هذه هى المرة الأولى فى تاريخ الثورات التى يوجه فيها نظام اغتصب السلطة بانقلاب عسكرى نداء أو طلبا للشعب الثائر المتواجد فى الميادين والشوارع بأن يفض الميادين ويخليها مقابل عدم القبض عليهم أو ملاحقتهم، فالنداءات التى توجهها وزارة داخلية الانقلاب للمعتصمين فى الميادين بإخلاء الشوارع والساحات مقابل عدم ملاحقتهم هو أمر ليس مضحكا بل يظهر الغيبوبة التى تتمتع بها الداخلية ونظام الانقلاب وأن الاختطاف الذهنى الحقيقى هو للمغيبين فى وزارة الداخلية عن واقع الشعب الثورى الموجود فى شتى أنحاء مصر،
فهؤلاء الناس خرجوا حاملين أرواحهم على أكفهم حتى يستعيدوا ثورة 25 يناير ومكاسبها وقد قدموا حتى الآن ما يقرب من خمسمائة شهيد وآلاف الجرحى دون أن يفت ذلك فى عضدهم بل على العكس تماما أدت هذه الدماء الطاهرة التى سالت إلى تعاطف وخروج عشرات الآلاف من المصريين معهم، ولأن الثورات على مدى التاريخ ليست دعوة الناس للخروج ساعتين من أجل التصوير مثلما حدث فى 30 يونيو ثم عودتهم للنوم فى بيوتهم أو الاستمتاع بشواطئ الساحل الشمالى وإنما هى فعل ممتد على مدى أشهر وسنوات يخلع نظاما بائدا دكتاتوريا ويقيم نظاما جديدا يقوم على العدل والمساواة والطهارة والنقاء، يقضى على الفساد والفاسدين، ويقيم مجتمعا يقوم على الإنصاف وخدمة الشعب وليس نهبه لذلك فإن ثورة 25 يناير لم تكن الأيام التى قضاها المصريون فى ميدان التحرير حتى سقوط مبارك ولن تكون الأيام التى يقضونها الآن فى ميادين مصر يدافعون عن المكتسبات التى حققوها خلال عامين ونصف من الثورة.. وأهمها أن يكون صندوق الانتخاب هو المرجع الرئيسى لممارسة الحقوق السياسية، وأن يكون الدستور الذى صوت لصالحه ما يقرب من ثلثى الناخبين هو المرجع الرئيسى لنظام الحكم، وأن يكون الرئيس المنتخب هو الرئيس الشرعى كما جاء بالصندوق يذهب بالصندوق، هؤلاء الذين يملئون الشوراع من كل الأعمار ومن كل أطياف الشعب المصرى ومن كل مستوياته الاجتماعية، لقد التقيت مع عائلات فقدت أبناءها فى أحداث الحرس الجمهورى كلهم قالوا لقد دفنا أبناءنا وعدنا، وكثير من هؤلاء كان يوجد واحد منهم فقط فى ميدان رابعة، عادت العائلة بأكملها لتقيم فى الميدان حتى تسترد حق ابنها الذى قتل بل فى كثير من الأحيان جاء معظم أبناء القرية أو الأقارب وأقارب الأقارب، يجب على علماء الاجتماع وعلم النفس والخبراء أن يدرسوا التغير الهائل الذى حدث فى الشعب المصرى لاسيما عند هؤلاء الذين مات لديهم الخوف من المعتصمين فى الميادين، والذين أصبح همهم أن تنجح الثورة التى اندلعت فى يناير 2011 مهما كان الثمن لأن العودة إلى حكم العسكر تعنى عودة مصر إلى الوراء مئات السنين وهم لن يسمحوا بذلك، لقد خرج الناس فى موجة جديدة من المد الثورى، ولن يعودوا حتى تتحق مطالبهم وإن أجبروا على ترك الميادين اليوم سوف يعودون لها غدا فى موجة جديدة من المد الثورى وهكذا الثورات موجة بعد موجة حتى تقتلع جذور النظام الفاسد ولو بعد حين.
أحمد منصور يكتب: فض الثورة المصرية
Samira Amir
Tue, 06 Aug 2013 08:14:00 GMT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى