في مصر على حسب مقدار قدرتك على التنازل تتسع مساحتك في النجاح، ومن أجل المناصب يسقي البعض الأرض بماء الوجه، بلا أي اهتمام بمسميات الكرامة والعدل والخير وتلك المباديء الفارغة الأخرى التي يتشدق بها ويعتنقها السذج والمغفلون.
في مصر وفي أحد مؤسساتها الأعرق - صوت القاهرة - وفي احد اشهر محطاتها الإذاعية تعمل "المخلصة" رئيسا للتحرير، بعد مشوار طويل في الإعداد التليفزيوني والإذاعي، صنعت من خلاله اسمها عبر إطلاق محطة "نجوم إف إم" ونجاحها منقطع النظير في منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة، حيث صار الجمهور يعرف اسم إيناس الشواف دون ان يراها، مع ترديد اسمها كمعدة لكل برنامج اذاعي ناجح، وعبر مجموعة من البرامج التليفزيونية الناجحة ثبتت إيناس اقدامها على الجهة الأخرى المرئية، وصارت القنوات تتسابق من أجل استقطابها للعمل معها خاصة في الموسم الرمضاني.
وبرأس مرفوعة لم يعتدها نجوم الوسط الفني، وبحرص حقيقي على الاسم وتلك المباديء الفارغة مثل الكرامة والشرف والعدل نجحت الشواف في جذب كبار النجوم إلى البرامج التي تعدها، رافضة مباديء وسط اعتبر الحصول على نسبة من أجر النجم حقا مشروعا، بينما اعتبرت هي مد يدها للحصول على مال في الخفاء أمرا مشينا - المدهش أنهم علمونا أطفالا أن كل ما نفعله في السر بالضرورة خاطيء ومشين -.
ومع انطلاق ثورة يناير، ونزول ميدان التحرير تعلمت إيناس الجديد، تلونت بلون الثورة القابع في روحها دون أن تدري، وخلف الحلم بالتغيير تركت محطة "نجوم إف إم" معتبرة نفسها شريكة في التغييب لسنوات طويلة على الرغم من أن عملها يتعلق بالمجال الفني دون غيره، وبروح لا تعرف الانكسار، ورأس مرفوعة خاضت تجربتها التليفزيونية في رمضان 2011 مقتحمة المجال السياسي خلال برنامج طمن أنتم" التي قدمته الفنانة بسمة على قناة "القاهرة والناس" وشرف برئاسة تحريره، ورغم كل المعوقات التي حاولت القناة متمثلة في إدارتها في تمثيل الثورة في هذا البرنامج، أدت إيناس عملها وأكثر منه، مقابل مبلغ مادي زهيد لا يتناسب مع جهدهان فقط من اجل الفكرة، وإيمانها بالتغيير، وأثناء ذلك انضمت إلى راديو "النيل" لتخوض مغامرة جديدة لمجموعة إذاعات ناشئة، تنافس "نجوم غف إم"، وخلال سنوات قليلة نجحت في مهمتها وصارت "ميجا إف إم" و"هيتس" و"نغم اف إم" قنوات مسموعة بفضل مذيعيها وإدارتها ومجهود الجندي المعروف إيناس الشواف، التي عاد اسمها يصافح أذان المستمعين مرة أخرى.
وكأنها صارت عنوانا للنجاح، منذ كانت صحفية ناشئة في منتصف التسعينيات تخطو خطواتها الأولى في عالم الصحافة، بينما كان الأخر في شارع الهرم يعمل طبالا في نفس الفترة - ليس التطبيل عيبا كمهنة لكن المشكلة أن يتحول إلى مبدأ -، قبل أن ينضم إلى إحدى الإذاعات مسئولا عن الإنتاج، ثم يترقي ويترقى بلا أي مؤهل سوى تلك المساحات من التنازل التي اتسعت حتى وصل إلى القمة في عهد صلاح عبدالمقصود، وزير الإعلام المتحرش في عهد حكم الرئيس المخلوع محمد مرسي.
ولأن "أخر خدمة الغز علقة" وبعد صراع بين الحق والظلم، وبعد محاولات متعددة لتأجير الإاذاعات الناجحة إلى شركات خاصة، اتخذت الشركة قرارها بفصل إيناس الشوف، بناء على توصية ما، واتهام أخر مرسل دون تحقيق، وكأنها إشارة اخرى لكل من آمن بالتغيير أن شيء لم يحدث، وأن الفساد مازال صاحب اليد العليا في ذلك الوطن، وأن من يرفع رأسه لا محالة من قطعها.
ولأنها كما اعتادت دائما تستقبل تلك الأحداث بابتسامة عريضة، دون أن تفكر لحظة واحدة في الانحناء، لانها لم تنحني في أزمات اشد واقوى، قررت أن تخوض معركتها حتى النهاية، وحيدة أمام كل هذا الفساد والعفن حفاظا على شيء واحد صنعته ليبقى..هو اسمها وكرامتها الذي اتربط في الوسط الإعلامي والصحفي بالبراءة والطهر و"الجدعنة".
شكرا إيناس الشواف على رأسك المرفوعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى