تحليلات، ونظريات، وشائعات كثيرة إنتشرت في مختلف وسائل الإعلام تناولت أسباب غياب الإعلامي باسم يوسف عن الشاشة، البعض قال إن البرنامج أوقف نهائياً لأنه أدى دوره المطلوب في إسقاط الإخوان وتشويه صورة تيار الإسلام السياسي، والبعض الآخر قال بأن هناك تعليمات أمنية تمنعه من الظهور على الهواء في ظل موجة من تكميم الحريات الإعلامية تشهدها مصر، وباسم صامت، والقناة لم تعلق.
وحسب تقرير لـ " ايلاف " .. فقبل الدخول في أسباب غياب باسم، كان لا بد من رصد سلوك مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي المصريين في هذه المرحلة والوقوف على التغييرات التي طرأت عليها، فبرنامج "البرنامج" كان يستمد نجاحه من الإعتماد على نبض الشارع ويستوحي الكثير من مادته مما يتم تداوله عبر وسائل التواصل الإجتماعي، فكان لسان حال الناس، ومرآة للواقع السياسي والإجتماعي، ومع أخذ هذا في نظر الإعتبار، هناك سؤال مهم يطرح نفسه، لِمَ لم نجد نكتة أو كاريكاتيراً يهزأ من السيسي على مواقع التواصل الإجتماعي على عكس ما كان يحدث سابقاً؟ حيث طغت بعد ثورة يناير موجة سخرية عارمة عبر مواقع التواصل الإجتماعي لم يسلم منها سياسي أو عسكري أو إعلامي أو شخصية عامة، الكل نال حصته، إلا السيسي الذي يبدو أنه محصن بقرار شعبي، فبإستثناء بعض صفحات الإخوان التي تشتمه، لا تكاد تجد سخرية منه أو من خطاباته أو من مواقفه بشكل عام، وحدا بنا هذا الى طرح سؤال عبر تويتر وفيسبوك عن سبب هذه الظاهرة، هل هو بفعل الخوف، أم الإحترام، أم لأنه لم يقم بما يستحق السخرية حتى الآن؟
وجاءت الأجوبة متفاوتة البعض قال بأنه لم يقم بما يستحق السخرية، والبعض الآخر رفض فكرة السخرية من عسكري حفاظاً على هيبة الجيش، والبعض الآخر رأى أنه يستحق المحاكمة لا السخرية بسبب ما إرتكبه من جرائم بحق الإخوان.
ولا ينكر أي متابع للشأن المصري بعد ثورة 30 يونيو أن هناك مكارثية مصرية جمعية ناشئة عن الخوف من عودة الإخوان للتحكم بمقدرات البلد ومصائر الناس، ومن إرهاب الإسلام السياسي والتطرف الذي كبرت شوكته في مصر، والتقدير لدور السيسي في إنقاذ البلد، هذا الدور الذي منحه شعبية كاسحة جعلته فوق النقد أو السخرية، وكل من يقترب منه أو يحاول الدفاع عن الإخوان، أو يتحدث عن حقوق الإنسان تهمه جاهزة، ويتم إغتياله معنوياً دون رحمة. وبالتالي في ظل هذه الأوضاع هل يكون باسم يوسف ظاهرة طارئة على المشهد لمع عندما كان مهيئاً لذلك وإختفى عندما لم تعد الظروف مهيئة لذلك، رغم إعتقاد كثيرين بأنه أسس لمدرسة جديدة وجريئة في النقد السياسي الساخر.
وجاءنا الجواب من باسم يوسف على جميع تساؤلاتنا هذه عندما أعاد تغريد ثلاثة تغريدات كتبناها على تويتر تحلل موقفه، وتلقي الضوء على الأسباب -التي نعتقد- أنها وراء غيابه حتى الآن، وذلك بعد دراسة غالبية الردود التي وردتنا على تساؤلنا الأول حول سبب عدم السخرية من السيسي إسوة بغيره، وخلصنا الى نتيجة واحدة وهي أن ذلك سببه الخوف، ولا نقصد هنا الخوف من بطش السيسي شخصياً ، وإنما الخوف من حب الناس للسيسي، فالسخرية منه عمل مرفوض ومن يسخر منه يصنف فوراً بأنه خائن، أو طابور خامس، أو خلايا نائمة.
لذا وجد د. باسم يوسف نفسه في ورطة، لأن الناس التي رفعته الى سماء النجومية العالمية وليس المحلية أو العربية فقط، عندما سخر من الإخوان، ستخسف به الارض لو إقترب من السيسي. وإن لم يقترب باسم يوسف من السيسي سيبدو منافقاً أولاً، ولن يجد مادة تحقق له نسب مشاهدة عالية ثانياً، فبالتالي لن يجد من يمول برنامجه عالي التكاليف، وسيخسف به الجمهور الأرض كذلك.
أعاد باسم تغريد ما كتبناه لأكثر من مليوني متابع له، وقال لنا في رسالة خاصة بأنه أعاد التغريد لأن ما كتبناه هو أقرب تحليل للواقع، وكانت ردود الأفعال كثيرة ووصلتنا مئات التغريدات التي تفاعلت مع الطرح، فالبعض رأى أن الوقت ليس مناسباً للسخرية فمصر تخوض حرباً ضد الإرهاب، والبعض الآخر إتهم باسم بالتناقض والجبن وبأنه كان أداة أدت دورها على أكمل وجه، لكن رد عليهم آخرون بأن باسم سبق له وإنتقد المجلس العسكري، والمشير طنطاوي فلا يعقل أن يكون الخوف من السلطة سبباً لغيابه، ورأى متابعون آخرون أن هناك مواد دسمة كثيرة يمكن لباسم العمل عليها، فليس مضطراً للسخرية من السيسي مباشرة وإنما يمكنه أن يستهدف رئيس الجمهورية الموقت عدلي منصور ورئيس الحكومة حازم الببلاوي بسخريته وعمل إسقاطات غير مباشرة من خلالهما على السيسي، والبعض الآخر طالبه بأن يكون شجاعاً ويستمر بما بدأه. والبعض أكد أن ما فعله قادة الإخوان وإعترافاتهم بعد القبض عليهم ومنظرهم حين القبض عليهم يكفي باسم يوسف لموسم كامل، والغالبية هاجمتنا وهاجمته لمجرد طرح فكرة السخرية من السيسي للنقاش.
وكانت جريدة الأهرام قد نشرت خبراً قبل بضعة أيام قالت فيه نقلاً عن "مصدر" من العاملين في البرنامج يفيد بأن البرنامج موقوف بطلب من جهة أمنية، وأشار المصدر للصحيفة إلى أن باسم وفريقه حاولوا الإعداد لاستمرار البرنامج بعد عيد الفطر إلا أن مصادر أمنية طالبت القناة بتوقيفه للمصلحة العامة لأن الفترة الحالية لا تتطلب إفساد وحدة الشعب أو التأثير عليها. وأشار نفس المصدر إلى أن باسم يفكر في تقديم “توك شو” مختلف يكون غالباً عليه الجانب الاستعراضي والغنائي. ولكن الفكرة لم يتم بحثها بشكل رسمي مع إدارة القناة.
وعلمت إيلاف أن باسم كان من المفترض أن يجتمع يوم الخميس المقبل مع فريق عمله لكن وفاة والدته ظهر الأمس بالتأكيد ستؤجل كل شيء لحين إنتهاء باسم من فترة حداده.
بعد كل ما سبق كان لابد من الإتصال برجل الأعمال محمد الأمين مالك مجموعة قنوات سي بي سي، لنقف على رأيه في كل ما يقال، ومعرفة الأسباب الحقيقية لعدم عودة برنامج "البرنامج" حتى الآن، وهو الذي كان يدر أرباحاً عالية جداً للقناة، حيث أن الفواصل الإعلانية فيه كانت تصل مدتها الى 20 دقيقة أو أكثر أحياناً بشكل كان يزعج المشاهد.
الأمين قال في تصريح خاص لـ "إيلاف" أن الإعلامي باسم يوسف يمكنه تقديم برنامجه الساخر "البرنامج" في أي وقت، مشيراً إلى أنه لا يملك سوى تقديم العزاء له بعد وفاة والدته السيدة نادية أمس.
وأضاف أن البرنامج لم يمنع من العرض على قناة سي بي سي كما تردد، مشيراً إلى أن البرنامج توقف بسبب الإجازة التي حصل عليها باسم خلال شهر رمضان، وبعدها لم تكن عودته في موعده ممكنة بسبب تخصيص فترة البث بالكامل لتغطية أحداث فض إعتصامي رابعة والنهضة، وما تبعها من أعمال عنف.
ونفى الامين وجود أي ضغوط أمنية على القناة لوقف البرنامج ومنع عرض حلقاته، مؤكداً على أن ثورة 30 يونيو جاءت من أجل الحرية للجميع، ومنع البرنامج يتعارض مع هذا المبدأ الهام للثورة، وأكد على إمكانية تقديم البرنامج في أي وقت حال ما سمحت الحالة النفسية للإعلامي الساخر بذلك. وأكد الأمين على أن شائعات منع "البرنامج" لأسباب أمنية أمر غير صحيح وعار تمامًا من الصحة، مشيرًا إلى أن باسم يوسف اعلامي متميز ووجوده عبر شاشة القناة يضيف لها. وكذلك نفى وجود أية عوائق مادية تحول دون عودته.
وأوضح أن القناة تحرص دوماً على مراعاة الجانب الإنساني مع إعلامييها كلهم، وليس باسم فقط خاصة أن الإعلاميين يحملون مسؤولية كبيرة خلال ظهورهم على الشاشة لذا لا بد من إحترام رغبتهم في الحصول على فترات للراحة، مشيراً إلى أن القناة قدرت ظروف الإعلامية لميس الحديدي، ورغبتها في الحصول على عطلة حيث عادت لمدة 3 أيام فقط قبل أن تطلب الحصول على إجازة مرة أخرى.
إذن، يبدو أن الكرة في ملعب باسم يوسف الذي يشعر بأنه متوقف بقرار الجمهور وليس بقرار جمهوري .
بوابة الشباب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى