فاروق جويدة
قرر الكاتب الكبير فاروق جويدة، الانسحاب من الجمعية التأسيسة لإعداد الدستور، بسبب الصراعات المحتدمة داخلها، والانقسامات التي قال إنها تهدد مستقبل الوطن وليس إعداد الدستور فقط.
وقال جويدة، في رسالة بعثها إلى المستشار حسام الغرياني، رئيس الجمعية، إن أعضاء "التأسيسية" غير قادرين الآن على إخمادها أمام رغبات "محمومة" من جميع أطراف اللعبة السياسية.
وتنشر "بوابة الأهرام" نص الرسالة التي بعثها جويدة، إلى رئيس الجمعية فيما يلي:
السيد المستشار حسام الغريانى
رئيس الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور
تحياتى وتقديرى
كنت حريصًا على أن أشارك بأى جهد ولو متواضع فى إعداد دستور يليق بنا بعد ثورة أبهرت العالم كله.. كان شهداء الثورة ينظرون إلينا من بعيد وفى عيونهم الكثير من العتاب والقليل من الأمل فى أن تدرك النخبة المصرية خطورة اللحظة التى يعبر فيها الوطن وتحتاج إلى جهودنا جميعًا.. ولقد شاركت قدر استطاعتى فى جلسات الجمعية التأسيسية وكانت لدى قناعة كاملة أننا قادرون على تجاوز الخلافات والأغراض والمصالح من أجل إعداد الدستور..
وللأسف الشديد لقد بدا للجميع أن التوافق الذى كنا نحرص عليه أصبح هدفًا بعيد المنال.. وأن توحيد الإرادة لكى نتجاوز هذه المحنة أصبح شيئًا صعبًا إذا لم يكن مستحيلاً.. كان انقسام النخبة على نفسها بكل تياراتها الدينية والليبرالية والعلمانية أكبر خطيئة فى حق الثورة وحق الشهداء إن وصاية الفكر هى أسوأ أنواع الاستبداد واستخدام الدين فى السياسة خطيئة كبرى تدفع الشعوب ثمنها استقرارا وأمنا ورخاء.
كان من الواضح أن هذا الانقسام قد فتح أبوابًا لصراعات لا أعتقد أننا الآن قادرون على إخمادها أمام رغبات محمومة من جميع أطراف اللعبة السياسية لاحتكار الحقيقة.. لم تستطع النخبة المصرية أن تمسك بهذه اللحظة التاريخية وانقسمت على نفسها وبدأت تصفى بعضها بعضا حيث لا هدف ولا وفاق.. لقد بشرت سيادتكم بأن القوى السياسية فى هذه الجمعية سوف تصل إلى صيغة وفاق تحقق لمصر دستورًا تتحدث عنه أجيالنا القادمة بكل العرفان ولكن للأسف الشديد مع نهاية المشوار بدت الصراعات أعنف والخلافات أوسع والانقسامات أشد..
كنت أتمنى أن نكمل معًا دستور مصر فى لحظة يحسبها التاريخ لنا ولا يحسبها علينا ولكن يبدو أن الحلم كان أكبر من الإرادة.. إننى بكل أسف اعتذر عن عدم استكمال المشوار مع الجمعية الموقرة امام انقسامات أراها تهدد مستقبل الوطن وليس إعداد الدستور وسوف يجئ وقت نراجع فيه مواقفنا وأعمالنا وماآلت إليه أحوالنا وساعتها سوف ندرك أننا لم نكن على مستوى دماء الشهداء التى حررت إرادة هذا الشعب وأن الشباب كانوا أكثر حكمة وتعقلا من أباء اشعلوا الفتن وقامروا بمصير الوطن من أجل أهداف شخصية واهية وحسابات خاطئة.. أرجو للجمعية الموقرة التوفيق وأطلب من سيادتكم والأعضاء الموقرين إعفائى من إكمال هذه المهمة مع خالص شكرى وتقديرى.
الاهرام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى