صورة أرشيفية -
فى سوق باب اللوق يقف أحد تجار الخضر معلنا أنه "لا فصال ولا تسعيرة هنا" ومن لا يريد أن يشترى وفقًا لهذا القانون عليه أن يترك البضاعة ويمضى إلى حاله، ترضخ بعض النساء لإعلانه مع التذمر وتمضى أخريات لتستمع لنفس الجملة من تجار آخرين.
تجادله إحداهن مؤكدة أن ذلك استغلال. فيرد التاجر بأن الحكومة لا تدرى شيئا عن مصاريف النقل وخلافه، وأن كل السلع ارتفع سعرها فلما الدهشة من ارتفاع سعر الخضروات والفاكهة.
يحسم دكتور حمدى عبد العظيم الخبير الاقتصادى ورئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية سابقا، نقطة الخلاف بين التجار والمستهلكين فى أن التسعيرة "استرشادية وليست جبرية" وفقا للقانون الحالى، بالتالى فإن عدم الالتزام بالتسعيرة ليس جريمة، وليس على التاجر أي شئ فى عدم الالتزام بالتسعيرة.
ويشدد عبد العظيم على أن الحكومة يجب أن تبادر بسن قانون يضع حدا أقصى لأسعار السلع الأساسية وأن تراعى فى هذا التقدير الحالة الحقيقية للأسواق، فتأخذ فى الاعتبار الفارق بين منطقة ومصاريف النقل والتوزيع والوسطاء.
مع ذلك لا يعفى عبد العظيم التجار من المسئولية المباشرة عن ارتفاع الأسعار، قائلا "أن هامش الربح فى بعض السلع يصل إلى 600% وأخرى 200% وأغلبها من السلع الضرورية التى لا يستطيع المشترى مقاطعتها".
ويوضح عبد العظيم أن معدل التضخم من وجهة نظر الحكومة بلغ 11.7 % بينما هو فى الواقع يصل إلى 17% بسبب "جشع التجار"، ورغم ارتفاع نسبة البطالة وزيادة الكساد، كان من المفترض أن تؤديا إلى انخفاض الأسعار وفقا لنظريات الاقتصاد، لكن السوق المصرية حالة مختلفة.
ويدافع الحاج أحمد تاجر آخر بنفس السوق عن موقف الباعة قائلا أنه لا يريد رفع أسعار وأنه يفضل أن يبيع بسعر معقول وأن التجار ليسو جشعين كما يتهمهم البعض، لكن التاجر مواطن يعانى أيضا من غلاء المعيشة وارتفاع أسعار ككل الناس، وعليه فهو يقدر أسعار السلع التى يبيعها بناء على مستوى الزيادة فى الأسعار، فالتسعيرة لا تراعى أننا نفتح بيوتا ووراء كل منا بيت وأولاد، ولا لها إلا محاولة تهدئة الناس دون تقديم أى حل، كما أن السوق "حاله واقف" ولا أحد يشترى.
ويتوقع عبدالعظيم أن يلتهم غلاء الأسعار الزيادة القادمة فى المرتبات الناتجة عن رفع الحد الأدنى للأجور، قائلا :"ما أن يسمع التجار بزيادة مقبلة فى مرتبات الموظفين حتى يقوموا برفع أسعارهم" لذا يؤكد عبد العظيم أن زيادة المرتبات لن تغير من الأزمة الاقتصادية شيئا مادامت الحكومة لم تتخذ الإجراءات اللازمة لضبط الأسواق.
ويطرح رضا عيسى الباحث الاقتصادى عودة المجمعات الاستهلاكية الحكومية كحل جذرى لأزمة غلاء الأسعار، قائلا إن القرارات على الورق لن تغير شيئا فدائما يجد التاجر وسيلة للتحايل على القرار. ويوضح عيسى أن هذه المجمعات يمكن أن تعمل بنفس طريقة عمل الهايبر ماركت، فتطرح أرففها للشركات والمصانع لعرض أسعارهم مقابل إيجار، من جهة تستطيع هذه المجمعات أن تدر دخلا سريعا للحكومة المأزومة اقتصاديا، ومن جهة أخرى ستطرح السلع بأسعار معقولة تنافس أسعار السوق الرأسمالى الذى يزيد توحشا كل يوم.
يتفق مع هذا الطرح عبد العظيم، مؤكدا أن عودة المجمعات الاستهلاكية ستوجد للمستهلك بديل دائم يحميه من جشع التجار، كما أن زيادة إقبال الناس على المجمعات الاستهلاكية والجمعيات التعاونية سيجبر التجار فى السوق الحر على الالتزام بهامش ربح مقبول وستجعل تدخل الدولة فى الأسعار بشكل عملى وواقعى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى