اختلط الحابل بالنابل فى مصر بعد أحكام المحكمة الدستورية الأخيرة؛ فخبراء القانون الدستورى أصبح كل منهم يدلى برأيه وفق توجهه السياسى، مما يعنى أن المحكمة الدستورية أصبحت تقوم بدور سياسى وليس قانونيا، وذلك وفق الغرض الذى أسسها جمال عبدالناصر من أجله فى عام 1969، ولنا أن نتأمل فى آراء بعض فقهاء الدستور لنعرف ما آل إليه وضع المحكمة الدستورية.. الدكتور ثروت بدوى، الفقيه الدستورى أستاذ القانون العام بجامعة القاهرة، قال عن الحكم الذى صدر من المحكمة الدستورية العليا: إنه كان متوقعا من محكمة «تضم فلول النظام السابق» وأضاف أن الحكم به عوار صارخ؛ حيث إن قرارات رئيس الجمهورية بدعوة البرلمان إلى الانعقاد من أعمال السيادة التى لا يقبل بشأنها أى دعاوى أمام أى محكمة، لا فى فرنسا ولا فى مصر ولا فى أى دولة قانون، لكن كلامه الأهم كان عدم توقعه أن تصدر المحكمة الحكم بهذه السرعة دون الالتفات إلى الدفوع والطلبات وعلى رأسها طلب رد المحكمة، وطلب رد المحكمة هو القنبلة التى فجرها المحامى ناصر الحافى، عضو مجلس الشعب، الذى اتهم المحكمة بـ«التزوير» وأنها أرسلت حكمها السابق بحل مجلس الشعب إلى المطبعة الأميرية لنشره فى الجريدة الرسمية قبل عدة ساعات من النطق بالحكم، مما يستدعى -حسب خبراء فى القانون تحدثتُ معهم- تحويل المحكمة بكامل قضاتها -لو صح هذا- إلى محكمة الجنايات، وقد سارعت المحكمة بمطالبة النائب العام بالتحقيق فى تلك الاتهامات لإثبات صحتها من عدمه واتخاذ اللازم ضده لو ثبت عدم صحة الاتهام، وكان المحامى مختار العشرى، رئيس اللجنة القانونية فى حزب الحرية والعدالة، قد أبلغنى قبل عشرة أيام أنهم حصلوا على معلومات مفادها أن الحكم سُلم للمطابع الأميرية لطباعته فى الجريدة الرسمية فى الساعة الحادية عشرة صباحا فى الوقت الذى نطقت فيه المحكمة بحكمها فى الساعة الثانية بعد الظهر، وأنهم حصلوا على إذن النيابة بمخاطبة المطابع الأميرية لاستخراج خطاب رسمى بذلك، ولا أعرف هل حصل محامو الحزب على هذا الخطاب من عدمه، مما يعنى أن القنبلة التى فجرها الحافى إن صحت يمكن أن تجر المحكمة الدستورية بكامل أعضائها إلى محكمة الجنايات. المستشار القانونى للدكتور محمد مرسى، الدكتور محمد فؤاد جاد الله، نائب رئيس مجلس الدولة الذى صاغ وأعد القرار الخاص بعودة مجلس الشعب، أكد لى فى حوار مطول أنه استند فى القرار إلى أسانيد قوية، سواء فى أحكام سابقة أو من التزامات مصر الدولية، عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة، الدكتور محمود كبيش، قال: إن المحكمة الدستورية ليس من حقها وقف تنفيذ قرار الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، الخاص بإعادة مجلس الشعب لممارسة مهامه، الدكتور أحمد أبوبركة، المستشار القانونى لحزب الحرية والعدالة، وصف حكم «الدستورية» بـ«البلطجة السياسية»، المستشار زكريا عبدالعزيز، رئيس نادى القضاة السابق، انتقد تعيين أعضاء المحكمة وقال إنه يتم «بلا ضوابط» وضرب مثالا بالمستشارة تهانى الجبالى التى قال إنها محامية وتم تعيينها فى «الدستورية» بدعم من سوزان مبارك، زوجة الرئيس المخلوع، ولعل هذا يفسر الظهور المبالغ فيه من تهانى الجبالى فى وسائل الإعلام وتحديها لكل ما هو إسلامى.
النتيجة النهائية لما نراه هو أن المحكمة الدستورية التى وُصفت بأنها «تمارس البلطجة السياسية» وأن قضاتها «مزورون» وأنها تسيس الأحكام وأنها باختصار شديد أسسها الحاكم حتى تكون ألعوبة فى يده وأن الرئيس المخلوع كان وراء تعيين معظم قضاتها، هذه المحكمة يجب أن تتم إعادة النظر فى كل بنيتها وقوانينها وطريقة تعيين قضاتها؛ فاستقلال القضاء يبدأ من استقلال القاضى واستقلال اختياره وليس تعيينه من خارج المحكمة كما حدث مع رئيسها السابق.. إن القضاء يُستخدم الآن من قِبل أيد خفية من أجل خلق فوضى عارمة فى مصر تُفشل ثورتها وأول رئيس منتخب فى تاريخها، وأولى بالقضاة أن يتنزهوا وبخبراء القانون أن يترفعوا وبالشعب المصرى أن يعرف ما يحاك له حتى لا تدخل مصر فى فوضى عارمة باسم القضاء وأحكامه.
«الدستورية» والأيدى الخفية - أحمد منصور
قسم الأخبار
Thu, 12 Jul 2012 12:30:00 GMT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى