سأروى هذه القصة حتى أضع النقاط على الحروف بشأن بعض من اختارهم الرئيس محمد مرسى ضمن فريقه الرئاسى، وعلى رأسهم نائبه المستشار محمود مكى ومستشاره القانونى المستشار محمد فؤاد جاد الله ودورهما فى صناعة البيان الأول لثورة 25 يناير وتقديمه لوسائل الإعلام العالمية.
بدأت فكرة البيان الأول للثورة تراودنى كما كانت تراود غيرى قبل أسبوع تقريبا من إجبار الرئيس المخلوع حسنى مبارك على التخلى عن السلطة فى الحادى عشر من فبراير من العام 2011، وتحديدا بعد موقعة الجمل التى نفذتها فلول الحزب الوطنى والرئيس المخلوع تحت رعاية رئيس الحكومة آنذاك أحمد شفيق فى 2 فبراير 2011، فمن دراستى للتاريخ العربى الحديث وسلسلة الانقلابات العسكرية التى بدأت بانقلاب حسنى الزعيم فى سوريا عام 1949 وما بعدها من انقلابات فى العالم العربى كان البيان الأول يلعب دورا أساسيا فى تحديد مسار هذه الانقلابات من خلال الإعلان عن الأهداف والمطالب ونهاية نظام وولادة نظام جديد، كما كان يعطى دعما معنويا وسياسيا قويا للقائمين به ومؤيديهم، فما بالك وهذا ليس انقلابا عسكريا وإنما ثورة شعب أثبتت من أول يوم أنها من أعظم الثورات الشعبية التى قامت فى التاريخ الحديث؟ ومن ثم يجب على القائمين بها، وهم جموع الشعب المصرى، أن يجدوا من يعبر عنهم وعن مطالبهم وأهدافهم عبر بيان واضح يعلنون من خلاله مطالبهم وأهدافهم القريبة والبعيدة ليعلم بها الشعب، ويدرك العالم الذى يراقبها أنها ثورة نظيفة لها مطالب محددة ترمى إلى تحرير الإنسان المصرى من ربقة الفساد والاستبداد.
حينما تبلورت الفكرة فى ذهنى عرضتها على بعض الناشطين فى ميدان التحرير فلم يتحمسوا لها فى البداية؛ فقد كانت الأوضاع صعبة بعد موقعة الجمل، لكن بعد المظاهرات الصاخبة التى وقعت يوم الجمعة 4 فبراير ثم التى عمت كل أنحاء مصر ووصل عدد المشاركين فيها إلى ما يقرب من ثمانية عشر مليون مصرى والتى وقعت يوم الثلاثاء 8 فبراير 2011 أدركت أن كتابة البيان الأول للثورة أمر لا بد أن يتم الآن دون تأخير، وقد كان من أكبر مميزات هذه الثورة أنها لم يكن لها رأس وكانت كل إنجازاتها إفرازا للعقل الجمعى المصرى وليس لأحد أن يدعى أنه قائدها أو محركها.
أذكر أنى كنت مع بعض من تعرفت عليهم فى الميدان مثل الدكتور محمد فؤاد جاد الله، نائب رئيس مجلس الدولة آنذاك والمستشار القانونى الحالى لرئيس الجمهورية ورفيقى بعد ذلك فى كتابة بيانات الثورة وتأسيس اللجنة التنسيقية لجماهير الثورة التى قادت التنسيق بين القوى الثورية ونظمت المليونيات الرئيسية وعلى رأسها مليونية النصر فى 18 فبراير وهذا سر أكشفه للمرة الأولى: كنا نعمل مع آخرين من الشخصيات العامة التى كانت تجتمع فى شركة سفير للسياحة خلف المنصة الرئيسية فى الميدان ونشكل خلية تفكير ضيقة مثل غيرنا، كنا ندرس الفكرة ثم ندحرجها فى الميدان فيتلقفها الشباب وتتحول إلى خبر مهم فى وسائل الإعلام، ومن أهم الأفكار التى دحرجناها فى الميدان ثم فى وسائل الإعلام فكرة حصار مبنى مجلس الوزراء ومنع أحمد شفيق من دخوله يوم الثلاثاء 8 فبراير 2011، وقد كانت الفكرة فى البداية من أحد شباب الميدان وكانت بغرض حصار مجلس الشعب وليس مجلس الوزراء بعدما قامت قوات الجيش التى كانت تحمى وزارة الداخلية بمنع الشباب من المرور فى شارع الفلكى، فاقترح أحد الشباب التحرك وحصار مجلس الشعب فى ظل عدم وجود قوات للجيش هناك، ولأن مجلس الشعب مواجه لمجلس الوزراء فقد كان الأمر يعنى محاصرة مجلس الوزراء أيضا، وحينما احتشد الشباب أمام مجلس الشعب ومجلس الوزراء تصادف أن كان رئيس وزراء المخلوع أحمد شفيق فى طريقه لحضور اجتماع مع بعض وزرائه فى المجلس حينما منعه الشباب المعتصمون من الدخول فتمت دحرجة الخبر وأصبح هو الخبر الأول فى جميع وسائل الإعلام ونشرات الأخبار العربية والعالمية واضطر شفيق إلى نقل اجتماعاته إلى مقر وزارة الطيران فى مصر الجديدة وربما لم يعد لمجلس الوزراء بعد ذلك حتى أطيح به.. نكمل غدا.
قصة البيان الأول للثورة المصرية (1) - أحمد منصور
قسم الأخبار
Sat, 18 Aug 2012 19:48:00 GMT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى