عمان، الأردن(CNN)-- أثارت تصريحات العاهل الأردني للملك عبد الله الثاني عاصفة من الجدل الثلاثاء في الأوساط السياسية والإعلامية الأردنية والعربية، رافقتها حالة من الاستغراب في الشارع الأردني، لما تضمنته من انتقادات وجهها الملك لبعض قيادات العشائر الأردنية وجماعة الإخوان المسلمين وجهاز المخابرات العامة في البلاد، ليسارع بعدها بساعات الديوان الملكي بإصادر بيان توضيحي.
وجاءت تلك التصريحات في تقرير مطول نشرته مجلة "ذي أتلانتك" الأمريكية على موقعها الإلكتروني، تمهيداً لنشرها في عددها المطبوع الشهر المقبل، أعده الصحفي الأمريكي الشهير جيف غولدنبرغ، وسارعت مواقع إخبارية محلية أردنية بترجمتها.
أما توضيح الديوان الملكي الأردني، الذي أصدره مساء الثلاثاء، فقد اعتبر أن ما نشر في "ذي أتلانتيك"، قد احتوى على العديد من المغالطات، حيث تم إخراج الأمور من سياقها الصحيح.
وقال مصدر مطلع في الديوان، في البيان الذي وصل لموقع CNN بالعربية نسخة منه، إن "المقال قد احتوى تحليلات عكست وجهة نظر الكاتب، ومعلومات نسبها إلى جلالته بشكل غير دقيق وغير أمين."
وأوضح المصدر أن لقاء الملك مع كاتب المقال "جاء في سياق عرض جلالته لرؤيته الإصلاحية الشاملة، وحرص جلالته على عدم إضاعة الفرص المتاحة لتحقيق نتائج ملموسة للمضي قدماً في الأردن على طريق التطور والتحديث."
واعتبر المصدر أن التوصيفات التي لجأ إليها الكاتب في مقاله قد تم إسقاطها بطريقة منافية للحقيقة والواقع، مشدداً على أن الملك يقّدر عالياً دور شيوخ ووجهاء وشباب عشائر الوطن في مدنه وقراه وبواديه ومخيماته في بناء الأردن، والذود عن مكتسباته ومنجزاته.
وفيما يتعلق بما ورد في المقال حول العلاقات الأردنية مع قادة بعض الدول الشقيقة والصديقة، بين المصدر أن العلاقات الأردنية مع هذه الدول هي علاقات مميزة يسودها الاحترام والثقة المتبادلة.
في المقابل، رأى محللون سياسيون أن التصريحات الملكية ليست مفاجئة، وأن الملك عبر عن عدد من المواقف المشابهة في جلسات مغلقة، فيما اعتبرت المعارضة أنها ذخيرة جديدة للتصعيد السياسي في الشارع.
ومن أبرز التصريحات الحادة التي نقلتها المجلة الأمريكية حسب الترجمة العربية،
وصفه لبعض قادة العشائر بـ"الديناصورات القديمة"، وأن محاولاته في إحداث الإصلاح والتغيير لم تنجح، لأنهم يصوتون "لمرشحي العشيرة فقط."
وقال العاهل الأردني في التصريحات المنسوبة إليه، إنه لم يكن مدركاً في البداية لحجم نفوذ من أسماهم بالمحافظين في دائرة المخابرات العامة في بلاده، معتبراً أن إدارة المخابرات في الماضي كانوا هم السبب في تأخير الإصلاح، لأنهم يتقدمون خطوة ويتراجعون اثنتين.
كما وجه ملك الأردن انتقادات لاذعة للمكون المعارض الأبرز في البلاد، جماعة الإخوان المسلمين، الذين وصفهم بأنهم "ذئاب في ثوب حملان"، وأنه لا يرغب بأن يزيد تمثيل الأردنيين من أصول فلسطينية في البرلمان الأردني عبرهم، قائلاً إنهم "مجمع ماسوني."
وتطرق العاهل الأردني في حديثه المطول إلى أفراد عائلته، إضافة الى عدد من الرؤساء، من بينهم الرئيس المصري محمد مرسي، الذي قال إنه لا يوجد لديه "عمق"، فيما وصف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بأنه منفرد بالسلطة، والرئيس السوري بشار الأسد بأنه "منغلق."
وفي إطار ردود الأفعال، قال الناشط السياسي المعارض محمد خلف الحديد، إن تلك التصريحات جاءت "معيبة بحق العشائر الأردنية"، قائلاً إن أبناء "الديناصورات" هم الذين "حموا النظام الملكي في البلاد."
وقال الحديد، الذي ينتمي لإحدى أبرز العشائر في الأردن لموقع CNN بالعربية: "كلمات الملك خطيرة، وتوقيتها خطير، وأعتقد أنه ليس واعياً بكل ما يجري على الساحة الأردنية، ولا يعي حجم الظلم الواقع على الشعب."
ورفض الحديد الحديث عن تصنيفات للأردنيين والأردنيين من أصول فلسطينية، قائلاً إن حديث "الشرق والغرب" من صناعة الادارة الرسمية.
وقال: "أحاديث المحاصصة مرفوضة، والتمييز مرفوض، هناك إقصاء للأردنيين من أصول فلسطينية، أما بالنسبة للمؤسسة الأمنية فالأصل أن سلطته تسمح بالسيطرة عليها."
بالمقابل، رأى الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية، الدكتور محمد أبو رمان، أن التصريحات جاءت غير مفاجئة، وقد سبق وعبر عنها الملك في جلسات مغلقة مع سياسيين ونشطاء.
لكن أبو رمان، الذي شارك في عدة حلقات نقاشية حضرها ملك الأردن، اعتبر أن توقيت نشر التصريحات من شأنه أن يحدث حالة من ردود الفعل الحادة، بالتزامن مع استمرار إجراء مشاورات لتشكيل حكومة جديدة، ورفع وشيك لأسعار الكهرباء في البلاد.
وقال أبو رمان لموقع CNN بالعربية: "لم أتفاجأ بالتصريحات، فهذه جملة آراء عبر الملك عنها أمام نخب سياسية، وموقفه من الإخوان سلبي ومعروف، وهو لا يقصد وصف الماسونية بحرفيتها، بل تعدد أجندة الإخوان السياسية، أما نقد المؤسسة الأمنية فتم الحديث عنه سابقاً."
ورأى أبو رمان أن الملك "أطلق النار" على أكثر من جهة، فيما اعتبر أن نقده للعشائر لم يكن معمماً، بل استهدف من وصفهم "ببعض القيادات المحافظة"، وليس العشائر الأردنية بمجملها.
ويتوقع أبو رمان أن تزداد حدة الاحتقان في بعض الأوساط السياسية على ضوء التصريحات، قائلاً: "هي المرة الأولى التي يصرح فيها الملك علناً، وسيخلق لديه خصوم، رغم أن هناك حديث إيجابي عن الملكية الدستورية، التي اقترب فيها إلى النزعة الحداثية."
ورفض أبو رمان اعتبار التصريحات "رسالة إلى الشارع الأردني"، كما يتداول البعض، مشيراً إلى أن اللقاء نشر باللغة الانجليزية في مجلة أمريكية، وأن حديثه ليس موجهاً للأردنيين.
ولم يتمكن الموقع من الحصول على تعليق من الإخوان المسلمين إلى حين إعداد التقرير.
وتناولت المقابلة أيضاً، حديثا عن سعيه إلى تطوير النظام الملكي.
أما عن أخوته الأمراء فقال عنهم: "إنهم لا يدركون اﻟﺗﻐﯾرات اﻟﺗﻲ ﺗﺟري، فهم ﯾﺗﺻرﻓون ﻛﺄﻣراء، وﻟﻛن أﺑﻧﺎء ﻋﻣوﻣﺗﻲ أﻣراء أﻛﺛر ﻣن إﺧوﺗﻲ.. ﻗﻠت لهم إن اﻟﺷﻌب ﻟن ﯾﺗﺣﻣل اﻻﻧﻐﻣﺎس ﻓﻲ الإﺳراف أو اﻟﻔﺳﺎد."
المقابلة التي وصفتها وسائل إعلام محلية بـ"غير المسبوقة"، تحدث فيها ملك الأردن عن إدراكه لحجم الشائعات التي تطاله شخصياً، فيما يتعلق بلعب الورق في الكازينوهات والتشكيك بإيمانه.
وعن ذلك رد الملك معلقاً على سؤال للصحفي الأمريكي، بشأن عدم اعتبار الإسلاميين له "مؤمناً"، بقوله: "إنهم جماعة الزبيبة.."، وأكد في ذات الوقت، في تصريحاته، على أنه يواظب على تأدية الصلوات الخمس.
الأردن: جدل حول تصريحات الملك عن العشائر والإخوان
mohamed araby
Tue, 19 Mar 2013 15:31:00 GMT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى