إنهم ثوار ما بعد الثورة كما سماهم د.عمرو الشوبكى، هؤلاء الذين لم يكن لهم أى دور قبل ثورة يناير، ولكنهم الآن يتصدرون المجالس «الثورية» المزعومة، ويزايدون على الجميع، ويتحدثون فى وسائل الإعلام وعبر مواقع التواصل الاجتماعى وكأنهم هم الثورة، مع أنهم لم يكن لهم وجود يذكر حين كان للكلمة ثمن، وللمواقف عواقب.
ثوار ما بعد الثورة هم الذين يُخَوِّنُونَ كل من يجتهد فى أى شأن سياسى، فأنت فى نظرهم خائن إذا دعوت إلى أى مراجعة للوسائل أو الأساليب، وأنت فى نظرهم خائن إذا كنت متوافقا مع ذاتك باعتزازك بأى انتماء عروبى أو إسلامى، وأنت فى نظرهم خائن على كل حال لأنك تختلف مع نظرتهم السطحية فى تحليل الأحداث، ولأنك لا تتكبر على الشعب المصرى العظيم، ولا تسايرهم فى جهالاتهم وأوهامهم التى يظنونها ثورية.
كنا فى عصر مبارك وقبل الثورة بسنوات طويلة نقول كلمة الحق، بينما هم كانوا مشغولين إما فى جمع المال وترتيب أوضاعهم داخل جهاز الدولة الفاسدة، أو على الأقل كانوا مشغولين فى سفاسف الأمور كما كانت غالبية المصريين آنذاك، يشجعون المنتخب الوطنى، ويضاربون فى البورصة!
كنا نقف بضع عشرات على سلم نقابة الصحفيين ونقول لا، وندفع ثمن هذه الكلمة، وحين أصبح الرفض «موضة» وجدنا هؤلاء يرفعون أصواتهم بالوقوف ضد الحاكم، بعد أن أصبح الحاكم «خيال مآتة»، فيعارضون الرئيس بعد أن أصبحت معارضته فى متناول الجميع، ويظنون أنهم بذلك أبطال، ولا يعلمون أنهم مدينون بوقفتهم تلك لكل من وقف ضد الرئيس المخلوع.
أكبر إنجاز لهؤلاء قبل الثورة أنه حضر اجتماعا، أو سار فى مظاهرة، ثم نكص على عقبيه مع أول تهديد!
ثوار ما بعد الثورة يكرهون أى شخص له أى علاقة بالتيار الإسلامى من قريب أو بعيد، فأنت فى نظرهم خائن للثورة إذا اقتربت من أى شخص ذى صبغة أو تاريخ له علاقة بالتيار الإسلامى.
ثوار ما بعد الثورة لا يعملون عملا منظما، بل يكتفون بالضجيج، ولكن على الأرض لن تجدهم، يكتفون بالفضائيات والإنترنت، ولكن جوار الناس لن تراهم.
ثوار ما بعد الثورة جاهزون للانقضاض على أى شخص من الثوار الحقيقيين إذا أخطأ فى اجتهاد أو قصر فى عمل، وفى الوقت نفسه لا يقدمون سوى التنظير وقلة الأدب ضد من يخالفهم.
تراهم يعيرون من انتخب شخصا أو اتجاها، ويفخرون بسلبيتهم ومقاطعتهم، ويريدون أن يستمروا فيها رغم أنه قد ثبت فشل هذا الأسلوب، ورغم أن الناس قد رضيت بشرعية الصندوق.
ثوار ما بعد الثورة هم الذين يخافون من الصندوق، وغالبيتهم لا يتجرأون على الترشح، لأنهم يعلمون أن الناس قد كشفتهم، ويعلمون أنهم لو ترشحوا سيظهر حجمهم الحقيقى.
إنهم عبء وعار على هذه الثورة، وسيختفون قريبا، لأن الصراخ فى الفراغ لن يحقق إنجازا على الأرض، ولكن ستتحقق الإنجازات بفضل الثوار الحقيقيين الذين يخوضون الصعب من أجل مصر.
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين..
عبد الرحمن يوسف يكتب : ثُوَّار ما بعد الثورة
قسم الأخبار
Sat, 19 Jan 2013 10:49:00 GMT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى