وفقا للخلطة الجديدة للمعارضة يصبح حسنى مبارك زعيما ثوريا مناضلا، ومن غير المستبعد أن يخرج علينا أحدهم باقتراح بتشكيل تحالف ثورى جديد بزعامته.
وإذا كان «أبناء مبارك» فى الصفوف الأولى للثورة الجديدة الآن فلماذا لا يكون مبارك شخصيا أبا للثورة وراعيا لها ومنظرا وملهما.. ومادام معيار الثورية الآن أن تكون فقط كارها للإخوان فإن مبارك وأبناءه فى هذه الحالة هم الأكثر ثورية.
ولو تأملت جيدا فيما هو مرفوع من شعارات، وما هو مطروح من دعوات للخروج خلال الساعات القليلة الماضية ستكتشف أنها مأخوذة نصا من قاموس مبارك فحين تنطلق الدعوات لما يسمى «جمعة الخلاص من الإخوان» تحت شعار «الفوضى هى الحل» فهذا يأخذنا مباشرة إلى كلمات مبارك الأخيرة قبل السقوط «أنا أو الفوضى» وتوعده للمصريين بفتح جحيم الفوضى إذا أزيح عن الحكم وجاء الإخوان.
وحين تخرج إعلامية يستبد بها الحنين لعودة دولة مبارك لتعلن أن شباب البلاك بلوك لن يقفوا صامتين أمام دعوات التظاهر الصادرة ممن وصفتهم «المتطرفين الإسلاميين» للمطالبة بتطهير القضاء وإنشاء محاكم ثورية، وسيخرجوا بمظاهرات مضادة، فإنه يمكن فهم خارطة الغضب الجديدة الآن، تلك الخارطة التى وضعها أولئك الذين اختزلوا معنى الثورة فى مطلب واحد وهو الانقضاض على كرسى الحكم، بالعنف تارة، وبفرض انتخابات مبكرة تارة أخرى بقوة المولوتوف.
وقد اختصر جنرال الثورة المضادة المعادلة كلها فى عبارات مباشرة رددها فى أكثر من حوار تلفزيونى مضمونها أن ثورة 25 يناير بمثابة غلطة ومرت وأن الموقف الآن هو ثورة جديدة لإسقاط محمد مرسى واستئصال الإخوان من التربة المصرية.. ولكى لا ننسى كان الرجل واضحا إلى درجة الابتذال حين خاطب مؤسسة القضاء بأنها حامية ثورته الجديدة وطليعتها.
ويدهشك فى خطاب العبوات الثورية الجديدة هذه الجرأة فى محاولة فرض مفهوم جديد للثورة يتأسس على أن الثورى الحق هو الذى يكره الرئيس المنتخب ويناضل من أجل مصر خالية من مكونات الإسلام السياسى، ومن لا يرضخ لهذا التصنيف الفلولى المعتد فهو إما خلية إخوانية نائمة أو متأخون.
وفى خضم هذه الفوضى المنظمة لن تكون بعيدا عن الحقيقة لو قلت إن بقايا النظام السابق نجحوا فى احتواء واستدراج قوى ثورية إلى أرضيتها ووفق أجندتها، واستثمروا حالة الغضب والاحتجاج ضد مرسى لصالحهم، وليس لصالح الثورة.
وما كان يطرح على استحياء صار الآن يقال بصريح العبارات وأوضحها، لكنك لا تستطيع أن تلوم هؤلاء على همتهم فى تسميم الأجواء واحتلال مساحات داخل أرض الثورة، جعلتهم يتحدثون باسمها بمنتهى الثقة، بل اللوم كل اللوم على من يفترض فيهم أنهم معسكر الثورة الحقيقى، من سلطة لم تنجح حتى هذه اللحظة فى إجراء مصالحة وطنية تقوم على مبادئ وأهداف يناير، ومعارضة تركت نفسها نهبا للثأرات الشخصية والأحلام الذاتية، فلم تعد تجد غضاضة فى مجاورة ومشاركة أطراف تغلف كراهيتها الدفينة للثورة بمظاهر احتجاج على أخطاء جسيمة وقع فيها النظام.
"وائل قنديل" يكتب مبارك زعيما للمعارضة
Mahmoud Omar
Thu, 18 Apr 2013 23:30:00 GMT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى