل أنهم يبحثون في صندوق قُمامة الوطن لكي يخرجوه للناس ويقولوا : انظروا هذه هي مصر الآن ، فيا أهلَنا خارج مصر ، البلد بخير ، والبلد يتجه نحو غد أفضل بإذن الله ، ودورة الحياة بدأت تعود لطبيعتها تمهيدًا لانطلاقة مباركة لحياة أفضل لمصر وشعبها ، صحيح أن الفلول يحاولون إثارة بعض الارتباك ، صحيح أنهم يحاولون إلقاء بعض الحجارة في طريق الرئيس الجديد ، صحيح أنهم يحاولون افتعال المعارك الوهمية والمخاوف الوهمية لصناعة أجواء من الخوف والقلق والفزع ، ولكنهم لن ينجحوا في ذلك ؛ لأن الناس هنا تسمع ما يقولونه وما يرددونه، ثم يعودون في الصباح إلى حياتهم فيكتشفوا أن عالم الفضائيات مجرد أفلام أسطورية وأكاذيب لا صلة لها بواقع الناس وتطورات الحياة على الأرض .
فضائيات الفلول والحرب النفسية - جمال سلطان
قسم الأخبار
Sat, 07 Jul 2012 21:34:00 GMT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى