من زياد السنجاري
الموصل (العراق) (رويترز) - سيطر مسلحون سنة على الموصل ثاني أكبر مدن العراق في وقت مبكر يوم الثلاثاء مما أجبر قوات الأمن على الفرار في استعراض مثير للقوة في مواجهة الحكومة التي يقودها الشيعة.
وجاءت سيطرة جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام التي تستلهم نهج تنظيم القاعدة على المدينة التي يسكنها نحو مليوني نسمة بعد قتال شرس استمر أربعة أيام في الموصل وأجزاء أخرى من محافظة نينوى.
وتعهدت الولايات المتحدة التي سحبت قواتها قبل عامين ونصف العام بمساعدة زعماء العراق في "صد هذا العدوان" بينما طلبت حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي من البرلمان إعلان حالة الطوارىء.
ويسدد سقوط الموصل ضربة قوية لجهود بغداد لمحاربة المسلحين السنة الذين استعادوا قوتهم في العراق على مدى العام المنصرم فتوغلوا في الموصل الأسبوع الماضي واجتاحوا قاعدة عسكرية وحرروا مئات السجناء.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان إنها "تشعر بقلق عميق" وإن مسؤولين أمريكيين كبارا في بغداد وواشنطن يتابعون الأحداث بالتنسيق مع الحكومة العراقية والمسؤولين الأكراد وغيرهم من الشخصيات العراقية. وأضافت أن واشنطن "ستؤيد ردا قويا منسقا لصد هذا العدوان."
وقالت "ستوفر الولايات المتحدة كل المساعدة الملائمة لحكومة العراق" مضيفة أن استعانة الدولة الإسلامية في العراق والشام بالأسلحة والمقاتلين من سوريا يظهر أن التنظيم "لا يمثل تهديدا لاستقرار العراق وحسب وإنما يمثل تهديدا للمنطقة بالكامل."
ويقاتل الجيش الدولة الإسلامية في العراق والشام في غرب العراق منذ بداية العام حين اجتاح التنظيم مدينتين في محافظة الأنبار معقل السنة التي لها حدود مشتركة مع سوريا.
وفي كلمة ألقاها يوم الثلاثاء حث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي المجتمع الدولي على مساندة بلاده في معركتها ضد "الإرهاب" وطلب من البرلمان إعلان حالة الطوارىء.
وقال التلفزيون الرسمي إن رئيس البرلمان قرر عقد جلسة طارئة يوم الخميس للتصويت على إعلان حالة الطوارىء الذي يتطلب أغلبية بثلثي الأصوات.
وعلى الجانب الآخر من الحدود مع سوريا سيطر مقاتلو الدولة الإسلامية في العراق والشام على أجزاء قريبة من الحدود العراقية.
وانضم متشددون من الجماعة في العراق إلى المعارك الدائرة في سوريا مع مقاتلين أجانب آخرين. وتسعى الجماعة لإقامة دولة إسلامية من خلال ضم الأراضي التي تسيطر عليها في غرب العراق وشرق سوريا.
وقال مسؤولون بالجيش والشرطة لرويترز إن المتشددين المسلحين بأسلحة مضادة للطائرات وقذائف صاروخية استولوا على كل نقاط التفتيش تقريبا التابعة للجيش والشرطة في الموصل وحولها.
وقال عقيد بالقيادة العسكرية المحلية في الموصل "فقدنا الموصل صباح اليوم. تركت قوات الجيش والشرطة مواقعها وإرهابيو الدولة الإسلامية في العراق والشام يسيطرون على الوضع بالكامل." وأضاف "حدث انهيار تام لقوات الأمن."
وقال ضابطان بالجيش إن قوات الأمن تلقت أوامر بمغادرة المدينة بعد أن استولى المتشددون على قاعدة الغزلاني في جنوب الموصل وأخرجوا أكثر من 200 نزيل من سجن شديد الحراسة.
وأضافا أن قوات الجيش والشرطة المتقهقرة أشعلت النار في مخازن للوقود والذخيرة لمنع المتشددين من استخدامها.
ورأى مراسل لرويترز رجال شرطة يبدلون زيهم الرسمي ويرتدون ملابس مدنية وتركوا أسلحتهم قبل أن يفروا من المدينة. وتناثرت جثث الجنود ورجال الشرطة التي جرى التمثيل ببعضها في الشوارع.
وقال ضابط بالجيش "نحن لا نستطيع أن نهزمهم. لا نستطيع. إنهم مدربون جيدا لخوض قتال الشوارع ونحن لسنا مثلهم. نحتاج إلى جيش كامل لطردهم خارج الموصل."
وأضاف "إنهم مثل الأشباح ... يظهرون ليضربوا ثم يختفون في ثوان."
وقال مصدران بالشرطة ومسؤول بالحكومة المحلية إن المسلحين اقتحموا أيضا سجن بادوش مما أدى لهروب اكثر من ألف سجين وأضافوا أن أغلب السجناء ينتمون للدولة الإسلامية في العراق والشام والقاعدة.
وقال المحاضر الجامعي زهير الطائي الذي كان يحاول الفرار من الموصل بصحبة زوجته وأبنائه الثلاثة إن الرايات السوداء الخاصة بجماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام ترفرف الآن فوق معظم مباني الجيش والحكومة. وأضاف "الوضع في الموصل مأساوي."
وقال إبراهيم الصميدعي المستشار السابق للمالكي الذي اختلف معه بسبب سياساته إن على رئيس الوزراء أن يتنحى حتى يتسنى تشكيل حكومة إنقاذ وطني.
وأضاف أن سقوط الموصل عاصمة محافظة نينوى في أيدي الدولة الإسلامية في العراق والشام يعني أن التنظيم وحد الجبهتين العراقية والسورية وحقق هدفه.
ويلقي معارضو المالكي باللائمة عليه في قيادة البلاد إلى هذه الحالة. ويقولون إن رفضه اقتسام السلطة حال دون تشكيل حكومة وحدة وطنية وسمح بصعود المسلحين السنة وصنع له أعداء بين زعماء الشيعة والسنة والأكراد على حد سواء.
وتفر آلاف العائلات شمالا باتجاه منطقة كردستان شبه المستقلة المجاورة لمحافظة نينوى.
وقالت أمينة إبراهيم التي همت بالمغادرة مع أبنائها وقالت إنها فقدت زوجها في تفجير العام الماضي "الموصل الآن مثل الجحيم. إنها تحترق والموت في كل مكان."
وفي منشور طلب تنظيم الدولة الإسلامية من السنة الانضمام إليه للقتال ضد جيش المالكي.
وقالت مصادر أمنية إن المسلحين يسيطرون أيضا على منطقة القيارة قرب الموصل حيث توجد قاعدة عسكرية ومطار.
وفي محافظة صلاح الدين المجاورة اجتاحوا ثلاث قرى في منطقة الشرقاط وأشعلوا النار في مراكز للشرطة ومبان بلدية ومبان للمجالس المحلية قبل أن يرفعوا رايات الدولة الإسلامية في العراق والشام.
وقال مسلحون عبر مكبرات للصوت إن السكان والشرطة سيكونون بمأمن إذا التزموا منازلهم.
ووجه محافظ نينوى أثيل النجيفي يوم الإثنين نداء عبر شاشات التلفزيون إلى أهالي الموصل بقتال المتشددين. وقد تمكن هو نفسه بصعوبة من مغادرة مبنى المحافظة بالموصل بعد أن حاصره المسلحون في ساعة متأخرة من ليل الاثني.
ودعا أسامة النجيفي رئيس البرلمان وشقيق محافظ نينوى رئيس منطقة كردستان العراق لإرسال قوات البشمركة إلى الموصل واستعادتها من "الإرهابيين".
وقال رئيس وزراء كردستان نيجيرفان برزاني إن المنطقة حاولت التنسيق مع السلطات الاتحادية العراقية لحماية الموصل لكن موقف بغداد جعل هذا مستحيلا.
وقتل نحو 800 شخص في أعمال عنف في العراق في مايو أيار وهو أكبر عدد من القتلى يسقط في شهر واحد هذا العام.
وقالت الشرطة ومسعفون إن 20 شخصا على الأقل قتلوا يوم الثلاثاء حين انفجرت قنبلتان في مقبرة بمدينة بعقوبة على بعد نحو 50 كيلومترا شمال شرقي بغداد عندما كان مشيعون يدفنون أستاذا جامعيا قتل بالرصاص يوم الاثنين.
وقال محسن فرحان قريب الأستاذ الجامعي إن جثث المشيعين تناثرت بين القبور من شدة التفجير. وأضاف "حتى الموتى يعانون في العراق."
Reuters
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى