محطة السادات احتضنت الباحثين عن الحريه المعتقلين
«الشروق» تحاور عددًا من المفرج عنهم فى أحداث العباسية خلال إفطار جماعى مع مصابى الثورة فى مستشفى قصر العينى
كتبت ــ ندى الخولى ومحمد يس:
فى مبادرة من مجموعة «لا للمحاكمات العسكرية» احتفاء بالإفراج عن الدفعة الثانية من معتقلى الثورة، نظم بعض أعضاء المجموعة إفطارا جماعيا، أمس الأول، مع بعض المعتقلين المفرج عنهم، بمستشفى قصر العينى الفرنساوى.
وجلس المفرج عنهم مع المصابين وعدد من المتضامنين، على مائدة إفطار جماعية بقسم الاستقبال، بصحبة «ماما خديجة»، المعروفة بـ«أم الثوار»، وقدم أحد المفرج عنهم فى أحداث العباسية، محمود أمين، صاحب الصوت النوبى الأصيل، وصلة غناء وطنية، وغنى خلالها «أنا بحبك يا بلادى»، وبعض أغانى الفنان محمد منير، واختتمها بترديد هتاف «يسقط حكم العسكر».
والتقت «الشروق» عددا من المفرج عنهم خلال الإفطار الجماعى، ورووا لنا حكايات عن أيام السجن فى قفص «العسكرى»، فيما طالبوا بالإفراج عن زملائهم المعتقلين فى السجون.
محمد عاطف.. متهم بـ«التضامن»
ألقت قوات الشرطة العسكرية القبض على الموظف بجامعة عين شمس، محمد عاطف، أثناء الوقفة الاحتجاجية التى نظمها العشرات أمام مقر النيابة العسكرية «س28» فى اليوم التالى لأحداث العباسية، وطالبوا فيها بالإفراج عن المعتقلين الذين تم القبض عليهم بشكل عشوائى فى مليونية العباسية 4 مايو الماضى.
ما رواه عاطف لـ«الشروق» لا يختلف كثيرا عن روايات المعتقلين من المتضامنين مع أحداث العباسية، وإن ألقى عاطف الضوء على نقاط قائلا: «كلمة السر فى التعامل مع المقبوض عليهم كانت، ماحدش يقرب له، ماحدش يضربه، هذه العبارات كان يتبعها دائما حفلة ضرب جماعى من جنود وعساكر الشرطة المدنية والعسكرية».
حزمة التهم التى تم توجيهها لعاطف هى نفسها التى على إثرها تم اعتقال المئات، ومنها «إتلاف منشأة عسكرية، الاعتداء على مجند أثناء تأدية عمله، التجمهر وقطع الطريق، الدعوة للتخريب»، هذه التهم التى سردها عاطف، هى نفس التهم التى تم توجيهها لـ9 غيره من المتضامنين مع معتقلى العباسية، الذين تم ترحيلهم إلى مجموعة من السجون، وقضوا فترات متفاوتة من الحبس.
عاطف قضى فى سجن طرة تحقيق 23 يوما، منها 8 أيام إضراب عن الطعام تسببت فى تعطيل إجراءات الإفراج عنه، وكان الضباط يقولون لأسرته «العقدة إنه بيتجدد له كل مرة علشان اسمه فى قائمة المضربين عن الطعام».
طالب الأكاديمية البحرية.. من «س28» لـ«طرة تحقيق»
عبدالله نبيل محمود، الطالب بالأكاديمية البحرية، ملامحه البسيطة التى تكشف عن شخصية «ولد ابن ناس»، على حد تعبيره، رحمته من العديد من الإهانات التى تعرض لها المئات غيره من المعتقلين فى أحداث الثورة.
تم إلقاء القبض على محمود أثناء الوقفة الاحتجاجية أمام س28 فى اليوم التالى لأحداث العباسية، وزنه الثقيل أعاقه عن عمليات الكر والفر التى قامت بها قوات الشرطة العسكرية فى هذا اليوم، فأُلقى القبض عليه وبنفس التهم التى تم توجيهها لباقى المتهمين.
يقول: «فى النيابة العسكرية، الضابط قالنا أى حاجة هتقولوها كذب بس هكتبها لكم وخلاص»، ومن س28 تم ترحيل محمود إلى سجن طرة تحقيق، ولم يتم إهانته هناك بأى حال، على حد قوله، وكانت أزمته الوحيدة فى عدم وجود «مقاسه من ملابس السجن».
«القبة العسكرى».. ملحق للاعتقال
حسام الدين صلاح، طالب فى الفرقة الرابعة بكلية الزراعة جامعة الأزهر، ألقى القبض عليه فى أحداث العباسية أمام مستشفى الزهراء الجامعى، وكان بصحبه صديقه المصاب، يقول صلاح: «واحنا خارجين من المستشفى بلطجية مسكونا، وقالوا لنا، يا نخلص عليكو يا نسلمكم للقسم».
اختار صلاح العرض الثانى الذى قدمه البلطجية، وفى القسم كان السؤال الأول فى انتظاره: «إنت 6 إبريل ولا ألتراس»؟، وعندما نفى عضويته فى أى من الجماعتين، قال له الضابط: «تبقى إخوان بدقنك دى»، وكانت تلك هى الجملة الأخيرة «المحترمة» التى سمعها صلاح من الضابط، قبل أن ينهال عليه بوابل من الشتائم والإهانات اللفظية والجسدية.
خرج صلاح من قسم الوايلى فى سيارة إسعاف نقلتهم إلى مستشفى كبير القبة العسكرى، بحجة أن نقلهم فى سيارة الإسعاف «أمان من أهالى العباسية»، بحسب قول أحد العساكر لصلاح، وهناك قال أحد الضباط له وعدد من المحتجزين، إنه تم فرض حالة حظر التجول، لذا يصعب خروجهم من المستشفى فى الليل، وسيظلون هنا حتى الصباح.
وفى تمام الثانية بعد منتصف الليل، فوجئ صلاح والآخرون بالعساكر يقولون «قوموا»، نهض الجميع وتم حشرهم فى سيارة ترحيلات، اكتشفوا بعدها أنهم فى س28.
وبنفس تفاصيل التحقيق مع جميع المعتقلين فى س28، تم نقل صلاح بعدها إلى سجن طرة مزرعة، وهناك دخل زنزانته زحفا على الأرض بعد حفلة «استقبال» من الضرب والسب، وقضى صلاح أسبوعا فى زنزانة المتهمين فى قضايا المخدرات، حيث يباع «البرشام والسجاير المحشية»، وهى الزنزانة التى تضم أكثر من 150 سجينا، مخصص لهم 5 حمامات.
«ماما خديجة» لمرسى: سأعتصم أمام «القصر»
التقت «الشروق» بـ«ماما خديجة» المعروفة بـ«أم الثوار» أثناء الإفطار الجماعى، ووجهت خلال اللقاء رسالة للرئيس محمد مرسى، فحواها: «أتمنى سرعة الإفراج عن جميع المعتقلين من أبناء الوطن، وأن يفى الرئيس بوعده ويفرج عن الشباب المظلوم داخل السجون، ولولا هؤلاء الشباب ما كنت وصلت لكرسى الرئاسة».
وهددت أم الثوار بالاعتصام أمام القصر الجمهورى إذا لم يتم الإفراج عن باقى المعتقلين فى موعد أقصاه 31 أغسطس الحالى، معتبرة أن الشعب المصرى يؤيد الرئيس فى جميع خطاه وقراراته الثورية، ويشد على يده لتحقيق باقى مطالب الثورة وعلى رأسها الإفراج عن المعتقلين.
و أضافت أم الثوار: «الرئيس أفرج عن عناصر تنتمى للجماعة الإسلامية وآخرين أياديهم ملوثة بالدماء، لذا وجب عليه الإفراج عن الثوار الحقيقيين حتى نطمئن على نجاح الثورة واستمرارها».
أحمد سعيد: حياتى اتدمرت
أحمد سعيد، 28 عاما، عامل فى مجموعة مصانع سيراميكا كليوباترا صباحا، وسائق تاكسى ليلا، تم إلقاء القبض عليه أثناء تجوله بسيارته الأجرة عشية أحداث العباسية.
يروى سعيد: «العساكر أخدونى فجأة، ولقيت نفسى راكب فى عربية الترحيلات مع ناس كتير، وكان معانا بنات ومش سامع حاجة غير شتايم ومش شايف غير ضرب».
سيارة الترحيلات حملت سعيد إلى إدارة الشرطة العسكرية فى صلاح سالم، وهناك يقول: «أول ما دخلنا صورونا، وبعدين حطونا فى غرفة ضلمة، مع استمرار الشتايم والضرب»، ومن خلف الجدار كان سعيد ومن معه يسمعون وقائع الاعتداء الجسدى على إحدى البنات التى كانت تصرخ بشدة.
ومن مقر إدارة الشرطة العسكرية إلى س28 بالحى العاشر بمدينة نصر، حيث أنكر سعيد كل التهم المنسوبة له، فرد الضابط الذى يستجوبه: «أنا مش مطلوب منى أصدقك، أنا كل إلى عليا أكتب اللى بتقوله فى الورق، بس أصدقك إنك مظلوم والكلام ده مش شغلى»، ومن س28 إلى سجن طرة، تم نقل سعيد وعدد من المحتجزين، وهناك يضيف: «استقبلونا بحفلة ضرب وشتايم، ولكن بعد ذلك كان الوضع أفضل».
يتابع: «زارنا عدد من الشخصيات العامة ووفد حقوقى بينهم حافظ أبوسعدة، وعدد من نواب مجلس شعب، وكان الأمل كبير فى الجلسة الأولى أن يتم الإفراج عنا ولكن كعشرات المتهمين غيرى، تم التجديد لنا 15 يوما إضافية»، وقرر سعيد الدخول فى إضراب عن الطعام مع عدد من نزلاء سجن طرة تحقيق، وانتهت علاقة سعيد بالقضية فى 15 يوليو الماضى، بعد نحو 3 أشهر من الاعتقال فقد خلالها وظيفته فى الشركة، و«حياتى اتدمرت»، بحسب قوله.
يسقط يسقط حكم العسكر
ردحذف