أنهى قرار الرئيس المنتخب بإقاله المشير طنطاوى والفريق عنان وضعاً سيئاً لم تعرفه القوات المسلحة المصرية من قبل، وهو بقاء قائد الجيش 23 عاما فى موقعه حتى اقترب من سن الثمانين، وهو الأمر الذى وضع فاصلاً جيلياً هائلاً بينه وبين باقى القادة بصورة أثرت سلباً على قدرات المؤسسة العسكرية وأصابت أداءها بكثير من الترهل.
وللأسف الشديد فقد انشغل كثير منا بتسييس قضية الجيش، واختزالها فى «العسكر» المتآمرين، وكتبنا «ليتهم متآمرون» على صفحات «المصرى اليوم» لكى نبرز الخيبة والضعف، و«مدرسة مبارك» و«وصية مبارك» التى ظل «طنطاوى» وفيا لها، فلم يخطط الرجل للوصول إلى السلطة، ولم يكن راغبا وربما قادرا على أخذها.
والحقيقة أن «طنطاوى» لم يتآمر من أجل إفشال المرحلة الانتقالية لكى يبقى فى السلطة، فهناك فرق بين المؤامرات الصغيرة فى التعامل مع مواقف صغيرة، وبين خطة متكاملة تقوم على مؤامرة كبرى هدفها البقاء فى السلطة.
والمؤكد أن التآمر بكل صوره مرفوض، ولكن وجوده قد يعكس ولو شراً، تخطيطاً سياسياً استراتيجياً يحتاج مستوى معيناً من القادة، عرفهم الجيش المصرى بالتأكيد فى فترات سابقة وغابوا فى عصر مبارك ـ راجع مقال عمر سليمان المتخيل فى «المصرى اليوم» ـ وهذا التفكير غاب بشكل كامل عن إدارة المجلس العسكرى، بما يعنى تلقائياً غياب نظرية المؤامرة الكبرى لصالح ربما بعض المؤامرات الصغيرة.
والحقيقة أن المجلس العسكرى أدار المرحلة الانتقالية بثقافته العسكرية المحترمة وبخبرته السياسية المنعدمة، فأخرج أداء باهتاً متردداً، أدى إلى انسحابه من القيام بواجباته ومهامه الكبرى وتصدره فى كل ما هو جزئى وتفصيلى، وبسبب بقاء «طنطاوى» مرؤوسا لـ«مبارك» 23 عاما، فلم يبادر بأى شىء، ولم يتخذ أى قرار، وحتى دستور الدولة الذى كان يجب وضعه قبل تسليم السلطة وربما الدولة لأى أغلبية حزبية لم يقم به، وظل يشاهد ويشاهد ويشاهد ولا يفعل شيئا، تماماً مثلما كان يفعل «مبارك»، فخسر جزءاً كبيراً من الشارع وفتح الباب سهلا لوصول الإخوان للسلطة قبل كتابة الدستور والتوافق على أى شىء.
لقد طالبنا المشير بالتقاعد فى مقال فى 18 يوليو الماضى حمل العنوان نفسه، وأنهيناه بالقول: «إن مصلحة مصر، شعبا وجيشا، تتطلب أن يترك مكانه بكرامة واحترام، ويفتح الباب أمام جيل جديد من العسكريين المصريين يقودون المؤسسة العسكرية ويحافظون على تماسكها وهيبتها وفق قواعد مهنية يجب أن تحكم حركة ترقيات الجيش المصرى بعيدا عن عبث السياسة والسياسيين».
والسؤال: هل سيوظف الرئيس مرسى هذا القرار من أجل الهيمنة على السلطة واختراق مؤسسات الدولة لصالح فصيل واحد، أم من أجل بناء نظام سياسى ديمقراطى يتسم بالعدالة الاجتماعية والكفاءة؟ هذا تحدٍ يخص السياسيين الذين ستكون أمامهم ساحة نضال سياسى وديمقراطى مفتوحة، لا يجب فيها استدعاء الجيش ليساعد الفاشلين على أداء واجبهم الذى لم يقوموا به.
إن قرار الرئيس فى ذاته قرار صائب وصحيح، بصرف النظر عن الطريقة التى سيوظف بها هذا القرار، فمصر بحاجة لجيش مهنى محترف، وأن جريمة رفح جاءت كجرس إنذار بأن مهمة الجيش هى حماية الحدود وأمن مصر القومى، وأنه لابد من ضخ دماء جديدة لجيل جديد من العسكريين المصريين، تقود المؤسسة الوطنية الكبرى فى مصر بعيدا عن التدخل فى السياسة.
عمرو الشوبكي يكتب عن إقالة طنطاوي :قرار صائب
قسم الأخبار
Tue, 14 Aug 2012 09:20:00 GMT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى