من جديد يعود النائب العام ليتسبب في اشتعال الأزمات المصرية، "المنصب القضائي" زاد تفاقم المشكلات ليرفع رصيدها بالساحة المصرية، بعدما أصدرت محكمة استئناف القاهرة حكماً منذ أيام يقضي بإلغاء تعيين النائب العام المستشار طلعت عبد الله إبراهيم وإعادة المستشار عبد المجيد محمود النائب العام السابق.
القرار الصادر فتح "الجُرح القديم"، فأثار ما كان قد اندمل واندثر، ليعود "الخيار المُر" الذي تقع مصر فيه دوماً ما بين السيء والأسوأ .. فما بين نائب "الفلول" ونائب "النظام" كان الاختيار. المستشار إبراهيم الميهي رئيس المحكمة باستئناف القاهرة أكد أن الحكم الصادر في دائرة الاستئناف بعودة المستشار عبد المجيد محمود، النائب العام السابق، إلى منصبه حكم ابتدائي قابل للطعن عليه، أمام محكمة النقض.
وأضاف أن محكمة الاستئناف، التي أصدرت الحكم أمرت بتنفيذ الحكم بصورته، وإذا ما تم الطعن عليه أمام محكمة النقض، تقدم هيئة قضايا الدولة نيابة عن رئيس الجمهورية استشكالا فى تنفيذه، لذلك فإن الحكم يغلب عليه الطابع المستعجل بضرورة تنفيذه.
النائب العام الجديد المستشار طلعت عبد الله، الذي أقسم اليمين الدستورية أمام الرئيس محمد مرسي عقب الإعلان الدستوري الذي أقيل بمقتضاه المستشار عبد المجيد محمود، لم يلبث إلا قليلاً وأكد بنفسه الشكوك التي حامت حوله منذ بداية توليه، التخوفات التي أطلقها البعض حول كون النائب العام "مُعيّن" من قِبل الرئيس لم يبددها عبد الله وإنما أكدها بقرار "غريب" تراجع عنه بعد ساعات.
عقب أحداث الاتحادية، وقف السيد رئيس الجمهورية ليؤكد أنه قد تم القبض على العشرات من المعارضين الذين اشتبكوا مع الإخوان، ولم يتوقف الرئيس، لكنه تابع أن المتهمين اعترفوا بجرائمهم. لكن الأمر لم يسير وفق ما أعلنه الرئيس، فالنيابة العامة والمستشار مصطفى خاطر المحامي العام الأول لنيابات شرق القاهرة أفرج في اليوم التالي عن كل المتهمين الذين تحدث عنهم الرئيس.
وتيرة الأحداث تصاعدت، والقرارات المنفعلة بدت أكثر وضوحاً والعلاقات "القضائية - الرئاسية" بدت ساطعة كالشمس في ضحاها تؤكد مخاوف الكثيرين من تعيين نائب عام محسوب على نظام الحكم أياً كان .. فقد أصدر النائب العام قراراً بنقل المستشار مصطفى خاطر إلى نيابات بني سويف ثم تراجع عنه بعد ذلك.
الخيار المُر
ومع توالي الحوادث ظهر النائب العام الجديد بمظهر "بودي جارد" السلطة والحارس الخاص لها، خاصة في ظل استدعاؤه لخمسة نشطاء سياسيين على خلفية اشتباكات المقطم وهو ما أثار استياء العديدين بعد التجاهل التام لأحداث الاتحادية وأحداث الاعتداء على الصحفيين أمام مقر "الإرشاد".
النائب العام اهتزت صورته كثيراً بعدما رفض عدد من النشطاء المثول أمامه باعتباره نائباً عاماً غير شرعي، وكان من أبرز من رفض الصحفي جمال فهمي الذي أعلن رفضه حضور التحقيقات أمام النائب العام في قضية "إهانة الرئيس" لأن وجوده غير شرعي.
على الجانب الآخر، لم يكن عبد المجيد محمود هو الملاك المُخلّص و"محامي الشعب" كما روج أنصاره، فقد كان هو الآخر معيناً من قبل المخلوع حسني مبارك، وشارك بـ"الصمت" في جرائم كبرى شهدتها مصر خلال العقد الأخير. إقالة عبد المجيد محمود ظلت أحد المطالب الرئيسية في فترة ما بعد الثورة، النائب العام السابق مثل - في وجهة نظر الثوار - تضليلاً وتزييفاً للحقائق وطمس أدلة قتل الثوار في ما قبل تنحي مبارك، وربما كان هذا هو أحد الأسباب التي كشف الرئيس محمد مرسي عنها قبل إقالته وتعيين نائب عام جديد، إلا أن الإشكالية تمثلت في المطالب المستمرة باستقلال القضاء لا باستمرار نائب عام تحوم شبهات حول انتمائه إلى "الفلول"، ولا باستبداله بنائب عام معين من قِبل الرئيس الجديد حتى ولو كانت فترة تعيينه مؤقتة.
الخروج من المأزق
ربما كان من أبرز المبادرات التي طُرحت للحيلولة دون استمرار الأزمة الحالية - خاصة في ظل التظاهرة التي شهدها دار القضاء العالي - هو إبعاد كلا النائبين السابق والحالي وطرح المجلس الأعلى للقضاء لمرشحين ثلاثة على رئاسة الجمهورية لاختيار أي منهم لشغل المنصب، وربما كان ذلك هو الحل الأمثل في ظل الأزمات التي تشهدها مصر وهو ما يحتاج إلى اللجوء إلى أي حل يحول دون وقوع أزمة جديدة أو استمرار أزمة قديمة.
المصدر:
التغيير - أحمد سعد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى