النيابة الإدارية هى من أكثر الأجهزة حساسية فى الدولة، لأنها الجهاز الذى يتولى مراقبة موظف الحكومة، من ناحية ما يتعلق بذمته المالية، وهى أيضا «الترمومتر» الذى يكشف مدى ما وصلت إليه معدلات الفساد فى المجتمع.
«التحرير» كانت حريصة على الكشف عن «عقل» هذا الجهاز، وذلك من خلال الحوار الذى أجرته مع المستشار عنانى عبد العزيز رئيس هيئة النيابة الإدارية، الذى كشف عن معلومات فى غاية الخطورة، تضمنت قيام جهاز النيابة الإدارية خلال عام 2011 وحده بالتحقيق فى 70 ألف قضية فساد، وأيضًا كشفه عن تورط بعض الشخصيات العامة فى قضية أرض العياط التى سيتم إعلان نتائج التحقيق فيها خلال أيام قليلة.
المستشار عبد العزيز كشف فى بداية حواره مع «التحرير»، عما يخفيه جهاز النيابة الإدارية من قضايا فساد سيتم الإعلان عنها خلال الفترة المقبلة، وخص عبد العزيز «التحرير» عن قضية أرض العياط التى تعد من كبرى قضايا الفساد فى مصر، حيث أكد أن تلك القضية ترجع وقائعها إلى عام 2006 ووجود 26 ألف فدان كانت مخصصة للزراعة، واستطاع بعض المسؤولين «الكبار» فى نظام الرئيس مبارك، شراءها بواقع 400 جنيه للفدان الواحد وتبويرها، وبعد ذلك تم بيعها بسعر 6 آلاف جنيه للفدان الواحد بمبلغ 156 مليون جنيه، وأن تلك الأرض تم تبوريها وبيعها «أرض مبانى»، وهذه القضية تم التحقيق فيها عام 2011 ولولا الثورة ما تم الكشف عنها، والنيابة تستكمل التحقيقات الآن، وستعلن نتائجها خلال أيام بالكشف عن تورط شخصيات عامة ذات حيثية فى هذه القضية.
رئيس هيئة النيابة الإدارية دافع عن الجهاز الذى يعمل به ضد النقد الموجه إليه، ويتضمن تفاهة العقاب الذى يتعرض له الموظف المخالف بقوله «إن النيابة الإدارية ليست وظيفتها القصاص من المخالفين أو من الناس، إنما هى مؤسسة تنوب عن المجتمع بالقصاص، ولذلك فإن هدفها الإصلاح من شأن المواطن، وإذا لم يحدث هذا الإصلاح ستكون هناك عقوبة الفصل، تنفيذا لقول النبى صلى الله عليه وسلم «أدبنى ربى فأحسن تأديبى»، وهو ما نحاول فعله بأن نقوم فى حالة عدم استجابة الموظف إلى الإصلاح، بسحب وظيفته منه، وتعيين آخر مكانه، والحكومة واجبها معاقبة من يقصر فى عمله».
«تفشى ظاهرة الفساد فى الجهاز الحكومى، لا تجابه بالعقاب، لأن الجهاز نفسه أحيانا ما يشجع موظفيه على الفساد».. تلك كانت تأكيدات رئيس هيئة النيابة الإدارية حول الفساد الحكومى الذى وصف حاله بقوله «المال السايب يعلم السرقة»، مؤكدا أن هذه الظاهرة مسؤول عنها نظام العمل نفسه، وليس عجزًا فى العقوبات، «الناس مش ملايكة».
لكن المستشار عبد العزيز عاد وكشف عن 70 ألف قضية فساد تم التحقيق فيها خلال عام 2011 وحده، بما يعنى ارتفاع النسبة إلى معدلات غير مسبوقة، وكاشفا فى الوقت ذاته عن خلل حاد فى منظومة العقاب والجزاء فى الهيكل الوظيفى.
عبد العزيز طالب بتفعيل قانون محاكمة الوزراء، الذى لم يُفعل طوال وجود النظام السابق، بما يعنى أنه لا أحد فوق المساءلة، ولا يخالف كون رقابة الوزراء من اختصاص مجلس الشعب.
رئيس هيئة النيابة الإدارية علق على قرار اختيار المستشار هشام جنينة رئيسًا للجهاز المركزى للمحاسبات، بأنه اختيار جيد، ودعا له بالتوفيق، ثم أكد أن وجود الحيادية والنزاهة سيظهر كل شىء، وعندها «كل اللى بيرقص هيبطل رقص».
لن تدخل أى تعديلات على قانون النيابة الإدارية خلال عام 2012، حسب المستشار عبد العزيز، لكنه عاد وقال إنه لا بد من تعديل النصوص الموجودة فى القانون، كما يجب أن يتم تحييدها، وعرض مواد القانون على الهيئات التشريعية، أو أن يقوم الرئيس محمد مرسى بوضع مرسوم بالقانون وإحالته إلى مجلس الشعب.
أما بنود هذا القانون، فهى تأكيد استقلال الهئية، وصلاحياتها الجديدة، والقدرة على التعامل مع المستجدات مثل مكافحة الفساد، وإخضاع كل المؤسسات التى لها حصة من المال العام لرقابة النيابة الإدارية، مثل الأندية والنقابات والاتحادات.
رئيس هيئة النيابة الإدارية فى حواره مع «التحرير»، أكد أنه «لن يعين عسكرى وراء كل موظف»، لأنه من المفترض أن الموظف ملتزم كتابيًّا بتنفيذ قرار الهيئة بالجزاء، أنا كرئيس هيئة أعطيه الجزاء ولا أشك فيه.
وعن رأيه فى عقوبة «اللوم» وهى من العقوبات التأديبية هينة الأثر، قال عبد العزيز، إن العكس صحيح، لأنه يعتبر عقاب اللوم من أكبر درجات العقاب، ومعناه القضاء على الموظف، وأن وزنه الأدبى انتهى، وهناك موظف يأخذ العقاب بعينى الاعتبار، بينما يوجد آخر «ماتفرقش معاه».
أخيرًا يرى المستشار عنانى عبد العزيز رئيس هيئة النيابة الإدارية، أن الفساد الإدارى سيظل موجودًا طوال الوقت، ورغم ذلك فإنه فى تزايد مستمر إلى الدرجة التى جعلته متفشيًّا، لكنه يرى بصيصًا من الأمل فى السيطرة على أخطبوط الفساد بوجود منظومة عادلة من الثواب والعقاب. بقى أن نعرف أن المستشار عنانى عبد العزيز بدأ حياته العملية فى سلك النيابة، وتدرج فى المناصب القضائية حتى أصبح رئيسًا للنيابة، ومتزوج ولديه ثلاثة أبناء، الأكبر منهم رئيس محكمة، أما الثانى فهو يدرس فى حقوق إنجليزى، والابنة الثالثة «كفرت بالمهنة» على قول عبد العزيز الذى أكد أنه شجعها على ذلك، لأن العمل فى هذا المجال صعب جدا.
جدير بالذكر أن النيابة الإدارية هى هيئة مكلفة بمحاسبة والتحقيق مع كل من يعمل فى الجهاز الحكومى، أو القطاع العام، وعلى هذا يجب أن يتم إبلاغ الهيئة بأى مخالفات قانونية، وإحالة من يخالف إلى المحكمة التأديبية، ليس هذا فقط، بل أيضا يدخل ضمن اختصاصاتها من هم فى حكم المأذون، رغم أنه لا يحصل على أموال من الدولة، إلا أنه يحصل عليها من الناس، مما يعرضه للرقابة.
رئيس هيئة النيابة الإدارية: حققنا فى 70 ألف قضية فساد ومخالفات خلال عام 2011
amira eldamasy
Sat, 15 Sep 2012 10:00:00 GMT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى