شكلت وفاته الكثير من التساؤلات والأحاديث مثلما كانت حياته، فاليوم السبت، تمر سنة كاملة على مقتل العقيد معمر القذافي في مدينة سرت، وليبيا ما زالت تحاول المضي قدما، أما طرابلس تجد نفسها الآن أمام ملفات دولية كبيرة، لا تبدأ بدعوات دولية للتحقيق بمقتل العقيد وحراسه، ولا تنتهي بتفشي ظاهرة السلاح في المدن والقرى ومقتل السفير الأمريكي في بنغازي إضافة إلى الاشتباكات في مدينة بني وليد بين أنصار القذافي وقبائل أخري.
مشردون
والقذافي والد محمد وسيف الاسلام والساعدي وهانيبال والمعتصم وخميس وعائشة، و زوج صفية، كلهم مقتولون آو مشردون آو معتقلون، لم يعد لذكرهم مكرمة لا في ليبيا ولا غيرها، ويدفن العقيد بمكان مجهول في صحراء اختارها أهالي مصراته لتكون مكانا أخيرا لجثمانه.
ولد معمّر، في السابع من يونيو عام 1942 وكان يعتبر الحاكم الفعلي لليبيا منذ انقلاب عام 1969، مما يجعل فترة حكم القذافي أطول من الفترة التي حكم فيها مبارك مصر بحوالي 10 سنوات.
تخلى القذافي عن لقب رئيس وزراء ليبيا في العام 1972 ليحصل على لقب شرفي، هو "قائد ثورة الفاتح من سبتمبر في الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية".
مع وفاة رئيس الجابون عمر بونجو في العام 2009، أصبح القذافي أطول رئيس لدولة لا تتبع النظام الملكي ويعتبر أيضا واحدا من أطول القادة بقاء في مناصبهم في التاريخ، كما وأن القذافي كان يعتبر أطول حاكم لليبيا منذ أن أصبحت ولاية عثمانية عام 1551.
الصحف البريطانية
وإحياء لهذا اليوم، نشرت صحيفة "جارديان" تغطية خاصة لذكرى مرور عام على رحيل العقيد معمر القذافي، ففي عنوان فرعي قالت الصحيفة: إن سنوات الدكتاتورية الطويلة تركت البلاد غير قادرة على التعامل مع التهديدات الأمنية والنزاعات الجهوية.
ونشرت "جارديان" مع الموضوع خريطة معلوماتية لأسرة القذافي وأقرب مساعديه ومصيرهم: من قتل ومن هو في المنفى ومن هو رهن الاعتقال، ورسم مراسل الصحيفة صورة للوضع في ليبيا وكيف تمزقها الصراعات في الأنحاء كافة.
وخلص التقرير إلى أن "ليبيا اليوم ليست دولة واحدة بل مجموعة من الاقطاعيات، وبعضها أفضل من الأخرى: فمصراته، ثالث أكبر مدن ليبيا، في رواج وفي طرابلس العاصمة تحل الشرطة محل الميليشيات".
الساعات الأخيرة
من جانبها أشارت صحيفة واشنطن بوست إلى تقرير جديد صدر عن هيومن رايتس ووتش، بعنوان "وفاة الدكتاتور"، يفصل الأيام الأخيرة للقذافي ويعيد تشكيل تحركاته بدقة، وكذلك تحركات المليشيا المدنية التي أسرته وأعدمته، خلال الأسابيع الأخيرة من حياته.
وفي كثير من النقاط كانت القصة تعتمد على رواية المقاتلين الموالين الذين كانوا معه، وأحيانا على ذاكرة رفيق واحد يصعب أو يستحيل تأكيد معلوماته، لكنه حتى الآن أكثر الروايات شمولا التي أمامنا عن تلك الأيام الأخيرة.
ومما جاء في التقرير أن القذافي وصل إلى مدينة سرت بصحبة سائق ومجموعة صغيرة من الحرس الشخصي ومسؤول أمني هو منصور ضو، والتقى هناك اثنين من أشهر المسؤولين السيئي السمعة لمناقشة الحرب الأهلية الدائرة التي كان يخسرها، الأول كان عبد الله السنوسي، رئيس الاستخبارات، الذي كان يرافق القذافي لكنه تركه فيما بعد لإبلاغ زوجته بوفاة أحد أبنائها. والثاني كان ابنه المعتصم الذي كان يقود دفاعات سرت وكان يزور والده بانتظام.
وعندما قصف الثوار سرت واشتدت حدة القتال قرر القذافي مغادرة المدينة إلى حي أقل سكانا في الناحية الغربية للمدينة وقبع فيها مع حرسه، وكان يتنقل بين البيوت المهجورة مع حرسه باحثا عن لقمة هنا أو هناك في خزانات البيوت الخاوية، بعد أن كان ينعم بمليارات الدولارات من الثروة النفطية وينفقها على استخدامه الشخصي، وكانت خزانات المياه قد تضررت من القتال مما جعل مياه الشرب صعبة المنال.
القرآن والصلاة
ويشير التقرير إلى أن القذافي لأسابيع كان يقضي جل وقته في قراءة القرآن والصلاة، كما قال المسؤول الأمني منصور ضو لهيومان رايتس ووتش فيما بعد، ومما قاله ضو "لم يكن هناك أي اتصالات ولا تلفاز ولا شيء، ولم يكن لدينا واجبات، كنا بين النوم واليقظة ولا شيء نفعله".
وكانوا يتنقلون كل أربعة أو خمسة أيام خشية كشف مكانهم. وعندما استمر تخفيهم، كما يحكي ضو "تغير القذافي وصار أكثر غضبا، حتى أنه كان يغضب لقلة الكهرباء والاتصالات والتلفاز وعجزه عن الاتصال بالعالم الخارجي.
ويمضى التقرير في سرد التفاصيل بأنه في 19 أكتوبر 2011، أعد المعتصم خطة للهرب من سرت والتسلل خلال خط الثوار المحاصرين للمدينة، ووافق الرجل العجوز.
ومما يذكر أن القذافي وابنه المعتصم ووزير دفاعه وبعض الحرس الشخصي ابتعدوا عن الطريق إلى بيت مهجور حيث تبعهم الثوار، ويروي ابن وزير الدفاع "وجدنا معمر هنا يرتدي خوذة وصدرية ضد الرصاص، وكان في جيبه مسدس وكان يحمل سلاحا أتوماتيكيا"، وقاد المعتصم مجموعة من نحو عشرة مقاتلين محاولا إعادة فتح الطريق، قائلا لوالده "سأحاول إيجاد مخرج من هنا"، لكنه سرعان ما قبض عليه خلال ساعات وأُعدم.
وفي المعركة التي تلت ذلك، حاول أحد حراس القذافي إلقاء بعض القنابل اليدوية على الثوار فارتدت إحداها عن حائط خرساني وسقطت قريبا من القذافي، ومال الحارس لاستعادة القنبلة فانفجرت فيه ممزقة ذراعه وجرحت القذافي ووزير الدفاع، وقال ابن وزير الدفاع "ركضت نحو أبي لكنه لم يرد عندما سألته إذا كان بخير، ورأيت معمر ينزف"، وانهارت جماعة الحراس.
النهاية
وختم التقرير بأن العالم قد لا يعرف أبدا من قتل معمر القذافي، ومن المحتمل أن أيّا من جروحه، ومنها انفجار القنبلة اليدوية، ربما تكون قتلته، أو أنه مات أثناء ضربه، ومن المحتمل أنه أُعدم قبل وضعه في سيارة الإسعاف أو بعد ذلك، قبل وصوله إلى مصراتة، ويقول تقرير هيومن رايتس ووتش "بعض مقاتلي المليشيا من بنغازي يزعمون أنهم أردوا القذافي قتيلا أثناء نزاع مع مقاتلي مصراتة عن مكان نقله، لكن هذه المزاعم تظل غير مؤكدة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى