في الوقت الذي أكد فيه عدد من المحامين والنشطاء داخل مصر وخارجها، تقدمهم إلى المدعي العام لويس مورينو أوكامب..
مسؤول التحقيق والملاحقة القضائية لمرتكبي جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية والإبادة، بمجموعة تقارير تضمنت وقائع رئيسية، بدايةً من أحداث الحرس الجمهوري، والتي يرى فيها الادعاء عملية إبادة جماعية لجموع المصلين أمام دار الحرس الجمهوري، مرورًا بأحداث المنصة وفض اعتصامي رابعة والنهضة وأحداث المنصورة وسيدي بشر بالإسكندرية، ونهاية بمجازر جامعة الأزهر، يرى البعض الآخر صعوبة في إتمام المحاكمة الدولية لمرتكبي تلك الوقائع، بزعم أن مصر ليست شريكاً في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
تعريف الجنائية الدولية
الدكتور عبد الفتاح منصور، أستاذ القانون والمتخصص في شؤون جماعات العنف السياسي، أوضح أن المحكمة الجنائية الدولية هي مؤسسة دولية دائمة، أنشئت بموجب معاهدة أطلق عليها اسم "النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية" في عام 1998م.
وأفاد بأن الغرض منها التحقيق ومحاكمة الأشخاص الذين يرتكبون أشد الجرائم خطورة، ووضعهم موضع الاهتمام الدولي، وذلك وفقًا لنص المادة الأولى من نظام روما الأساسي، وتضم جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
وأشار إلى أن المحكمة قائمة على معاهدة ملزمة للدول الأعضاء فيها فقط، حيث إنها لا تعد كيانًا فوق الدول، كما أنها ليست بديلاً عن القضاء الجنائي الوطني، وإنما هي مكمل له، وقد بدأ سريان العمل بالنظام الأساسي في عام 2002م.
جواز التدخل
يجوز عند ارتكاب جريمة من الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة، فإن المجني عليه أو من له مصلحة في الإبلاغ عن تلك الجرائم، سواء كان فرداً أو جماعة أو منظمة أو حزب أو دولة، فإنه يتقدم بادعائه إلى المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، مرفقاً بها أدلة الإثبات على وقوع الجريمة، وفي تلك الحالة يقوم المدعي العام بجمع الأدلة بصفة مبدئية.. هكذا وصف الدكتور عبد الفتاح منصور، آلية تدخل المحكمة.
وأضاف: "بعدها يعرض الأمر على الدائرة الأولى للمحكمة والمشكلة من قاض أو اثنين أو ثلاثة قضاة، وتقرر الدائرة بعد فحص الأوراق ما إذا كانت الأدلة كافية على النحو الذي يسمح بالبدء في التحقيقات، تمهيداً لتحريك الدعوى أمام المحكمة، ويتطلب اتخاذ تلك الخطوة ما يلي:
أولاً: أن تكون الجريمة المدعىَ بها من الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة.
ثانياً: أن تكون الدولة التي ينتمي إليها المدعي أو الدولة التي ارتكب على إقليمها هذه الجريمة، دولة عضوًا في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
ثالثاً: ألا تكون الدولة التي ارتكبت الجريمة على إقليمها قد قامت بمحاكمة الجناة، حيث إن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، اختصاص مكمل للقضاء الجنائي الوطني، أما في حالة ما إذا كانت الدولة التي ارتكب على إقليمها هذه الجرائم ليست طرفاً في النظام الأساسي للمحكمة، فإن المدعي العام لا يملك إقامة الدعوى أمام المحكمة، ولكن يجوز للشاكي أو المجني عليهم، اللجوء إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار من المجلس بإحالة الدعوى إلى المحكمة الجنائية، وفي تلك الحالة تدخل الدعوى في اختصاص المحكمة، ولها الحق في إجراء محاكمة ومعاقبة وملاحقة الجناة.
تسييس الجنائية الدولية
حذر منصور، من تسييس المحكمة الجنائية، حيث أكد أن مراجعة السوابق القضائية للمحكمة الجنائية الدولية، توضح أن هناك بوادر جلية لتسييس المحكمة الجنائية الدولية، وذلك لأنه في حالة عدم توافر الشروط الثلاثة لاختصاص المحكمة، فإنه يتم اللجوء إلى مجلس الأمن بالأمم المتحدة لاتخاذ قراره بالموافقة على إحالة الدعوى إلى المحكمة الجنائية الدولية أو رفض الدعوى، ويستلزم صدور قرار من مجلس الأمن موافقة الدول الخمس الأعضاء الدائمين في المجلس، وهي الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، والاتحاد الروسي، والصين، ومن حق أي دولة منها استخدام حق الاعتراض "الفيتو".
وأضاف: "بناءً على ذلك، فإن إسرائيل قد ارتكبت جرائم تتدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ضد أهلنا في فلسطين وغزة، وصلت إلى حد المجازر، وكذلك ارتكبت القوات العسكرية التابعة للولايات المتحدة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وأخرى ضد أمن البشرية في أفغانستان والعراق على مدى سنوات، ولم يحرك مجلس الأمن ساكنًا ولا يمكن تمرير قرار من مجلس الأمن إلا بموافقة الدول الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن، كما أن حق "الفيتو" قد وقف حائلاً أمام الأمم المتحدة، عندما طرحت دعوى الشعب السوري ضد بشار الأسد ونظامه، لقيامهم بقتل عشرات الآلاف من أبناء الشعب السوري، وذلك بعد تهديد كل من روسيا والصين باستخدام حق الفيتو أمام أي قرار بإحالة الأسد وكبار رجال الدولة في سوريا إلى المحاكمة عما ارتكبوه من جرائم أمام المحكمة الجنائية الدولية.
القضية المصرية
بالنسبة للحالة المصرية، قال منصور إن هناك عائقاً يتمثل في أن مصر ليست طرفاً في النظام الأساسي للمحكمة، ومن ثم فإن الطريق الوحيد لاختصاص المحكمة بأي دعاوى ارتكاب جرائم، تدخل في اختصاص المحكمة على الإقليم المصري، لابد من اللجوء إلى مجلس الأمن بالأمم المتحدة لاستصدار قرار بإحالة الدعوى إلى المحكمة الجنائية الدولية كما حدث في السودان وليبيا.
وتابع: "لكن ذلك يتطلب موافقة الدول الخمس الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن الدولي مجتمعة، وهو الأمر الذي أعتقد أنه سيكون قراراً سياسياً بالدرجة الأولى، وسيتأثر بعلاقة الدول الأعضاء الدائمة، وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الروسي وعلاقة كل منهما بأطراف الدعوى.
أحكام سابقة
من جانبه، أوضح الدكتور أحمد ثابت، المتخصص في القضاء الجنائي الدولي، أن هناك سوابق للمحكمة الجنائية الدولية عندما تقدم أهالي بعض قرى إقليم دار فور في شمال السودان، بدعوى ضد نظام الرئيس السوداني عمر البشير واتهموه بتقديم الدعم والمساندة المادية والعسكرية واللوجستية لقبائل الجنجاويد، ومساعدتهم في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والقتل والاغتصاب وجرائم أخرى ضد الإنسانية.
وأضاف: برزت آنذاك عقبتان، الأولى أن دولة السودان ليست طرفاً في النظام الأساسي للمحكمة، وثانياً أن السودان قامت سلطاتها القضائية بإجراء التحقيقات اللازمة في هذه الجرائم، وقدمت المتهمين إلى القضاء السوداني، والذى قضى بمعاقبة عدد من الحكوميين في تلك الجرائم، لكن المحكمة الجنائية اعتبرت أن تلك المحاكمات صورية، وأنها لم تقدم الجناة الحقيقيين أو كبار مسؤولي الدولة الذين كان يجب مساءلتهم عن الجرائم التي تم ارتكابها في إقليم دارفور.
وبالنسبة لكون السودان دولة ليست عضوًا في النظام الأساسي للمحكمة، فقد لجأت المحكمة إلى مجلس الأمن، حيث أصدر قراراً بإحالة القضية إلى المحكمة، وقد انتهت المحكمة إلى إدانة عدد من كبار رجالات الدولة في السودان، وعلى رأسهم الرئيس السوداني عمر البشير، وأصدرت قراراً بتوقيفهم، ولكن لم يتم تنفيذ تلك القرارات حتى الآن، وذلك لأن الصادر بحقهم قرارات التوقيف لم يتواجدوا على إقليم أي دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية.
وتابع: "على نفس الشاكلة قدمت الحكومة الأوغندية، دعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية في عام 2004، طالبت فيها بمحاكمة قادة وعناصر ما يطلق عليه "جيش الرب"، وهي ميليشيات مسلحة ارتكبت جرائم قتل واغتصاب وجرائم ضد الإنسانية في الإقليم الشمالي لأوغندا، وما زالت القضية متداولة أمام المحكمة".
وأشار إلى أنه على النقيض مما سبق عند انتفاض الشعب الليبي الشقيق ضد النظام الاستبدادي لمعمر القذافي في عام 2011، شهدت ليبيا جرائم قتل واغتصاب وجرائم ضد الإنسانية بمعرفة كبار مسؤولي الدولة والقادة العسكريين ضد الثوار، وعند تقدم الليبيين بشكواهم أمام مجلس الأمن، وافق المجلس بمن فيه الأعضاء الدائمون على إحالة القذافي وكبار مسؤولي الدولة إلى المحكمة الجنائية الدولية، لكن عندما تقدم البعض بشكوى ضد السنوسي وسيف الإسلام القذافي لارتكابهما جرائم ضد الإنسانية، رفضت الحكومة الليبية المؤقتة طلب مجلس الأمن بتسليمهما لمحاكمتهما، وعللت ذلك بأنها ستقوم بمحاكمتهما أمام القضاء الوطني الليبي، واعتبرت ذلك مانعاً يوقف اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.
وكان رضا فهمي رئيس لجنة الأمن القومي والعلاقات الخارجية بمجلس الشورى السابق، أكد أن هناك تفاصيل تتعلق بملف المحاكمات الجنائية الدولية والملاحقة القانونية لـ"الانقلابيين في مصر"، وعلى رأسهم الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع.
وقال في تصريحات سابقة، إنهم يتحركون في الملف القانوني على مستويين، الأول متعلق بالمحكمة الجنائية الدولية، وهي الباب الأقرب لإصدار قرارات تدين الانقلابيين، عبر الأمم المتحدة.
وأضاف أن المحامي الدولي ماك ماكدونالدز، تقدم بمجموعة تقارير بعضها عام فيما يتعلق بالانتهاكات التي طالت رافضي الانقلاب، وبعضها نوعي حول أوضاع المرأة والطلاب والأطفال، وجارٍ استكمالها في غضون أيام، لتكون محور الإدانة، لكل من تلطخت يداه بدماء المصريين.
والمسار الثاني، الذي تم بالفعل البدء فيه، وهو اتخاذ خطوات قانونية بمساعدة عدة دول تسمح قوانينها بمحاكمة وإدانة متورطين في جرائم ضد الإنسانية من غير مواطنيها، حيث قمنا بالفعل بإقامة العديد من القضايا أمام هذه الدول من قضاة وإعلاميين وصحفيين وأفراد في الشرطة والقوات المسلحة، وأوضح أنه جارٍ توثيق أسماء الضباط الذين شاركوا في أحداث المجازر، إلا أنهم لن يعلنوا عن أسماء هؤلاء، بحيث يمكن إدانتهم في هذه الدول، وفي حال سفرهم لأي دولة من هذه الدول يتم إلقاء القبض عليهم فيها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى