آخر المواضيع

آخر الأخبار

04‏/09‏/2012

قلقٌ متصاعد: المسارات الإسرائيلية المحتملة للتعامل مع أزمة سيناء

 

سعيد عكاشة

شكلت سيناء هاجسًا أمنيًّا مقلقًا لإسرائيل، وتصاعد هذا القلق في السنوات الأخيرة إثر تزايد الهجمات على الحدود، وظهور جماعات جهادية تستهدف إسرائيل من داخل سيناء. وفي هذا السياق، جاء هجوم رفح الأخير الذي استشهد فيه 16 عسكريًّا مصريًّا ليثير مخاوف إسرائيل، ويُعيد انتباهها للأخطار الأمنية المتصاعدة التي باتت تشكلها الحدود الجنوبية، من وجهة نظرها.

إن السؤالَ الذي يدور في أوساط الرأي العام والنخبة الإسرائيلية: كيف تواجه إسرائيل الأخطار التي تمثلها سيناء على أمنها القومي، وهل سيؤثر ذلك على العلاقات المصرية-الإسرائيلية، لا سيما في ظل إحداث الرئيس محمد مرسي لتغيرات على مستوى القيادات العسكرية بإحالة المشير محمد حسين طنطاوي والفريق سامي عنان إلى التقاعد، وتعيين وزير دفاع جديد، واسترداد الرئيس مرسي لكامل صلاحياته؟.

تطور القلق الإسرائيلي من سيناء

بالرغم مما أسفرت عنه اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل من وضع مناطق عازلة محدودة التسليح على جانبي الحدود بين البلدين، إلا أن السنوات الأخيرة من حكم مبارك حفلت بعمليات شنتها جماعات جهادية داخل سيناء، وكان هنالك اعتقاد إسرائيلي بأن مصر لا ترغب في بذل مجهود كبير لمكافحة الإرهاب المستوطن في سيناء، والمتحالف مع فصائل جهادية في غزة. بحسب وجهة النظر الإسرائيلية.

وتعتقد بعضُ النخب الإسرائيلية أن مصر إبان حكم مبارك تجاهلت الكثير من المعلومات التي ترسلها إسرائيل لمصر حول الجماعات الأصولية والجهادية التي ترتبط بصلات وثيقة مع نظائرها في غزة، ربما لأن الأجهزة الأمنية المصرية أرادت ألا تتورط مصر في معارك مع المقاومة الفلسطينية تخدم إسرائيل، وتزيد في الوقت نفسه من المخاطر الأمنية على مصر من جانب هذه الجماعات، إذا ما تبنت سياسة الرد على من يقتلون رجالها.

ولعل وجهة النظر تلك عبر عنها تسيفي بارئيل -محلل الشئون العربية في صحيفة هاآرتس- في أعقاب مقتل 16 عسكريًّا مصريًّا في عملية إرهابية مؤخرا بقوله: "إن سيناء كانت إقليمًا غير مسيطر عليه في فترة حسني مبارك، فقد وقعت في عهده هجمات في طابا وشرم الشيخ، وتم نقل أسلحة إلى قطاع غزة، واستقرت خلايا القاعدة في جبل هلال".

في المقابل؛ فإن هنالك اتجاهًا داخل إسرائيل يرى أن ما يحدث في سيناء ليس إلا مجرد عصابات إجرامية تقوم بعمليات مقابل المال؛ حيث يقول المعلق العسكري أليكس فيشمان في صحيفة "يديعوت أحرونوت" (20 يونيو 2012): "الجماعات المسلحة في سيناء هي (كارتيل إجرامي) يتكون من عشائر بدوية تسيطر على سيناء، وينفذ هذا الكارتيل هجمات ضد إسرائيل ومصر وأي جهة أخرى مقابل المال، وليست هناك عملية تهريب أسلحة أو بضائع أو مخدرات أو نساء لا تمر عبره".

ما يُلاحظ أن توصيف المعلق الإسرائيلي يقترب مما ذهب إليه الرئيس محمد مرسي عندما وصف الحملة التي قادتها القوات المسلحة في سيناء مؤخرا بأنها "انتقام من عناصر إجرامية قتلت جنودا مصريين"، وقد يكون إصرار مرسي على توصيف من يقومون بأعمال إرهابية في سيناء بعناصر إجرامية بالخشية من الانتقادات التي يمكن أن تطاله من التيار الإسلامي ذاته إذا استخدام مصطلح جماعات جهادية أو إسلامية متطرفة.

ورغم سقوط نظام مبارك في ثورة "25 يناير"؛، فإن إسرائيل راهنت على القادة العسكريين لاحترام معاهدات السلام، مستندة إلى أن الولايات المتحدة ستلعب دور الضاغط لحمل القاهرة على المزيد من التعاون الأمني، وخاصة فيما يتعلق بقضية سيناء.

بيد أن الهجوم في رفح، وما أعقبه من إقالة مدير المخابرات، وإحالة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان إلى التقاعد، وتعيين وزير دفاع جديد؛ أثار القلق الإسرائيلي، سواء فيما يتعلق بسيناء أو العلاقات بشكل عام بين البلدين، لا سيما بعدما استرد الرئيس مرسي صلاحياته، وبالتالي أصبح هو اللاعب الرئيسي في تحديد مسار العلاقات بين مصر وإسرائيل، فهل سيكرر مرسي التعهدات نفسها لإسرائيل، أم يمضي في اتجاه مضاد بالإصرار على تعديل اتفاق السلام بما يتيح حرية أوسع للجيش المصري في سيناء.

بدائل إسرائيل محتملة

بالرغم من أن المؤشرات لا تُشير إلى نية مرسي الدخول في صدام مع إسرائيل، وخاصة مع انشغال مصر بالوضع الداخلي وأزمة سيناء؛ إلا أنه بالمقابل فإن إسرائيل تستعد بمجموعة من البدائل المحتملة للتعامل مع قضية سيناء:

- المسار الأول: أن تعرض إسرائيل على مصر خطة برعاية أمريكية للتنسيق الأمني والعسكري لمكافحة الأعمال الإرهابية. ويبدو أن إسرائيل تعمل على هذا المسار بقوة حاليًّا؛ حيث ذكر المقال الافتتاحي لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في 7 أغسطس أن "مقتل 16 جنديًّا مصريًّا على يد الجماعات الإرهابية المنتشرة في سيناء يجب أن يدفع الحكومة المصرية لمراجعة سياستها القائمة على تقليص التعاون الأمني مع إسرائيل إلى حدوده الدنيا".

وكانت الولايات المتحدة قد عرضت العام الماضي حزمة مساعدات عسكرية لمساعدة مصر في مواجهة الإرهاب، فيما ذكرت صحيفة "هاآرتس" أن الرئيس مرسي قبل خرائط أمريكية دقيقة عرضتها الولايات المتحدة وتحوي مواقع عديدة للجماعات الإرهابية الموجودة في سيناء، وقد نصحه قادة الجيش بقبول هذا الدعم الأمريكي، على حد وصف الصحيفة.

- المسار الثاني: أن تسمح إسرائيل لمصر بإدخال أعداد من الجنود والضباط وأسلحة متقدمة إلى سيناء ولفترة محدودة تنتهي بنهاية العمليات العسكرية المطلوبة في مواجهة الإرهابيين، وقد ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" في 7 أغسطس الجاري أن إسرائيل سمحت لمصر بنشر نحو سبعة كتائب في سيناء، وداخل المنطقة العازلة المعروفة بالمنطقة ج. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك قد صرح بأنه "لا توجد مشكلة عندما تطلب مصر إدخال قوات إلى سيناء لمطاردة العناصر الإرهابية التي تشكل خطرا على البلدين"، ولا يتعارض هذا المسار مع المسار السابق؛ بل من المتوقع أن تعمل إسرائيل على المسارين معا حاليا.

- المسار الثالث: أن تدخل إسرائيل في مفاوضات رسمية مع مصر لتعديل الاتفاقية، ومن الناحية المبدئية يمكن القول إن إسرائيل قد لا تمانع في ذلك، حتى لا تتهم بمعاداة الشعب المصري وقيادته الجديدة، ولكنها إما أن تفرض شروطًا، بألا تتجاوز المطالب المصرية الحدود التي تراها إسرائيل بمثابة تهديد أمنيٍّ لها، وإما أن تُطيل أمد المفاوضات إذا كانت غير مشروطة، وأن تقدم بدورها مطالب بتعديل بنود خاصة بالتنسيق الأمني والمعلوماتي أوسع نطاقًا، وكذلك احتمال قبولها بزيادة القوات المصرية، لكن دون المس بنمط الأسلحة المسموح بها في الاتفاقية الحالية، ولن تدخل إسرائيل إلى هذا المسار إلا لو فقدت الأمل في المسارين السابقين.

- المسار الرابع: وهو يقوم على فرضية أن مصر قد تقطع علاقتها الدبلوماسية مع إسرائيل دون أن تمس اتفاق السلام مرحليًّا، ورغم أن هذا الإجراء لن يقود تلقائيًّا لتحرك الجيش المصري في سيناء ولا إلى تحرك الجيش الإسرائيلي نحو الحدود مع مصر؛ إلا أن "عوديد عيران" مدير معهد بحوث الأمن القومي الإسرائيلي، يقول: "إن أي خطوة أحادية الجانب لإلغاء العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإسرائيل ستعتبر خرقا واضحا للمعاهدة، وسيتخذ الكونجرس الأمريكي حينها خطوات قاسية ضد مصر"، أي التهديد بقطع المعونات والسلاح عن الجيش المصري، ومن الصعب تصور أن يتم اتخاذ قرار بهذا المعنى في مصر؛ حيث إن تكلفته أكبر بكثير من العائد المنتظر منه، فحتى قطع العلاقات الدبلوماسية لن يؤدي إلى منع التنسيق الأمني والمخابراتي، بما يفرغ مثل هذا القرار من مضمونه.

- المسار الخامس: هو كارثي يفترض فيه "إفرايم إنبار" مدير مركز بيجن-السادات "أن مصر ستعجز عن ضبط الحدود مع إسرائيل، وستتزايد الأخطار التي تهدد الداخل الإسرائيلي، ولن يكون أمام إسرائيل آن ذاك سوى فرض منطقةٍ عازلةٍ داخل سيناء تعمل كحزام أمنيٍّ لمنع وصول الهجمات إلى أراضيها.

ولا يقدم "إنبار" في دراسته التي ناقش فيها هذا الاحتمال، والتي تحمل اسم "الثورات العربية والأمن القومي الإسرائيلي" تفاصيل عن حجم هذه المساحة التي ستحولها إسرائيل إلى منطقة أمنية، على غرار ما فعلته في جنوب لبنان حتى عام 2000، كما لا يناقش أيضًا رد الفعل المصري على مثل هذه الخطوة، فضلًا عن أنه لم يناقش جدوى المنطقة الأمنية في لبنان لإسرائيل التي أنتجت حزب الله الذي تحول إلى أكبر مشكلة أمنية لإسرائيل حاليًّا.

في كل الأحوال؛ لا يزال الوضع في مصر غامضًا، حتى بعد استرداد محمد مرسي لصلاحيات الرئيس كاملة من المجلس العسكري، ومن الصعب معرفة كيف سيدير مرسي هذا الملف الصعب والشائك.

تعريف الكاتب:

باحث مشارك بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى